محاولات للنهوض بقطاع النخيل في العراق

محاولات للنهوض بقطاع النخيل في العراق

29 يونيو 2015
تراجع الإنتاج العراقي في السنوات الماضية (Getty)
+ الخط -
يعتبر العراق من الدول الكبرى المنتجة للتمر في الوطن العربي، ولكن ما مر على البلاد من حروب حوّلها من دولة مصدّرة إلى مستوردة. يقول وكيل وزارة الزراعة العراقي، ضمد القيسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مستويات الإنتاج والتصدير للتمر تراجعت خلال السنوات السابقة، بسبب عوامل التجريف التي طالت مواقع تواجدها، وخاصة محافظة البصرة، وعدد من محافظات الوسط والجنوب، وأدى هذا الأمر إلى تراجع مستويات النخيل في العراق".

ويشير إلى أن عدد أشجار النخيل في البصرة تراجع من 10 ملايين نخلة إلى 3 ملايين فقط، بل وصل التراجع في أصناف التمور من 625 إلى 400 صنف فقط، وهذا ما دفع الحكومة العراقية إلى إطلاق مشروع المبادرة الزراعية قبل عامين، ودعمت الفلاح بموازنة لتنفيذ المشاريع وخططت البرامج للمحافظة على هذه الثروة وحمايتها ومحاولة إعادة صنوف التمور التي اندثرت إضافة إلى حمايتها من الأخطار البيئية التي تسببت بتراجعها.


ويؤكد، في هذا الإطار، أن العراق يمكن له توفير واردات مالية كبيرة من تصدير التمور، لكن الأوضاع التي مرت على البلاد ساهمت بتراجع الإنتاج، فقيام بعض الفلاحين بتجريف بساتينهم وتحويلها إلى أراضٍ سكنية، والحروب دمرت أكثر من 40% من نخيل العراق، وخاصة في المحافظات الجنوبية.

ويشدد القيسي على أن "شركة التمور العراقية لها إمكانية رفع الإيرادات المالية المتأتية من إنتاج التمور إلى 2 مليار دولار سنوياً لدعم الموازنة العامة الاتحادية، ولكنها تحتاج للتنسيق والتعاون المشترك مع القطاع العام والخاص لغرض النهوض بهذا المنتوج المهم".

ويتابع: "في إطار خطط الوزارة لتسويق التمور، عمدت الأخيرة إلى إقامة معارض محلية للتمور في الداخل وأخرى خارج العراق، وهي معارض حديثة ومميزة لجذب الناظرين والمهتمين بالتمور، كما عمدت إلى العمل على معالجة الإصابات التي تصيب النخيل، وتطوير زراعتها لتعويض الخسائر التي طالت البلاد".

القضاء على البطالة
من جهته، يقول مدير عام شركة التمور، وارد نجم العكيلي، إن تفعيل واقع صناعة التمور يقود إلى معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية التي يعانيها البلد وفي مقدمتها البطالة، فالشركة تملك 92 موقعاً في أغلب المحافظات لمتابعة واقع التمور، وجميعها توفر فرص عمل لشريحة واسعة من الشباب، وهناك إمكانية لتوفير 3 آلاف فرصة عمل، منها ألف فرصة دائمة، فيما لو تم اعتماد آليات جديدة في تطوير قطاع التمور.

ويوضح أن الإنتاج المحلي يصل إلى 400 ألف طن، وفي غالبه يستخدم في عمليات البيع والإنتاج المحلية، ولا توجد أي استثمارات خاصة في قطاع التمور، بسبب تقلص الأراضي الزراعية وزيادة التصحّر، ناهيك عن شح المياه، ما خلق ظروفاً صعبة لمنتجي تمور البلد، ونحن في هذا الصدد نعمل على معالجة أسباب تردي واقع البستنة وانخفاض معدلات إنتاج التمور خلال المراحل السابقة والمرحلة الحالية من أجل طرح بعض الحلول المتواضعة للنهوض بهذا الواقع من خلال الإجراءات العملية للحكومة ومساهمة الدور الاستثماري للقطاع الخاص.


الإهمال سيد الموقف
من جهته، يقول الخبير الزراعي في مجال التمور العراقية، أحمد العزاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن موسم التمور في العام 1969 ـ 1970، قد بلغ 307 آلاف طن، وقد تناقص منتوج التمور في الوقت الحالي إلى ما دون النصف، وفي العام الماضي، أي في العام 2014، بلغ الإنتاج المحلي بحدود 200 ألف طن.

ويؤكد أن الحروب والإهمال من قبل الفلاحين والحكومة، وعدم رقابة المسؤولين، عوامل أدت إلى تردي الوضع، وباتت حالة اقتلاع النخيل وتحويل أراضيها إلى قطع سكنية حالة سائدة في الكثير من المناطق في المحافظات، وهو ما أدى إلى تراجع الإنتاج.

إلى ذلك، يؤكد العزاوي أن الدول المجاورة ساهمت بتدمير هذا القطاع، فالدول العربية تشتري التمور العراقية عبر منفذ البصرة، وتقوم بإعادة تعبئته وبيعه في الأسواق العراقية بأسعار كبيرة، وهذا يعتبر ضرباً للاقتصاد العراقي. فعلى سبيل المثال، تقوم كل من السعودية والإمارات وإيران بتدمير سوق التمور العراقية، حيث نلاحظ داخل السوق العراقي وجود تمور إماراتية وسعودية وإيرانية، ونسبة تصل إلى 15% من حجم السوق، بحسب العزاوي.

ويوضح العزاوي أن "الدول المستفيدة من عدم تصدير التمور، مثل بعض الدول العربية، تريد الانفراد ببورصة التمور في دبي والهند، فتجدها تبث إشاعات حول التمور العراقية بأنها معرّضة لإشعاعات بسبب الحروب التي مر بها العراق، ولا تصلح للتصدير، وهذا الكلام عار عن الصحة".

يشار إلى أن عدد أشجار النخيل في العراق بلغ ما يقارب 30 مليوناً في عام 1952، حيث كانت تحتوي على أصناف مختلفة من التمور، منها "الخضراوي" و"الساير" و"الحلاوي"، ولعل أكثرها هو "الزهدي"، حيث تبلغ نسبة إنتاجه حوالي 75%، وكانت صادرات العراق من التمور تدر عليه أرباحاً سنوية بقيمة 25 مليون دولار، غير أن هذه الارقام قد تغيّرت في الآونة الأخيرة وتراجعت بشكل كبير.

المساهمون