كيف ارتفع عدد الموظفين في سورية؟

كيف ارتفع عدد الموظفين في سورية؟

16 نوفمبر 2015
ارتفاع أعداد الموظفين في سورية(جوزيف عيد/ فرنس برس)
+ الخط -
تشير تصريحات بعض المسؤولين السوريين إلى أن عدد الموظفين السوريين الذين يعملون في الحكومة يقارب مليونين و200 ألف موظف. وإذا كان هذا الرقم صحيحاً، فإنه يمثل زيادة في عدد الموظفين الحكوميين تصل نسبتها إلى 61% مقارنة بالعام 2011 حيث لم يكن العدد يتجاوز 840 ألف موظف. فيما بلغ عدد الموظفين المدنيين في العام 2011 ما يقارب مليوناً و360 ألفاً من إجمالي القوى العاملة البالغ 5.5 ملايين موظف.
السؤال الذي يطرح نفسه، كيف ارتفع عدد القوة العاملة في سورية بمثل هذا العدد الكبير في هذه الفترة القصيرة؟ خاصة إذا أخذنا بالاعتبار سعي الحكومة المستمر لتوفير الأموال، وليس لزيادة الإنفاق؟
يمكن أن يكون هنالك تفسير للأمر، وهو أن الحكومة قد أدرجت القوات المسلحة ضمن أرقامها المذكورة تلك. وعادة، لا تعطي البيانات الحكومية تفاصيل حول عدد القوات المسلحة أو حول أولئك العاملين لدى رئاسة الجمهورية. كما يوجد عامل آخر يتمثل في الزيادة الطبيعية للقطاع العام. ومع أن سياسة الحكومة في العقود الثلاثة الأخيرة ترمي إلى خفض نفقاتها، وكذلك دورها في الاقتصاد ككل، فإنها تستمر في استخدام موظفين جدد، كأسلوب تلجأ إليه بهدف خفض عدد العاطلين عن العمل، وشراء ولاء عدد من الشرائح الاجتماعية المختلفة. وبكلمات أخرى، فبرغم من أن الكثير من العاملين في إدارات الدولة ليس لديهم الكثير من العمل ليقوموا به، إلا أن وظائف جديدة تولد سنوياً.

وظائف واهية 

وعلى سبيل المثال، تضمنت موازنة العام 2015، إضافة 95 ألف موظف جديد، بينما تضمنت موازنة العام 2016، زيادة بحدود 65 ألف موظف، وإذا كانت الزيادة الوسطية بمعدل 75 ألف وظيفة في كل من الأعوام الأربعة الماضية، فهذا يعني أن إجمالي العدد سيكون حوالى 300 ألف وظيفة. وأشارت تقارير الإعلام المحلي إلى أن الحكومة قد استخدمت بعقود مؤقتة حوالى 400 ألف موظف خلال أربعة أعوام، دون معرفة سبب التوظيف.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن الحكومة قد علقت كافة المشاريع الاستثمارية تقريباً، فإنه، ومن وجهة نظر اقتصادية، لن يكون هناك معنى للتعاقد مع أي موظف جديد. بل على العكس، يفترض بالحكومة والحال هكذا، أن تقلص عدد المتعاقدين المؤقتين. وبالطبع، فإن الإجابة الأقرب، على ما يبدو، إلى المنطق، هي أن هذه الأعداد تمثل أولئك الذين تم استخدامهم للقتال ضمن مختلف المليشيات الداعمة النظام.
وما يهم في هذه الأرقام، هو فهم المغزى السياسي لوجود كل هؤلاء الموظفين الجدد على جداول رواتب الحكومة. في العام 2010، وهو العام الأخير الذي تتوفر لدينا أرقام حول إجمالي القوى العاملة في سورية، الذي كان يقدر بنحو 5.5 ملايين موظف، بلغ عدد العاملين لدى مختلف مؤسسات ودوائر الدولة حوالى مليون و360 ألف، أي ما يعادل ربع إجمالي القوة العاملة. ولو افترضنا أن عدد القوة العاملة قد انخفض بنفس معدل انخفاض عدد السكان الذين لا يزالون يعيشون في سورية، إذ أن ما يزيد عن ربع السكان غادروا البلاد خلال السنوات الأربع الماضية، فهذا يعني أن القوة العاملة قد انخفضت إلى حوالى 4 ملايين شخص. وإلى ذلك، يجب أن نضيف أولئك الذين دخلوا بشكل طبيعي سوق العمل والذين يقدر عددهم بنحو 200 ألف مواطن سنوياً، مما يعني توظيف 800 ألف موظف خلال السنوات الأربع الماضية، بذا فإن إجمالي القوة العاملة سيكون حوالى 5 ملايين.
من جهة أخرى، بحسب مختلف التقديرات، تبلغ نسبة العاطلين عن العمل في سورية قرابة 50%، مما يعني أن عدد العاطلين عن العمل يناهز مليونين و450 ألف شخص، وأن عدد العاملين يناهز مليونين و450 ألف شخص أيضاً. وبكلمات أخرى، واستناداً إلى كل هذه المعلومات، يشكل العاملون لدى الدولة مليونين ومئتي ألف موظف، ما نسبته 90% من إجمالي العاملين السوريين.
في الواقع، عدد كبير من الناس يعتمدون في حياتهم على ما يقدمه النظام، وبالتالي فهي وسيلة هامة تمكن الأخير من السيطرة عليهم. أما بالنسبة للسوريين بشكل عام، فذلك يعني أن الإبقاء على مؤسسات الدولة عامل هام ليس للحفاظ على الدولة السورية وحسب، بل للحفاظ على معيشة الكثير من السوريين أيضاً.
(باحث ومحلل اقتصادي سوري)

اقرأ أيضاً:هجرة مؤقتة للاستثمارات السورية؟

المساهمون