وكلاء اللاعبين في مواجهة فيفا.. قضية شائكة تنتظر عالم كرة القدم

وكلاء اللاعبين في مواجهة فيفا.. قضية شائكة تنتظر عالم كرة القدم

19 ديسمبر 2021
رايولا سيكون واحداً من أبرز المتضررين (العربي الجديد)
+ الخط -

إذا كان دوري السوبر الأوروبي قد دفع الجميع إلى حالة من التوتر والقلق في عالم كرة القدم، فإن قضية جديدة تظهر للواجهة، وهي في الحقيقة تثير مخاوف وكلاء أعمال اللاعبين حول العالم، وقد تؤدي إلى خلافات وجدلٍ كبير مع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الذي يحاول إدخال العديد من التعديلات على اللعبة الشعبية الأولى.

ويسعى القانون الجديد المقترح تنفيذه اعتباراً من 1 يوليو 2022 من قبل فيفا، المسؤول الأول عن الهيئة الرياضية الأكبر في العالم، إلى منع الوكلاء أو المحامين أو أفراد الأسرة أو غيرهم من الممثلين من كسب أموال وملايين اليوروهات والدولارات من عمليات انتقال اللاعبين والصفقات التي يتم القيام بها، وتؤدي في بعض الأحيان إلى أرقام خيالية ومبالغ فيها في الحقيقة.

هناك بالفعل مسودة للقرار الجديد، لكن حتى اللحظة لم يتم الانتهاء منها أو تحديد تفاصيلها بشكلٍ نهائي، لكنها قوبلت بمعارضة من قبل وكلاء لاعبين مشهورين، مثل مينو رايولا، إلى جانب آخرين، مما دفعهم إلى توحيد قواهم للتشكيك في شرعية مثل هذه القرارات، وإمكانية اتخاذ إجراءات قانونية.

  • عمولات الوكلاء

في الوقت الراهن، لا يوجد قانون يحدد أو يقيد العمولات التي يتقاضاها الوكلاء في سوق الانتقالات المعروف بالميركاتو، على الرغم من أن الفيفا يوصي بعدم تجاوزها 3% من قيمة الصفقة. لكن هذا بعيد كلّ البعد عن الواقع، حيث أظهرت أرقام الموسم الماضي أن الوكلاء قد كسبوا 450 مليون يورو، بحسب الاتحاد الدولي للعبة.

ووفقاً لرابطة الأندية الأوروبية والدوري الإنكليزي الممتاز، فـ"إن هناك حاجة إلى ضمان وضع حد أقصى لجميع أشكال رسوم الوكلاء لتجنّب التحايل وضمان الفعالية للحدّ الأقصى. يتم الدفع لوكلاء كرة القدم في كثير من الأحيان على أساس الرسوم الثابتة، وبالتالي فإن عدم تحديد سقف للرسوم يسمح باستمرار الممارسات التعسفية".

فيفا في الأوقات العادية يكشف إجمالي المبلغ المكتسب فقط، على الرغم من أن الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، يدخل في التفاصيل مع ذكر مقدار ما كسبه كلّ وكيل من الصفقات في البلاد هناك.

وأظهر التقرير أن الأندية الإنكليزية لديها وكلاء أعمال شاركوا في 203 من 562 انتقالًا في هذا العام، تلتها الفرق الإيطالية بفارق ضئيل، وصلت نسبته إلى 35.5%، مع العلم أن الرقم في إنكلترا ناهز الـ133 مليون دولار (118 مليون يورو).

وجاءت ألمانيا بـ84.3 مليون دولار (74.67 مليون يورو)، ثم إيطاليا بـ 73.5 مليون دولار (65.1 مليون يورو)، وتراجعت إسبانيا بشكلٍ كبير بمبلغ وصل إلى 34.8 مليون دولار، ومن ثم فرنسا 30.3 مليون دولار، والبرتغال 29.3 مليون دولار.

ومنذ أن أنهى الفيفا علاقته مع مجموعة الوكلاء المسماة "عائلة كرة القدم" في عام 2015، ترك كل طرف على حدة ليضع أحكامه وإجراءاته، وهذا يعني فعلياً أنّه فقد السيطرة القانونية، ولم يتمكن من التدخل في النزاعات بين اللاعبين ووكلاء الأعمال والأندية.

  • فيفا كمدير أموال للعمولات

ومن أجل استعادة تلك السيطرة، يقترح فيفا إدارة العمولات من خلال جهاز جديد وهو "Clearing House"، الذي من شأنه إدارة جميع المدفوعات، والوقوف عليها.

وبالتالي، تقوم الأندية بدفع العمولة إلى فيفا وسيقوم "Clearing House" بإجراء التحويل إلى الوكلاء من خلال نظام إدارة الأموال. لن تدفع الأندية بعد الآن مباشرة للوكلاء، حتى يتمكن فيفا من ضمان ألا تتجاوز العمولات ستة بالمائة من إجمالي الرسوم والصفقة.

