بلومي لـ"العربي الجديد": بلماضي أعاد للجزائر قوّتها

بلومي لـ"العربي الجديد": بلماضي نسخة عن خاليلوزيتش وأعاد للجزائر قوّتها

21 يونيو 2019
بلومي يشيد بقدرات بلماضي (العربي الجديد)
+ الخط -
لخضر بلومي واحد من أساطير الكرة الجزائرية والعربية والأفريقية، وأحد أفضل لاعبي الجزائر على مرّ الأجيال، تميز بمستواه الفني المذهل وأناقته وطريقته الفريدة في مداعبة الكرة، فضلاً عن انضباطه والتزامه وأخلاقه الرفيعة، وهو أحد أبرز لاعبي المنتخب الذهبي للجزائر في ثمانينيات القرن الماضي، وهو أيضاً رابع أفضل لاعب أفريقي في القرن العشرين بعد الليبيري جورج وياه، الكاميروني روجيه ميلا والغاني عبيدي بيليه، وشارك صاحب "التمريرة العمياء" في كأس العالم مرتين، وأربعاً في نهائيات كأس أمم أفريقيا وهو ثاني أحسن هداف للمنتخب الجزائري، كما أنه حصل على الكرة الذهبية الأفريقية كأفضل لاعب عام 1981.

بلومي تحدث في هذا الحوار مع "العربي الجديد" حول كأس أمم أفريقيا القادمة في مصر، وكذلك المرشحون للتتويج بها، فضلاً عن حظوظ منتخب الجزائر في هذه البطولة..


ما سرّ غيابك عن المشهد الكروي في الفترة الأخيرة؟

في اعتقادي، من الأفضل أن تبقى بعيداً عن الساحة كي تبقى عزيزاً دائماً، وأعتقد أن الوضع الحالي الذي تعيشه الكرة في الجزائر يفرض عليك أن تنسحب، فعندما تتحدث أو تدلي برأيك في موضوع ما تتعرض للانتقاد والهجوم، لهذا فضلت الانسحاب عن المشهد الكروي.

 هل هذا يعني أنك حزين لأنك تتعرّض للإقصاء والتهميش؟

بالطبع، من المفروض أن المنطق يقتضي الاستعانة بأصحاب الخبرة والتجربة لأجل مواجهة مشاكل الكرة والرياضة بشكل عام وتطوير هذا المجال، لكنني أعتقد أننا نحن اللاعبين القدامى غير مرغوب فينا، ربما يعتقد البعض أننا قد نستولي على مكان أشخاص آخرين، عندما كنا نمارس الكرة ونحن شبان، كنا دائماً نرى في اللاعبين الذين سبقونا قدوة لنا، ونضعهم دوماً في المقدمة كي نستفيد منهم، لكن للأسف اليوم الناس أخطأوا كثيراً في حساباتهم وفي حقنا.

 

هل تتمنى أن تؤدي دوراً ما في المنظومة الكروية الجزائرية مستقبلاً؟

نعم أرغب في ذلك، ولكنني لا أسمح لنفسي أبداً أن أعرض خدماتي على أي أحد بحثاً عن فرصة عمل، أنا أعتزّ بأنني أحد أفراد الجيل القديم الذي قدم الكثير للكرة الجزائرية، لكن ربما الجيل الصاعد لا يريدنا اليوم، رغم أننا لا نهدف سوى للمشاركة في تطوير مهاراتهم ومنحهم شيئاً من الخبرة التي حصلنا عليها، نحن مثلاً استفدنا كثيراً من لاعبي الخبرة على غرار جيل فريق جبهة التحرير الوطني. من أجل الجزائر والراية الوطنية، أريد أن أقدم يد المساعدة، أنا جاهز وأملك الشهادات والخبرة اللازمة، ولكن لا حرج لو لم تأتِني الفرصة.

 

القارّة الأفريقية مقبلة على مسابقة كبيرة هذا الصيف هي كأس أمم أفريقيا، كيف تتوقع أن تكون المنافسة، وخاصة أنه سبق لك المشاركة فيها عدة مرات؟

المنافسة ستجري في بلد شقيق هو مصر، أتوقع أن تكون صعبة جداً رغم تغيير نظام البطولة بمشاركة 24 فريقاً بدل 16، وأعتقد بأن المنتخبات العربية في أبرز حال لقول كلمتها وفرض منطقها في البطولة.

 

وماذا عن المنتخب الجزائري؟

أنا واثق جداً بقدرات منتخبنا الوطني، هو يملك حظوظاً وافرة كي يكون مع الأوائل، نحن قادرون على ذلك، لأننا نمتلك فريقاً قوياً يمتاز بالمهارات الفردية المميزة.

