بعيداً عن نيمار..لماذا لم تعد رقصة السامبا ممتعة للجماهير؟

بعيداً عن نيمار..لماذا لم تعد رقصة السامبا ممتعة للجماهير؟

21 يونيو 2015
+ الخط -

يعتمد المنتخب البرازيلي بشكل كامل على نيمار في كل شيء، هو النجم الأول للفريق، صانع اللعب رقم 10، والمهاجم رقم 9، واللاعب الوهمي بالثلث الهجومي الأخير. وأصبحت طريقة لعب السيلساو عبارة عن "مرر الكرة لنيمار، والبقية سوف تأتي"، وفي حالة تألق نجم برشلونة، فإن الفوز يكون قريباً من منتخب بلاده، كما حدث أمام بيرو في الافتتاح.

خسارة مستحقة
أمام كولومبيا في المباراة الثانية، تمت مراقبة نيمار بشكل كلي من كارلوس سانشيز، الارتكاز الدفاعي القوي والمميز جداً على سبيل الرقابة الفردية، ومع عدم وجود مهاجم صريح بالأمام، صارت كل تحركات البرازيل شبه متوقعة، بسبب عدم وجود أية خيارات للتمرير في الأمام، وبالتالي تضاعفت المشكلة أمام الفرق القادرة على مبادلة أسياد العالم الهجوم طيلة التسعين دقيقة.

يعتقد البعض أن مشكلة البرازيل تكمن في عدم وجود مهاجم مميز، المنتخب الذي تألقت من خلاله أسماء عظيمة بقيمة، روماريو، وبيبيتو، ورونالدو، وحتى أدريانو، ولويس فابيانو، تحول إلى شبح هجومي غريب، لا يجد إلا فريد أو تارديلي داخل منطقة الجزاء. لكن المشكلة أكبر من خط الهجوم، لأن العلة الرئيسية تكمن في منطقة الوسط، الخالية تماماً من أية شبهة ابتكار.

الطمع التاريخي
خلال مونديال كوريا واليابان 2002، وبالتحديد أثناء مباراة البرازيل وبلجيكا، في الدقيقة 56 جونينيو باوليستا، أفضل لاعب بالسيلساو يخرج، ويدخل دينيلسون، في تغيير وصفه الخبراء بالأغرب خلال البطولة، ورغم صعوبة موقف السيلساو أمام البلجيك، إلا أن الفريق فاز في النهاية بهدفين للنجمين رونالدو وريفالدو، ومنذ هذه اللحظة، والمنتخب يلعب فقط بالأسماء الهجومية، وكأن خط الوسط مجرد كومبارس لا قيمة له.

راهن دونجا على الثنائي فيرناندينيو وإلياس في منطقة الوسط، وهما ثنائي من الممكن أن يدافع بشكل جيد، لكنه أبعد ما يكون عن صناعة اللعب من الخلف، وبالتالي افتقر الفريق إلى لاعب وسط يجيد بناء الهجمة من مناطق متأخرة، ارتكاز يستطيع رفع جزء من العبء على صانع اللعب المتقدم، ويجبر الخصم على صعوبة توقع طريقة لعب البرازيل.

مركز قريب من "الديب لاينغ" أي لاعب الوسط في المركز 6، الذي يتحرك كثيراً على الدائرة، يستلم الكرة بذكاء وبتمريرة واحدة يكسر خطيّن إلى ثلاثة من دفاع المنافس، وبدون هذه النوعية من النجوم، ستظل طريقة اللعب بها قدر لا يحتمل من نقاط الضعف، وبكل تأكيد سيزيد الضغط على نيمار.

ماذا تغيّر ؟
عُرفت البرازيل على مر تاريخها بأنها موطن السحر الخاص بكرة القدم. راقصو السامبا هم الأكثر دراية بكل فنون وجمال اللعبة، وحصلوا على شعبية مضاعفة بسبب هذا الجانب المحوري، لدرجة أن أكثر أجيال البرازيل شعبية على الصعيد العالي، هو جيل مونديال 1982، رغم أنه لم يفز بالبطولة في النهاية.

إذا سألت أحدهم ما هي تشكيلة البرازيل في هذه البطولة، سيخبرك فوراً بكافة الأسماء، ويحكي لك بفخر عن عظمة زيكو وقيمة سقراط، بالإضافة إلى قوة سيرجينيو وتعاون إيدر، وبالطبع سيأخذ الحديث جانباً آخر ينص على أهمية ثنائي الارتكاز، فالكاو وسيريزو، الأجدر على صناعة اللعب من أي مكان في الملعب.

في السنوات الأخيرة، لعبت البرازيل بفيرناندينيو، جوستافو، إلياس، فيلبي ميللو، راميريز، باولينيو، وحتى كليبرسون، جلبرتو سيلفا والبقية من قبلهم، لتصبح المعادلة عبارة عن لاعب وسط يجيد قطع الكرات فقط لا غير، وتنتقل القيمة الهجومية إلى النجوم الرنانة بالأمام، في نسف حقيقي لقيمة الكرة الهجومية الشاملة، وهنا أصل كل المشاكل الكروية داخل تكتيك المنتخب الكبير.

من دون نيمار
تعرض النجم نيمار للإيقاف بعد أحداث مباراة كولومبيا الأخيرة، وسيغيب عن مباريات البطولة حتى هذه اللحظة، وبالتالي سيتجه دونجا إلى تشكيلة من دون نجمه الأوحد، لتزيد علامات الحيرة على المدرب في ولايته الثانية، ويصبح في حاجة ماسة إلى خطة جديدة، واستراتيجية فنية مختلفة تماماً عن البدايات.

قديماً تفوقت البرازيل بخط وسط عبقري، وحتى في حالة غياب الأسماء الكبيرة، كان الحل في عودة لاعب من هجوم إلى المنتصف، لمعادلة الكفة بالمنتصف، كما فعل ماريو زاجالو في مونديال 58، لتتحول الخطة من 4-2-4 إلى 4-3-3 بعودة الجناح زاجالو بضع خطوات للخلف.

وفي الحالة البرازيلية الحالية، لا يوجد أمام دونجا إلا هذا الحل، خصوصاً بعد اختياراته السابقة لقائمة الكوبا، وانعدام وجود لاعب وسط واحد ممرر في التشكيلة الأساسية والاحتياطية، لذلك يجب الدفع بكوتينهو وفيرمينو من البداية، مع عودتهما كثيراً للوسط، من أجل سحب لاعبي المنافس، وتفريغ المساحات أمام القادمين من الخلف، بالإضافة إلى المهاجم الصريح، في محاولة خجولة لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه. مع التأكيد على أن الحلول الجذرية لعودة النسخة البرازيلية القديمة أصبحت مع دونجا وأسلافه، أقرب إلى بيت الشعر الشهير، هي أشياء لا تُشترى.

لمتابعة الكاتب
اقرأ أيضا
كوبا أميركا..منتخبات تبحث عن التأهّل في جولة "اخدم نفسك"

من الظاهرة رونالدو إلى تارديلي..قصة الرقم 9 في البرازيل