واقع المصارف السورية

واقع المصارف السورية

17 مارس 2015
التراجع الحاد في حجم اقتصاد سوريا ينعكس على مصارفها(Getty)
+ الخط -
وفقاً لنتائجها المالية الأولية، أظهرت المصارف السورية الخاصة التي يبلغ عددها‎ ‎‏14مصرفاً، تراجعاً بنسبة 19% من كتلة موجوداتها ‏مقاسة بالدولار عند نهاية العام الماضي.‏

ففي نهاية 2014 بلغ مجموع الموجودات في قطاع المصارف الخاصة السورية 903 مليارات ليرة سورية مقارنة بـ 766 ‏مليار ليرة في نهاية 2013، أي بزيادة نسبتها 18%.

إلا أن التدقيق في هذه الأرقام إذا قيست بالدولار الأميركي وبحسب قيمة الليرة السورية ‏في السوق عند نهاية كل عام، يبين أن موجودات القطاع المصرفي الخاص في سورية انخفضت من 5.3 مليارات دولار نهاية ‏‏2013 الى 4.3 مليارات دولار نهاية 2014، والذي يمثل تراجعاً سنوياً بنسبة 19%.‏

وبما أن الشركات الأم لكل هذه المصارف غير سورية، ست شركات منها لبنانية، ثلاث أردنية، وخمس شركات خليجية، فإن ما يهم هو العملية الحسابية بالدولار لا الليرة.

منذ عام 2010، وهو العام الذي سبق الثورة السورية، راح القطاع المصرفي السوري يتردى بشكل دراماتيكي. في نهاية ذلك العام ‏كان مجموع الموجودات في المصارف الـ 14 يقف عند حدود 644 مليار ليرة سورية، والتي كانت تعادل 13.7 مليارات دولار وفق سعر ‏الصرف حينذاك، وهذا يعني أن القطاع المصرفي السوري الخاص قد تراجع بأكثر من الثلثين خلال أربع سنوات.‏

لا يعتبر التراجع مفاجئاً في حد ذاته، فهو يعكس التراجع الحاد في حجم الاقتصاد السوري، ولكنه يشير إلى حقيقة أنه حين تنشر المصارف ‏ميزانياتها المالية بالعملة السورية غالباً ما يكون ذلك مضللاً، كما هو الحال بالنسبة للواقع الحقيقي في القطاع المصرفي.‏

من منظور الربحية، سجلت المصارف، في العام الماضي، ارتفاعاً بنسبة 41% إذا ما قيست بالليرة السورية، ولكن باعتماد الدولار ‏مقياساً، فان الأرباح انخفضت من 142 مليون دولار عام 2013 إلى 138 مليون دولار عام 2014. وحتى هذه الأرقام مضللة، والسبب أنه في الأعوام السابقة، تشكلت الأرباح نتيجة إعادة تقييم القطع الأجنبي البنيوي وليس كنتيجة ‏لأرباح تشغيلية.‏

قد تضع الحالة المتردية للمصارف إشارة استفهام حول استدامتها. يتساءل بعض هذه المصارف عن جدوى البقاء في سوق خطرة، تتقلص ‏ولا تولد ربحاً.‏ وبرغم ذلك، يبدو أن المصارف السورية الخاصة ستستمر في عملها، ‏وبالتحديد إدارة التراجع التدريجي حتى نهاية الحرب.

وهناك طبعاً عاملان اثنان يشجعانها على البقاء في السوق:‏
العامل الأول، أن دخول السوق، بالنسبة لأي مصرف، عادة ما يكون هو الجزء الأصعب، وفي حال الانسحاب الآن، فإن العودة إلى ‏السوق عند انتهاء الحرب ستكون عملية صعبة ومكلفة.
 
العامل الثاني، ناجم في واقع الأمرعن ضعف هذه المصارف، بعدما أصبحت فروعها في سورية صغيرة لدرجة لم ‏يعد معها وزنها هاماً في الميزانية العمومية لشركاتها الأم.
(محلل اقتصادي سوري)

إقرأ أيضا: تقدم الصناعات البتروكيماويات الكويتية