متى تموت شهرزاد؟

متى تموت شهرزاد؟

14 فبراير 2016
صورة نمطية عن النساء الشرقيات (Getty)
+ الخط -
شاركت الصحافية الأميركية، كاثرين زوبف، قبل أيام، تجربتها التي أفضت إلى كتابة "بنات ممتازات: الحياة السرية للنساء الشابات العربيات" من إصدارات بنغوين برس. يتناول الكتاب حياة نساء عربيات من سورية ولبنان ومصر والخليج، عكفت الكاتبة على سرد قصصهن لفترة امتدت إلى عشر سنين، انتقلت فيها ضمن هذه البلدان بحسب ما ذكرت في المحاضرة، التي قدمتها في جامعة نورثويسترن الأميركية في الدوحة.

رغم أن عنوان الكتاب يشي بمحتواه، إلا أن مراجعات كثيرة تناولت الكتاب ووصفته بالجيد، وبأنه ينقل فكرة واضحة عن المرأة العربية، كصحيفة "نيويورك تايمز" التي ذكرت بأن المؤلفة "استطاعت أن تتفهم هؤلاء الشابات وتنقل قصصهن بدقة" وربما هذا هو السبب وراء حضوري الندوة والعديد من المشاركين الآخرين.

إلا أن كاثرين أفصحت عن نظرة استشراقية قديمة متجددة، فالكتاب يرتكز على ثلاثة محاور أساسية وهي: جرائم الشرف، الحجاب، اضطهاد المرأة في العالم العربي. عشر سنين قضتها، لم تكن كفيلة بتغيير وجهة النظر الغربية عن النساء العربيات، فهن إما مسجونات أو مقتولات أو لا يفقهن شيئا، قبل وبعد الربيع العربي.

ولدى سؤالي لها عن الهدف وراء تكرار هذه الصور النمطية عن العربيات، علقت المؤلفة بأنها حاولت فقط نقل ملاحظات عامة عمّا شاهدت وسمعت، وبأن كتابها موجه للقارئ الغربي الذي لا يعرف شيئا عن النساء العربيات. وهي مخطئة تماما في هذا، فلطالما عرف الغرب الشرق ووصفه بالفاسد، وبأنه مرتع للحريم الشهواني وللحاكم المستبد.

يثيرني تساؤل الآن، وأنا أقلب صفحات كتابها: هل فات المؤلفة وهي تكتب هذه الصفحات قراءة قصص "ألف ليلة وليلة"؟ على الأقل كانت تستطيع تجنب تكرار تلك المعرفة الملوثة التي نراها جلية في معظم الكتابات الغربية، فهي وللأسف، تسقط هنا في فخ هذه القصص، التي تشكل مرجعا للعديدين اليوم عن الشرق ونسائه، قصص نجحت في اكتساب شفقة الغربيين على المرأة الشرقية، فهي المضطهدة والمقهورة دائما. إلا أن هذه الشفقة غُلفت برغبة في الوقت نفسه، فما فتئت الحكايات والرسومات الغربية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تظهر هذه المسكينة على أنها لا تتعب من الاستلقاء عارية في تراخ ودلال وهي تدخن نارجيلتها.

ولكن الأخطر أن تكون كاثرين بالفعل قد قرأت هذه الليالي الساخنة لأجدادها، مؤكدة لأبناء جيلها أن الشرق مزدحم الآن بمئات الشهرزادات اللواتي يستحققن دراسات جديدة عنهن، مكمّلة أعمال أسلافها السابقة.

يحيلنا كل هذا لتساؤل جديد وهو لماذا تدعم الكاتبات الغربيات، الكتابات الذكورية؟ وما الهدف من وراء ذلك؟

وكي لا ندخل في فرضية العقلية التآمرية، رغم أنها قد تكون صحيحة هنا، بيد أنه على مدار عقود لم تكن النسوية الغربية يوما ما مهتمة بالنسوية العربية أو الشرقية، بل بقيت الكثير من الأكاديميات متأثرات بالمركزية الأوروبية ووجهة النظر الذكورية. ساهم في ذلك، قلة التبادل والتعاون بين المؤسسات الغربية والمحلية، فالباحثة المسلمة، وخاصة العربية، عليها اجتياز دوائر إنتاج المعرفة الغربية والخضوع لاختباراتها قبل السماح لها بإضافة إسهامها، حتى ولو كان الأمر يتناول بلدها ومجتمعها وحياتها.

ما زالت أفلام هوليوود، ومجموعة من الباحثين، والسياسيين، والمؤسسات الإعلامية، تساهم في تثبيت الصور النمطية عن العالم الإسلامي، وفي خلق هوية غير دقيقة عنه، هذه الصور إنما تضيف عقبة جديدة في طريق النساء المسلمات، اللواتي يكافحن للتحرر من قيود فرضها عليهن مجتمع ذكوري شرقي وغربي، وتكررها اليوم ثقافة نسوية غربية.

اقرأ أيضا
الحاجة إلى نساء خارقات
لا نولد نساء... بل نصبح كذلك

المساهمون