 

المنتخب الجزائري يملك تعداداً جيداً منذ عدة سنوات لكنه لم ينل اللقب الأفريقي، ألا تعتقد بأن الفرصة مواتية لتحقيقه في مصر؟

بالطبع، صحيح أن المنتخب ضمّ أخيراً وجوهاً جديدة ولكنهم سيندمجون بسهولة وسلاسة، في رأيي هذا الجيل من اللاعبين لديه قدرات خارقة وخاصة المحترفين في أقوى الدوريات الأوروبية وحتى العربية، نحن نملك أفضل اللاعبين مقارنة بالمنتخبات الأخرى، إضافة إلى المدير الفني جمال بلماضي، الذي أعتبره مدرباً في القمة، وخاصة أنه رتّب الأمور وحلّ المشاكل التي كانت مترسبة داخل المنتخب وأعاده إلى مكانه الطبيعي، بعد فترات صعبة جداً مر بها المنتخب في السنوات الأخيرة.

 

في رأيك ماذا تغيّر بين فترة بلماضي والفترة السابقة؟

قبل فترة المدرب وحيد خاليلوزيتش كانت هناك الكثير من المشاكل الداخلية بين اللاعبين، لقد تم التحكم في بعضها من طرف هذا المدرب وهو ما سمح لنا ببلوغ مونديال البرازيل وتحقيق إنجاز تاريخي هناك، لكن عادت المشاكل بعده مجدداً، واستمر الوضع على حاله، لكن بوصول بلماضي تغيرت الكثير من الأمور وضرب مثالاً في الانضباط والصرامة مثلما فعل خاليلوزيتش، وأعاد للمنتخب قيمته وشيئاً من بريقه، كما بعث المنافسة بين اللاعبين وأشعرهم بضرورة أن يكونوا في القمة كي يظفروا بمناصب في التشكيلة، بلماضي أدى دوراً كبيراً في عودة الجزائر بقوة إلى الواجهة، بدليل تأهلنا إلى "الكان" القادم في وقت مبكر.. في السابق كان الوضع سيئاً جداً، لكن الحمد لله اليوم هناك الكثير من المؤشرات الإيجابية.

 ما رأيك في تأكيد بلماضي في كل مرة ضرورة نيل اللقب في مصر، هل يعتبر وسيلة ضغط أم تحفيزاً للاعبين؟

أعتقد بأنه وسيلة تحفيز للاعبين، لقد منحهم شحنة معنوية كبيرة وتحفيزاً، لقد غرس فيهم الثقة في أنفسهم وإمكاناتهم. في رأيي يمكن للجزائر أن تبلغ الدور النهائي على الأقل، نحن لا نضغط عليهم، ولكن يجب أن يكونوا واعين بأننا نملك فريقاً كبيراً وعليهم أن يؤكدوا ذلك في الميدان.

 
ما رأيك في قائمة لاعبي الجزائر الذين سيشاركون في "الكان"؟

أعتقد بأن القائمة متوازنة جداً، بالطبع لديّ بعض التحفظات، ولكن بلماضي اختار اللاعبين الجاهزين فقط، هناك من اللاعبين من يغيب لأسباب انضباطية أو بسبب الإصابة، حتى اللاعبون الجدد لا بأس بهم ويحترفون في أندية كبيرة، كما يملكون قدرات جيدة، ويمكنهم تقديم الإضافة المرجوّة.

خاض المنتخب الجزائري استعداداته للبطولة القارّية عبر معسكر في قطر، ما تعليقك على ذلك؟

لقد زرت دولة قطر في السابق، وشاهدت المرافق الرياضية الكبيرة التي تمتلكها، في اعتقادي المشكلة قد تكون فقط في درجات الحرارة المرتفعة صيفاً، وأعتقد بأنها ستكون أقل في مصر، ربما قد يواجه اللاعبون المحترفون في أوروبا بعض المشاكل من أجل التأقلم مع الحرارة الشديدة، ولكنهم قادرون على تجاوز كل الظروف بفضل خبرتهم وإرادتهم.

ومن ترشّح للفوز باللقب الأفريقي؟

أتوقع فوز منتخب مصر بالكأس، لأنها ستلعب على أرضها وأمام جماهيرها، فضلاً عن أنها تمتلك منتخباً قوياً، بلغ كأس العالم الأخيرة كما وصل لنهائي الدورة الماضية. أتوقع أيضاً تفوق المنتخبات العربية على نظيرتها الأفريقية في دورة مصر، تونس والمغرب والجزائر سيقولون كلمتهم دون شكّ.

وبالنسبة للمنتخبات الأفريقية؟

هناك الكثير من المنتخبات الكبيرة التي ستشارك في دورة مصر، مثل نيجيريا والكاميرون والسنغال وغانا، هذه المنتخبات تملك تاريخاً عريقاً في هذه البطولة، فضلاً عن النجوم ومهاراتهم الفردية، ولكن إجراء البطولة في بلد عربي سيصبّ في صالح المنتخبات العربية، التي ستكون متحفّزة أكثر خاصة من الناحية النفسية.

 هل تتوقع أن تشهد البطولة مواجهة عربية بين مصر والجزائر مثلاً؟

لا أنا شخصياً لا أتمنى أن يحدث ذلك، سوى في الأدوار الأخيرة ربما، أتمنى ألا تلتقي المنتخبات العربية في الأدوار الأولى المتقدمة من البطولة.

