بدائل محلية لتغذية العراقيين بالكهرباء

بدائل محلية لتغذية العراقيين بالكهرباء

27 يوليو 2015
انقطاع التيار الكهربائي مستمر (فرانس برس)
+ الخط -
يعاني العراق من أزمة طاقة، تحرم شعبه من التزود بالتيار الكهربائي. وبالرغم من أن العراق بلد نفطي، إلا أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي تسيطر على المشهد العام. مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقارب 50 درجة خلال فصل الصيف، يحتاج المواطنون إلى وسائل تبريد متعددة، ما دفع مجموعة شبابية إلى تأمين التيار الكهربائي بأسعار رمزية، في مبادرة لحل أزمة الكهرباء في بغداد.

فشراء مولدات كهربائية وتوزيع خطوط تغذية إلى المواطنين من الأمور التي اعتاد عليها العراقي منذ سنوات، لكن ما يميز مشروع المجموعة الشبابية "الخط الذهبي"، أن تأمين التغذية الكهربائية لم يكن بهدف الربح، بل البحث عن حل بديل لأزمة الكهرباء.

الخط الذهبي
يقول رئيس مجموعة الخط الذهبي، علي عبد الله في حديث لـ "العربي الجديد"، إن المجموعة تضم ثلاثة شباب، "حيث بدأنا العمل معاً عبر وضع رأسمال بسيط لشراء مولدات كهربائية، وتوفير الطاقة الكهربائية لعدد من الأحياء السكنية في العاصمة بغداد". ويضيف: "تنصبّ مهمة المجموعة على شراء مولدات عملاقة ذات سعة إنتاجية كبيرة، بغرض تزويد الأحياء السكنية بالطاقة الكهربائية". ويضيف عبد الله: "بدأنا العمل بمولد صغير ينتج نحو 500 أمبير، والآن نمتلك نحو 20 مولداً عملاقاً نزود بها العاصمة بغداد، بالطاقة ".

ويتابع عبد الله: "يعاني العراق من أزمة كهرباء، بسبب فشل السياسات الحكومية في معالجة هذه الأزمة، الأمر الذي دفعنا نحو تأمين بدائل لمساعدة المواطنين".

اقرأ أيضا: الخارطة الاستثمارية في العراق: الأرباح تنتظر المشاريع

ويشير إلى أن "المجموعة بدأت عملها، بعد تأسيس شركة أطلقنا عليها اسم الخط الذهبي، ونقصد به توفير الكهرباء لمدة 24 ساعة، في المحال التجارية والأسواق وكذلك في الأحياء السكنية. وعندما طرحنا الفكرة، استجاب معظم المواطنين، خاصة في ما يتعلق بالاشتراكات الصباحية، إذ إن موزعي الكهرباء لا يشغلون مولداتهم إلا في الفترات المسائية"، بحسب عبد الله، "فيما يطالب التجار بتأمين التيار الكهربائي في الفترات الصباحية"، ومن هنا تبلور معظم الفكرة.


وعن الأسعار، يقول عبد الله إن "الخط الذهبي يوفر الكهرباء، على مدار الساعة، بسعر يصل إلى 20 دولارا شهرياً".

وعن تشغيل الأيادي العاملة في المولدات المنتشرة في أسواق بغداد، يشير إلى أن "شركة الخط الذهبي تمتلك الآن ما يقارب 20 مولداً عملاقاً داخل أحياء العاصمة، حيث يعمل على كل مولد ما يقارب 4 موظفين".

وفي ما يتعلق برأسمال الشركة، يقول عبد الله "اليوم، وصل رأس مال الشركة إلى أكثر من مليون ونصف المليون دولار، بحيث بتنا المشغلين الرئيسيين في العاصمة، وارتفاع هامش الأرباح يعود بالدرجة الأولى إلى الأسعار التنافسية والرمزية التي نقدمها للمواطنين".

غياب الدولة
ويشير تقرير "خطة التنمية الوطنية للسنوات 2010-2014" الذي وضعته وزارة التخطيط العراقية في كانون الأوّل/ديسمبر 2009، إلى أن معدل توليد الطاقة الكهربائية الوطنية في العراق بلغ ما يقارب 2958 ميغاواط في مرحلة ما قبل حرب الخليج الثانية عام 1990. وقد بدأ عجز توليد الطاقة بالتزايد بسبب الحروب والحصار الاقتصادي وتوقف الخطط التنموية وزيادة الاستهلاك. وبلغت طاقة الإنتاج المتحققة كمعدل سنوي 3409 ميغاواط بنسبة عجز مقدارها 27%".

استمر التدهور في حالة الطاقة الكهربائية خلال الاحتلال الأميركي، حيث بلغ معدل توليد الطاقة الكهربائية في عام 2004 حوالي 3828 ميغاواط، وارتفع إلى 4526 ميغاواط عام 2008، في حين ارتفع حجم الطلب من 5442 ميغاواط عام 2004 إلى 10000 ميغاواط عام 2008.

ويرجع سبب انخفاض حجم القدرات الإنتاجية من الطاقة الكهربائية إلى عمليات التخريب والتدمير التي لحقت بالمنظومة الكهربائية والمنشآت التابعة لها، إضافة إلى السلب والنهب اللذين طاولا معظم المنشآت الاقتصادية بعد عام 2003، وتدهور الأمن وعدم الاستقرار بالنسبة للعاملين في هذا النشاط الحيوي. وكذلك إلى عدم وصول الوقود والمشتقات النفطية إلى معظم مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية، إضافة إلى صعوبة الحصول على الأدوات الاحتياطية اللازمة لإدامة عمر المحطات ومنشآت إنتاج الطاقة.


ويقول الخبير الاقتصادي العراقي أحمد العلي، لـ "العربي الجديد"، إن قصة نجاح الشباب الثلاثة في مجال الطاقة الكهربائية تأتي من التخطيط السليم في تنفيذ المشروع، إذ "ليس من السهل الدخول في مجال الاستثمار في الطاقة الكهربائية، دون معرفة حاجة المواطن". ويؤكد أن الشبان تمكنوا من توفير الكهرباء على مدار الساعة وبأسعار تنافسية، إثر غياب التخطيط من قبل المعنيين في الدولة، فشركة الكهرباء، منذ عام 2003 لم تنفذ أي مشروع يتعلق بتحسين الطاقة الكهربائية".

إلى ذلك، يشير العلي إلى أن أزمة الطاقة الكهربائية لن تستقر في العراق حتى 2025، فالعراق أنفق ما يقارب 45 مليار دولار على قطاع الكهرباء ولم يفلح في توفير الكهرباء، وفي حال بقاء الوضع السياسي والأمني، والفساد على حاله، فإن الحلول التي تطلقها وزارة الكهرباء لحل الأزمة لن تبصر النور.

المساهمون