جيوب الفقر:مناطق أردنية تعاني الإقصاء التنموي والخدمي

جيوب الفقر:مناطق أردنية تعاني الإقصاء التنموي والخدمي

01 نوفمبر 2015
عدد كبير من الأردنيين غير قادر على توفير الأغذية(Getty)
+ الخط -
برأيك، ما ھو الحد الأدنى للدخل الشھري الذي تحتاجه أسرتك من أجل تغطية احتياجاتها الأساسية وتجاوز مرحلة الحرمان؟ سؤال طرحته "العربي الجديد" على العشرات من معيلي الأسر في الأردن. وتراوحت الإجابات بين 500 دينار و800 دينار أردني؛ أي ما يعادل 700 دولار إلى 1200 دولار أميركي تقريباً، ليكون المدخول كافياً للحصول على السلع والخدمات الأساسية لأفراد الأسرة. ولحظت "العربي الجديد"، أن عدداً كبيراً من سكان المناطق الفقيرة الذين أجابوا عن السؤال المطروح، رأوا بديهياً أنه يوجد علاقة طردية بين تدني مستويات الرواتب والأجور، وتفشي ظاهرة الفقر بشكل عام. وتشير الدراسات أن نسبة الذين يتقاضون دخلاً شهرياً يقل عن 500 دينار أردني تصل إلى نحو 95.2% من نسبة السكان المشتغلين. ووفق مصادر إحصائية مستقلة لـ "العربي الجديد" فإن نحو 80% من الفقراء إما موظفون في الحكومة أو القطاع العام أو الخاص.

ويعمل في الحكومة ما يقرب من 40% من القوى العاملة ما يشير إلى أن نحو نصف الفقراء هم من العاملين في القطاع العام. أرقام لها دلالات اجتماعية واقتصادية كبيرة. إذ إن الوظيفة الحكومية في الأردن، لا تعتبر حبل خلاص من الفقر، كما في غالبية الدول العربية، وإنما تعد من الوظائف التي لا تؤمن لغالبية الموظفين سوى مدخول ضئيل لا يكفي سداد حاجات أسرته. في حين يتضافر الدخل مع عوامل أخرى، وفق الخبراء، لاتساع قاعدة الفقر، وازدياد عدد الفقراء في المملكة.

تحت عتبة الرفاه

ومع أن النمو السكاني وارتفاع عدد أفراد الأسر وبخاصة الأطفال، وتدني المستوى التعليمي لأربابها، ومحدودية القدرة المطلوبة لكسب الدخل وتمويل الاستهلاك، تعتبر من أسباب تفشي الفقر، إلا أن الخبير الاقتصادي أحمد العواملة يرى أن الفقر في الأردن هو فقر دخل، أكثر منه فقر تراكمي ناتج عن أسباب أخرى، وأن سبب الفقر الأساسي هو الأجور المنخفضة التي يتقاضاها أرباب الأسر الفقيرة. ويضيف لـ "العربي الجديد": "يرتفع مستوى الفقر بشكل ملحوظ بین العدد الأكبر من الأسر في المملكة، التي یعیلھا أشخاص ذوو مستوى تعلیمي بسیط. ویتفاوت الفقر جغرافياً، وبحسب العوامل المحددة للاستهلاك وللفقر فإن حجم الأسرة وتركيبتها والمستوى التعلیمي وقطاع العمل لمعیل العائلة وموقعه، له علاقة بازدياد الفقر أو انخفاضه". ويضيف: "أحياناً تكون وظائف القطاع العام أقل احتمالاً لارتفاع الفقر في حال كانت المراكز الوظيفية مرتفعة، لكن من الأكيد أن تكون العائلات التي تعتمد على قطاعي الزراعة والبناء أقل فقراً مقارنة بالأسر التي یعیلھا عاطلون عن العمل أو من ھم خارج سوق العمل".

اقرأ أيضاً:ثلاثة أمراض "قتلة" يتحكمون بالأردن

ويشير إلى أن "الأردن یستخدم خط فقر مطلق یحدد عتبة الرفاه مستنداً إلى أسلوب كلفة الاحتیاجات الأساسية أي الإنفاق الذي یسمح للأسر أن تدفع ما یكفي على الغذاء لتلبیة حد معین من السعرات الحرارية المطلوبة، وبما یكفي أيضاً تلبیة احتجاجاتها الأساسیة من غیر الغذاء".
وتقدر دائرة الإحصاءات العامة خط الفقر المطلق (الغذاء وغير الغذاء) بنحو 813.7 ديناراً للفرد سنوياً، بينما تقدر خط الفقر المدقع (الغذاء) بنحو 336 ديناراً للفرد سنوياً.

