كوستاريكا تقتدي بـ"ويل سميث" في البحث عن السعادة

كوستاريكا تقتدي بـ"ويل سميث" في البحث عن السعادة

30 يونيو 2014
فرحة لاعبي كوستاريكا بالتأهل إلى الدور ربع النهائي (Getty)
+ الخط -

اقتحم منتخب كوستاريكا كل بيت وكل مكان يتابع هذا المونديال البرازيلي، ومضى منتخب "الساحل الغني" في مغامرة تستحق كل عبارات الثناء والإعجاب في كأس العالم.

هزم الأورجواي، ثم أطاح بمنتخب إيطاليا الكبير، وكاد يلحق مَن اخترع كرة القدم ـ انجلترا ـ بقائمة ضحاياه، فتصدر المجموعة الرابعة وبات اسماً لامعاً في المونديال. مَن كان يدري، أو يتوقع، أن يتابع هذا الصغير نموه وصولا إلى الإطاحة بأحد أبطال قارة أوروبا، كاليونان، في الدور ثـُمن النهائي، ليتابع طريقه مع الكبار والعمالقة؟!

من يبحث عن السعادة يجدها
"البحث عن السعادة" كان هدفاً لمنتخب كوستاريكا، ومن يطمح ويصر على تحقيق هدفه بعزيمة، لن يكترث بكل المطبات والطرق المفروشة بالشوك المؤلم، كون النجاح سيكون حليفاً له، تماماً كما حدث مع بطل السينما العالمية، ويل سميث، الذي قدم رائعة من روائعه: "ذي برسويت أوف هابينس"، أي "البحث عن السعادة".

ويل سميث بطل شخصية (كريس جاردنر)، رجل عادي جدا في المجتمع الأميركي، فقد كان يعيش مع زوجته ليندا وابنه كريستوفر قبل أن تسوء حالته المالية، فتهجره ليندا وتتركه وابنه لوحدهما، يصارعان أمواج الألم، لكن  كريس لم يستسلم رغم طرده وابنه من الشقة بسبب الإيجار المتراكم، فينامان في الطرقات وسط وحشة الليل وحتى الحمامات العامة التي زينها بدمعة حرقت أفئدة المتابعين ألماً، حتى تأتيه الفرصة للدخول في مسابقة عمل في إحدى الشركات التي تتخصص بالأسهم.

لم يُعـِن ذلك الفرج بعد، بل إن الشروط التي طلبتها الشركة أشبه ما تكون بالـ"تعجيزية" في ظل وجود أغنياء وأصحاب رؤوس أموال ضخمة كزبائن للشركة، فكان شرط الدخول في المسابقة العمل من دون راتب لمدة ستة شهور، على أن يتم اختيار أفضل متسابقين من المتقدمين للعمل، فيناطح كريس الكبار، الذين لم يتوقعوا البتة نجاحه ولو بنسبة 2%، ونجح في الاختبار بعد عناء طويل، وهنا تتغير حالتهما، ويؤمن مستقبلاً جيداً له ولابنه، قبل أن يصبح واحداً من كبار الشركة فيما بعد!

منتخب الساحل الغني" كروياً"
كوستاريكا كلمة اسبانية الأصل تعني "الساحل الغني"، لكنها فقيرة كروياً بطبيعة الحال، وإنجازات منتخبها في مسابقة كأس العالم كانت تقتصر على ثلاث مشاركات وتأهل وحيد للدور للثاني في مونديال ايطاليا عام 1990 لكن في البرازيل، مع اختلاف مفاهيم وطبيعة كرة القدم عن الماضي، باتت وسط العمالقة لتتحقق السعادة رسمياً.

العمل السينمائي لويل سميث ربطه بالسعادة تماماً، مثلما حصل في كأس العالم 2014 بالتأهل للدور الثاني على حساب أبطال عالم سابقين، وربطها بكسر الفقر اللعين بالنجاح والإرادة، التي جعلت ويل سميث يصبح غنيا وينقذ عائلته من الضياع.

وكما هو الحال في كأس العالم، لم يرشح أي خبير كروي ولا أي متابع منتخب كوستاريكا لأن يكون كبيراً بهذا الحجم، بل انه وصف بالحلقة الأضعف في المجموعة الرابعة، ومحطة عبور سهلة للكبير والصغير، ومن هنا كان الرهان على كوستاريكا كلاعبين وجهاز فني، فأبدعوا وأمتعوا ووقف الكبار احتراماً لهم ولتاريخهم الحديث، وما الصورة، التي ظهر فيها مدرب المنتخب، خورخي لويس بينتو، أمام اليونان، إلا دليل على الإصرار، حين أشار بإصبعه نحو رأسه متحدثاً للاعبيه.

تاريخ جديد
دَون أبناء كوستاريكا تاريخاً جديداً، وأرقاماً ثمينة، في مونديال البرازيل، اختصره قائد الكتيبة، المدرب بينتو، حين قال: " لقد منحنا كوستاريكا مكانة في كرة القدم العالمية، لا يقدر أحد على وصف ذلك بالمصادفة أو الحظ".

هنيئا لمنتخب لم تسلط عليه الأضواء لفقره كروياً، نجح في كسر شوكة الكبار فبات كبيراً. لقد غيرت كوستاريكا تاريخها الرياضي، منذ تلك اللحظة التي تأهلت فيها للدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخها.

المساهمون