سيكون هناك أيضًا سيطرة أكبر على العقود، ما يعني أيضاً أن العقد بين اللاعب والوكيل سيتغير من عامين إلى ثلاثة.

وفي هذا الصدد، قال المحامي الرياضي الدولي، رالف شربل، لـ"العربي الجديد: "إن استحداث غرفة الوكلاء التابعة لمحكمة الفيفا، التي سوف تعمل بحسب لائحة الوكلاء التي ستصدر في عام 2022، من شأنه أن يحدث تغييرات كبيرة من الناحية القانونية. في الفترة السابقة الممتدة من عام 2015 حتى يومنا هذا، كانت اتحادات كرة القدم الوطنية ولجانها التحكيمية هي التي تنظر في قضايا الوكلاء. خلال عام 2022، وسط هذه التغييرات التي ستنتهجها فيفا، ستصبح الغرفة القانونية المستحدثة مختصة بالنظر والفصل في قضايا الوكلاء".

  • نقطة الصراع

الوكلاء غير سعداء، لأن الحكم سيضع حدًا لأرباحهم وثرواتهم. على سبيل المثال، يمكن أن يكسب رايولا 20 مليون يورو من انتقال لاعب مثل إيرلينغ هالاند، لكنه الآن وبالقرارات الجديدة سيحصل على مبلغ 6 ملايين يورو.

ستعني القاعدة الجديدة أنه يمكن أن يكسب نسبة مئوية من راتب اللاعب، تأتي من اللاعب مباشرة ونسبة مئوية من النادي المشتري. الخيار الآخر هو أن يتقاضى 10 بالمائة من رسوم الانتقال من النادي البائع. على أي حال، يمكن للوكيل أن يقبل بواحدٍ فقط من هذين الخيارين، مما قد يعني بقاء عمولته ضمن هامش 6 بالمائة فقط.

وفقًا للوكلاء بطبيعة الحال، هذا مخالف لقانون الاتحاد الأوروبي. ويقول الوكلاء إن ذلك ضد حقوقهم، وإن الخطوات التي يسعون إلى اتخاذها تشبه إلى حدٍ كبير تلك التي ظهرت في دوري السوبر الأوروبي.

ويخطط وكلاء الأعمال لاتخاذ إجراءات قانونية في محكمة أوروبية مستقبلاً، التي يأملون أن ترفع القضية إلى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، لتحديد ما إذا كانت تتعارض مع قانون الأسواق الحرة والتداول الحرّ لرأس المال والخدمات.

وحول هذه القضية، أردف الاستاذ شربل: "قبل عام 2015، كانت فيفا تنظر في قضايا الوكلاء من خلال لجنة أوضاع اللاعبين. لكن بعد ذلك التاريخ، قرر فيفا التوقف عن النظر في قضاياهم، واكتفى فقط بإصدار توصيات غير ملزمة، تحت مسمى لائحة العمل مع الوسطاء. لا شك أن هذه التغييرات تشكّل نكسة للوكلاء، لأنهم استطاعوا تحقيق ثروات طائلة بسبب القوانين المخففة التي وضعها فيفا منذ عام 2015. أما الاستحداثات الجديدة فستضع سقفاً لنسبة العمولة التي يتقاضاها الوكيل". 

  • التأثير الفوري للقرار المستقبلي

يمكن أن يكون للتطورات الأخيرة تأثيرٌ في السوق الشتوي لشهر يناير/ كانون الثاني، مما قد يدفع الوكلاء لإنجاز الانتقالات بأسرع وقت ممكن لتجنّب تأثرها مستقبلاً. لا يوجد مثال أفضل من هالاند، الذي يمكن أن يشجعه رايولا على الانتقال في سوق الانتقالات الشتوي بدلاً من الانتظار حتى الصيف، إذ قد يخسر حينها مينو أموالاً طائلة جراء القرارات الجديدة.

وبطبيعة الحال، كان رايولا واحداً من الأسماء التي استفادت بشكلٍ كبير من عمليات انتقال اللاعبين من جميع الأطراف، على غرار صفقة البرازيلي نيمار دا سيلفا والفرنسي بول بوغبا وكذلك جيانلويجي دوناروما.

وختم المحامي شربل: "برأيي الشخصي، هذه التغييرات ستعطي مزيداً من الشفافية في كرة القدم، وسوف تمنع التفلت في العمولات التي كانت تدفع للوكلاء من دون حسيب ولا رقيب. كذلك، ستقلّص عدد الوكلاء حول العالم بفضل "fifa licensing system"، بعدما ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب عدم وجود ضوابط وقيود".

المساهمون