 من تتوقع أن يبرز من اللاعبين الجزائريين خلال "الكان" المقبل؟

هناك بعض اللاعبين البارزين في المنتخب، الذين أثبتوا علوّ كعبهم سواء مع المنتخب أو مع نواديهم، ولكنني أتوقع بشكل خاص بروز كل من رياض محرز وبغداد بونجاح، لأنهما في أوج عطائهما وبرزا بشكل لافت هذا الموسم، وأعتقد بأن وجود بلماضي على رأس الجهاز الفني للمنتخب سيساعدهما كثيراً على تفجير طاقاتهما.

 بالحديث عن رياض محرز، كيف تقيّم أداءه هذا الموسم؟

في الحقيقة، لقد عانى اللاعب كثيراً وتحطم من الناحية النفسية بعد ابتعاده عن حسابات مدربه في مانشستر سيتي، رغم أنه في رأيي أفضل بكثير من الناحية الفنية من زملائه الذين لعبوا بدلاً منه في أغلب فترات الموسم الكروي، لكن على محرز أن يحترم خيارات مدربه، ويصبر وفي رأيي لقد كان ملتزماً وصبوراً، والله كافأه بعد أن ساهم في التتويج بالألقاب التي أحرزها الفريق هذا الموسم بالرغم من أنه لم يلعب كثيراً.

 

وماذا عن بغداد بونجاح؟

بونجاح هداف وقناص من الطراز الرفيع، أتمنى من كل قلبي أن يحقق حلم الاحتراف في دوري أوروبي قوي، وأن يظهر بنفس المستوى الذي يظهر به مع فريقه السد في دوري نجوم قطر، هو يستحق ما حققه وما وصل إليه لأنه ضحى كثيراً.

 أكيد أنك تابعت مشوار الشابّ يوسف عطال، ما رأيك في ما يقدمه في الدوري الفرنسي ومع المنتخب؟

بالطبع، يوسف لاعب رائع وجيد من الناحية الفنية بفضل مهاراته وقدراته، لقد برهن أنه يستحق المكانة التي يوجد فيها حالياً، وأنه قادر على التطور أكثر، لقد صنع لنفسه اسماً كبيراً في أوروبا، وأتمنى أن يقدم بطولة جيدة في مصر مثله مثل باقي اللاعبين.

عندما شاهدت لاعبي منتخب الجزائر حالياً، من الذي يذكّرك بنفسك عندما كنت لاعباً؟

بصراحة.. رياض محرز يذكّرني بشبابي، ليس فقط من الناحية الفنية، وإنما أيضاً من الناحية الإنسانية، بالرغم من معاناته من دكة الاحتياط والانتقادات والضغوط، إلا أنه ظل رزيناً وهادئاً وصبوراً مثلما كنت دائماً عندما كنت ألعب الكرة، رياض لا يفكر ولا يشغل باله سوى بكرة القدم والبحث عن تطوير نفسه لتقديم أداء أفضل، وأتمنى له التوفيق في مشواره مع المنتخب ومع ناديه.

 شهدت الساحة الأوروبية أخيراً تتويج نادي ليفربول الإنكليزي ونجمه المصري محمد صلاح باللقب الأوروبي، ما هي الرسالة التي توجهها لصلاح؟

محمد صلاح لاعب رائع جداً، وأنا معجب كثيراً بما يقدمه، أعتقد بأن الأرقام والإحصائيات وحدها تتحدث عنه، هو هداف من المستوى الأول وليس سهلاً أن تكون كذلك في دوري أوروبي قوي كالدوري الإنكليزي، أعتقد بأنه يستحق التتويج باللقب الأوروبي وهو مفخرة العرب كلهم مثل رابح ماجر أيضاً، الذي بفضل بورتو البرتغالي أصبح نجماً مثله مثل صلاح، الذي يدين كثيراً لنادي ليفربول في التطور الكبير الذي بلغه كي يصبح في هذه المرتبة.

ما هي النصيحة التي يمكنك توجيهها للاعبي منتخب الجزائر؟

أقول لهم، يجب عليكم أن تفكّروا في بلادكم وفي الجماهير العريضة التي تنتظركم، شعبنا محتاج لفرحة تنسيه ما يعانيه من مشاكل، أطلب منهم أن يظهروا بمستوى جيد في دورة مصر، وأعتقد بأن ذلك سيعود بالفائدة على المنظومة الكروية الجزائرية بشكل عام.


أخيراً ما هي رسالتك للجماهير الجزائرية والعربية؟

أتمنى أن نعيش واحدة من الدورات الأفريقية الاستثنائية، وخاصة أنها ستجري في بلد عربي، أتمنى أن يتحلى الجميع بالروح الرياضية، كما أتمنى أن يحقق منتخب الجزائر نتائج جيدة، لأننا بحاجة فعلاً للفرح والألقاب، نريد من اللاعبين أن يسعدونا في هذه الظروف التي تمرّ بها بلادنا، وحظاً موفقاً لهم ولجميع المنتخبات.

المساهمون