بازار الملائكة

بازار الملائكة

16 مارس 2015
+ الخط -
تتميّز أعمال الفنّان المصري خالد حافظ، بالدمج بين التراث المصري الفرعوني ورموزه مع رموز أخرى مستمدّة من فوران العصر الذي نعيشه.
ومن خلال استعمال كل ما تتيحه التقنيّات الجديدة في الرسم والتصوير والتركيب، يؤلّف لوحة مشبعةً بالرموز والشعارات. وتستلهم أعماله "نظرية العلامات" للفيلسوف الفرنسي جان بودريار، التي تميّز بين ثلاثة أطوار للعلامة.
يأخذ خالد ممّا هو معاصر وحاضر بقوّة وكثافة في لغة الميديا الغربية، إذ نجد في لوحته على الدوام، الأشخاص بأجساد فائقة الاكتمال والدقّة والقوّة، التي تشعّ برسالة تقول بالجسد المثال، وتعلي من قيمته إلى حدّ يبدو فيه الجسد البشري حاملًا لـ "علامة" المجد.
في لوحته "بازار الملائكة" يرسم خالد طائفة من البشر المجنحين، المحلقين في سماء زرقاء ساطعة، تشوبها شهابات متناثرة ومنحنية، لتتلاءم مع الأرض التي تظهر كنصف دائرة، وتشغل الثلث السفلي من اللوحة.
الأرض خضراء زرقاء في طبقتها الأولى، لكنّها تشفّ رويدًا رويدًا، لتفصح عن مجموعة من الخطوط العمودية التي تبدو للوهلة الأولى متوازية ومستقيمة. بيد أن تدقيقًا بسيطًا فيها، يشير إلى أنها أدنى إلى آثار السوائل، لكأنّها تشبه دماءً ملونة.
وعند النظر إلى الأشخاص المحلقين في اللوحة، تبرز موضوعة الهجرة والسفر بشكل مباشر، من خلال ملاكين اثنين شبه متناظرين، يحمل كل منهما حقيبتين حمراوين بيديه، ويفرد ذراعاه دلالةً على نوعٍ من التوازي مع الأجنحة، الأمر الذي من شأنه إبراز ذاك التوق للطيران.
يميل خالد حافظ إلى لعبة التكرار، إذ إن "الشخصيّات" التي يعمل عليها، تتكرر في غير ما لوحة. فالرجل الرياضي القابع في إحدى الزوايا السفلية للوحة، يظهر كثيرًا في رسومات خالد. لكنّه هنا يخالف باقي الشخوص، من حيث يقرفص على الأرض بوضعية العدّاء الرياضي الذي يستعدّ للانطلاق. وثمة في اللوحة أيضًا راقصة باليه، تزيد من التركيز على حالة التوق للطيران الطاغية في هذه اللوحة السمائية الأرضية.
يقول خالد عن أسلوبه "خلال الأعوام التي تلت عودتي إلى مصر كنت أراوح ما بين المفهوم الغربي والمصري في بناء اللوحة. كنت أقتطع صوراً وعناصر من الإعلان المعاصر وأخرجه من سياقه كي أضعه في سياق جديد، مستعيناً بعناصر حيوانية، ورموز مصرية قديمة، محاولاً في الوقت نفسه من خلال السطح كسر هذا الحاجز ما بين الشرق والغرب، أو بين الماضي والحاضر في آن معاً، وكنت في ذلك كمن يمارس نوعاً من اللعب، بتحطيمي لتلك الحواجز، وترقبي لما سيحدث أو ما سينجم من اختلاطها واقترابها في حيز اللوحة".

المساهمون