20 منطقة فقيرة

وبحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي، يوجد في الأردن نحو 20 منطقة تزيد فيها نسبة الفقر عن 25%، تضم 254 تجمعاً سكانياً، يبلغ عدد أفرادها نحو نصف مليون مواطن تقريباً، اعتبرتها الحكومة الأردنية مناطق جيوب فقر تتوزع على تسع محافظات من أصل المحافظات الاثنتي عشرة في المملكة، حيث ضمت محافظتي معان والمفرق 6 مناطق بكلٍ منهما. تلتهما محافظات العقبة والكرك وعجلون بواقع 3 مناطق جيوب فقر في كل محافظة. ثم محافظتا البلقاء وإربد بواقع منطقتي جيوب فقر في كلٍ منهما. ثم محافظتي الزرقاء والطفيلة بواقع منطقة واحدة فقيرة في كل محافظة، بينما خلت محافظات العاصمة ومأدبا وجرش من أي منطقة فقر شديد. وتصل نسبة الأسر التي يقل دخلها الشهري عن 150 ديناراً في هذه المناطق، إلى 70% بينما تصل نسبة الأسر التي يتراوح دخلها بين 150 و250 ديناراً إلى 25%.

وإلى جانب الأسباب الاقتصادية مثل تدني الإنتاجية وبطء معدلات توافر فرص العمل وقلة كميات الإنتاج وسوء نوعيته وعدم استقرار الأسواق والاختناقات التسويقية للإنتاج، وعدم المساواة في الدخل والثروة، تضيف تقارير البنك الدولي أسباباً أخرى لانتشار الفقر، منها مكانية، وتعني المواقع النائية والمنعزلة لبؤر الفقر والتدهور البيئي والتصحر والتلوث. ومنها اجتماعية وديموغرافية، وتتضمن المكونات المنزلية وفقر رأس المال البشري والخدمات الاجتماعية والاعتماد الشخصي، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي والتحيز النوعي والبنى الاجتماعية المسببة للفقر وارتفاع معدلات النمو السكاني. ومنها سياسية، أي نشوب الحروب في المناطق المجاورة لمناطق الفقر والانعكاس السلبي لذلك بفعل المهاجرين العائدين إلى الأردن وعدم التمكين والتهميش الاجتماعي.
ويعتقد الخبير الاقتصادي بشار ياغي أن تحرير الاقتصاد وإطلاق حرية السوق والأسعار زاد الطين بلة، حيث ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني، مقابل مستويات دخول منخفضة، ومع ازدياد أسعار الغذاء ازدادت معاناة الفقراء، ويرى في تصريح لـ "العربي الجديد": "ضرورة وجود دور للدولة من أجل ضمان حد مقبول من الغذاء لهذه الفئات، سواء بتحديد السقف السعري لكل سلعة ضرورية، أو شراء الغذاء من المنتجين وتوزيعه عن طريق شركات عامة وبذلك تخفض الهوامش التسويقية التي يغالي الوسطاء في الحصول عليها". ويضيف: "طالما أن شبكة الأمان الاجتماعي لم تطبق وفق مفهومها العالمي، واقتصرت على مجموعة إجراءات لم تساعد الفقراء في الواقع، وطالما أن مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية الذي أغلق في آب/أغسطس 2013 لم ينجح في تحقيق أهدافه التنموية، فإن الاختلال في مستويات الدخل سيزداد، بسبب ضعف النشاط الاقتصادي، وعدم وجود نمو ومشاريع ذات قيمة مضافة توفر فرص عمل، وزيادة حجم الضرائب". ويتابع: "كل هذه المؤشرات تدفع الفقر في المحصلة إلى اجتياح مناطق جديدة، وتجمعات سكانية هي اليوم أقرب إلى الوصول إلى ما دون خط الفقر من أي وقت آخر".

اقرأ أيضاً:الدعم الرسمي شرط نمو الصناعة الأردنية

المساهمون