إحصاءات غير دقيقة تسقط على عتبة الثورة السوريّة

إحصاءات غير دقيقة تسقط على عتبة الثورة السوريّة

09 نوفمبر 2015
انطلاقة الثورة السورية كانت من مناطق الفقر (فرانس برس)
+ الخط -
تعاني غالبية البلدان العربية، ومنها سورية، من نقص كبير وافتقار للدقة في البيانات الإحصائية الصادرة عن حكوماتها ومراكز أبحاثها الرسمية، هنا تبرز قاعدة بيانات البنك الدولي كأحد المصادر التي يعتمد عليها الباحثون ومراكز الدراسات للحصول على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. ولكن، إلى أي حد تعتبر هذه البيانات دقيقة بما يخص توصيف الواقع السوري؟

أرقام مصنعة

يشكك الخبير الاقتصادي الدكتور محمد السلمان، في بيانات البنك الدولي حول سورية، وذلك بسبب استخدامها بيانات الحكومة السورية التي "لا يمكن الاعتماد عليها في أي دراسة علمية تتوخى الدقة، إذ إن سجل النظام السوري في قضية الأرقام والإحصائيات غير مشجع. ومن المعروف لدى الباحثين أن الأرقام التي تصدرها الحكومات السورية هي أرقام مصنّعة ومفبركة وغير واقعية. لقد كان الحال كذلك قبل اندلاع الثورة فكيف اليوم؟". ويضيف السلمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، سبباً ثانياً: "يبدو من غير المعقول بعد خمس سنوات من الحرب الاعتماد على بيانات سلطة فقدت السيطرة على ما يتجاوز 80% من أراضي الدولة. ومن غير المنطقي الاعتماد على بيانات جهة واحدة في حين تتقاسم السيطرة على البلاد أكثر من جهة".


سياسات واهية 

ويشير الباحث الاقتصادي كمال يوسف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "البنك الدولي أشرف قبل اندلاع الثورة على ما كانت تدعوه الحكومة السورية بالإصلاحات الاقتصادية، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالقطاع المصرفي والضريبي، وكان خبراء البنك يضعون الخطط مع الحكومة ويتابعون التنفيذ عاماً بعد آخر في ظل تجاهل تام للكوارث الاجتماعية التي أسفرت عنها تلك السياسات، بل وفي ظل تزييف الواقع التعيس عبر تبني بيانات مضلّلة تصدرها الحكومة السورية حول البطالة والفقر". ويضيف يوسف أنه يتذكر جيداً خبراء البنك الدولي في المؤتمرات التي كانت تعقد في فندق الفورسيزن في العاصمة دمشق وهم يشيدون بـ"الإدارة المالية الكفوءة للحكومة والتي لم تؤثر على القضايا الاجتماعية، كما كانوا يزعمون حينها، لتأتي الثورة السورية بعد نحو عام من هذا الكلام وتؤكد بانطلاقها من الأرياف وانتعاشها في مناطق الفقر على خطأ تلك الادعاءات".

وكان البنك الدولي قد أصدر بيانات متفائلة تتعلق بنمو الاقتصاد السوري، إذ أشار إلى أن الناتج المحلي لسورية سينمو 1.8% في عام 2014، مقابل تراجع 18.7% في العام 2013، وذلك رغم استمرار الدمار الكبير واستمرار خسارة الحكومة السورية لمزيد من الأراضي التي تشمل مناطق لإنتاج القمح والنفط، فضلاً عن إفلاس العديد من المنشآت الاقتصادية خلال العام 2014.
يقول موظف في هيئة الاستثمار السورية (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، لـ"العربي الجديد"، إن "بعض مناطق النظام ربما تكون قد شهدت نمواً نسبياً، مثل طرطوس واللاذقية، ولكن على المستوى الوطني هنالك انكماش ودمار وارتفاع في أعداد الفقراء والجوعى من دون شك".
لكنّ للخبير الاقتصادي الدكتور عماد الدين مصبح، رأياً آخر، إذ يعتقد أن "بيانات سورية في قاعدة البنك الدولي جيدة وأفضل بكثير من بيانات العديد من الدول من ناحية النوع والكم". ويضيف مصبح، في حديث لـ"العربي الجديد": "رغم أن الفروقات بين بيانات البنك الدولي وبيانات الحكومة السورية ليست كبيرة، لكن بيانات الأخيرة تخضع للمعالجة ولا تؤخذ كما هي من قبل المؤسسة الدولية. كما أن البنك الدولي يستخدم سلاسل زمنية وطرق خاصة مختلفة عن تلك التي تستخدمها المؤسسات الإحصائية السورية".
غير أن نظرة سريعة على قاعدة بيانات البنك الدولي حول سورية تظهر أنه يستقي المؤشرات الاقتصادية الاجتماعية حول سورية من بياناتٍ حكومية بصورة خاصة. على سبيل المثال، يحدد البنك معدل البطالة في سورية في العام 2013 بالنسبة للذكور بـ7.7 في المئة فقط، وللإناث 28.4 في المئة. وفي مقابل تلك الأرقام، تجمع مراكز الدراسات المستقلة على أن معدل البطالة بلغ في العام 2013 أكثر من 50 في المئة.
وحول الاتهامات الموجهة للبنك الدولي بالإشادة بأداء الحكومة على المستوى الاقتصادي قبل اندلاع الثورة، يقول مصبح: "ليس البنك الدولي وإنما صندوق النقد الدولي هو الذي كان مهتماً بهذه القضايا وكان مهتماً بالاستقرار المالي واستقرار سعر الصرف والموازنة الحكومية وكان يأخذ تقارير الحكومة السورية ويجري مراجعات ويجد أن هنالك استقراراً مالياً يعتبر من معايير الثقة، وخصوصاً أنه غير مهتم بالقضية الاجتماعية".

اقرأ أيضاً:الإحصاءات السورية "غب الطلب" وتتناقض مع الواقع

المساهمون