ستعرف منافسات دوري الأمم الأوروبية بطلاً جديداً، ذلك أن المنتخبين الإسباني والكرواتي لم يسبق لهما التتويج بهذه البطولة، حيث كان التتويج الأول في عام 2019 للمنتخب البرتغالي، أما النسخة الثانية فقد تُوج بها المنتخب الفرنسي، الذي انتصر في النهائي على منتخب إسبانيا.
ويتوقع أن تكون المباراة النهائية، التي ستقام الأحد في روتردام بهولندا، شديدة التنافس بين المنتخبين، خاصة أن كل منتخب يملك أسلوب لعب بات معلوماً لدى منافسه، وبالتالي سيكون من الصعب إيجاد الحلول، خاصة في الدقائق الأولى من النهائي.
وأصبحت مهمة المنتخب الإسباني في النهائي مزدوجة، بداية بالحصول على اللقب الأول، وثانياً تعويض الخسارة المثيرة للجدل في العام الماضي أمام المنتخب الفرنسي، وإضافة لقب إضافي إلى رصيد إسبانيا التي توجت ببطولة أوروبا مرّتين، كما توجت بكأس العالم في مناسبة، وبالتالي ستضيف اللقب الذي ينقص سجلها، وهي أمام فرصة كبيرة لحسم اللقب، بعد فوزها على إيطاليا بنتيجة 2ـ1 في نصف النهائي.
ولا يبدو وضع إسبانيا جيداً في مواجهة النهائي، ذلك أن مستوى رفاق غافي لم يكن مميزاً، خاصة في الشوط الأول أمام منتخب إيطاليا، وواجه الإسبان مشاكل دفاعية كثيرة، حيث كان الإيطاليون على وشك أخذ الفارق في ثلاث مناسبات، وبدفاع يضم ثنائياً اختار تمثيل إسبانيا على حساب منتخب فرنسا، وهما رونادي وإيمريك لابورت، فإن إسبانيا ستواجه أزمات كبيرة في حال عدم تدارك النقائص.
في الأثناء، فإن إسبانيا تملك قدرات كبيرة في وسط الميدان بوجود رودري نجم مانشستر سيتي، وغافي موهبة برشلونة، وهما ثنائي متكامل قادر على الصعود بالكرة بسهولة كبيرة تأكدت في مواجهة وسط ميدان إيطاليا الذي اعتمد على اللعب العنيف للحد من خطورتهما. ويمكن للمدرب لويس دي لافوينتي أن يحصل أسرع لقب مع المنتخب، حيث سيقود إسبانيا للمرة الرابعة منذ أن حل بديلاً للمدرب لويس إنريكي بعد نهاية مونديال قطر.
وهذا اللقب الذي ينقص خزائن إسبانيا سيدعم موقفه، بعد أن واجه تعيينه انتقادات قوية في إسبانيا، كونه لا يملك خبرة كبيرة بالتعامل مع نجوم الصف الأول، ولكن المهمة ناجحة إلى حدّ الآن، حيث إنه قد يُهدي إسبانيا ما لم يقدر المدرب السابق إنريكي الحصول عليه في النسخة الماضية، رغم أن الفرصة كانت مؤاتية بالنظر إلى أن المنتخب الفرنسي لم يكن في أفضل حالاته في النهائي، ولكن اللقاء انتهى بخسارة اللقب مع جدل تحكيمي كبير بخصوص هدف فرنسا الذي قلب الطاولة، وهي معطيات ستدفع "لاروخا" إلى مضاعفة المجهود من أجل التعويض.
ويُطارد منتخب كرواتيا إنجازاً جديداً في مسيرته من خلال السعي إلى الحصول على أول لقب، بعد أن فشلت كل الأجيال السابقة في الصعود إلى أعلى منصة التتويج، حيث حلّ وصيفاً في مونديال 2018، وحصد المركز الثالث في مونديال 2022، كما أن المشاركة في نهائيات كأس العالم 1998 كانت موفقة بالوصول إلى نصف النهائي.
ويبدو أن ساعة الحصول على لقب للتاريخ باتت قريباً من جيل لوكا مودريتش، رغم أن المنتخب شهد انسحاب عدد كبير من النجوم الذين كانوا أبطال ملحمة 2018، ورغم ذلك، فقد وجد الحلول، وتمكن من تقديم عروض قوية قادته إلى التألق في مونديال قطر، رغم خيبة نصف النهائي أمام الأرجنتين.
وتعتبر قوة الشخصية من الخصال المميزة في المنتخب الكرواتي، ذلك أن الطريقة التي حسم بها المقابلة أمام هولندا تؤكد أنه فريق متماسك، ويعتمد كثيراً على اللعب الجماعي الذي يُساعده على التعامل مع المواقف الصعبة، إذ لم يكن من السهل العودة في المواجهة الأخيرة مع هولندا أمام جماهيرها. كما أن الجماهير الكرواتية تستحق هذا اللقب، بعد أن كانت قريبة من ذلك في العديد من المناسبات، وقد يكون هذا النهائي فرصة الأمل الأخير لمودريتش ليحصد لقباً مع منتخب بلاده بعد إبداعه طوال المواسم الماضية.
ويُعتبر الصراع في وسط الميدان المحور الأساسي في المواجهة، بما أن المنتخب الكرواتي يملك الثلاثي مودريتش لاعب الريال ومارسيلو بروزوفيتش لاعب إنتر ميلان الإيطالي وماثيو كوفاسيفيتش نجم تشلسي الإنكليزي، بينما تعتمد إسبانيا على رودري وميكيل ميرينو، وينضم إليهما غافي الذي يتغير تمركزه حسب الخطة، وهو لاعب لا يتقيد بمنطقة دون غيرها، بل يتحرك باستمرار وتصعب مراقبته، وهذا الصراع القوي في وسط الميدان هو الذي سيحسم النتيجة النهائية، وسيُحدد المنتخب الذي سيتأهل، باعتبار أن كل مدرب يعتمد كثيراً على هذا الخط من أجل السيطرة على اللقاء وفرض أسلوب لعبه.
كما أن كل مدرب سيُحاول أن يحسن التعامل مع المباراة، مع أفضلية للكرواتي زلاتكو داليتش، الذي يُشرف على رفاق مودريتش منذ سنوات وله الخبرة الكافية بمثل هذه المباريات، في وقت يفتقد فيه مدرب إسبانيا دي لافونتي إلى الخبرة الدولية، بما أنه تولى تدريب "لاروخا" منذ مدة قصيرة.
ويُتوقع لهذه المواجهة أن تشهد تسجيل الكثير من الأهداف، ذلك أن آخر لقاء جمع المنتخبين في عام 2021، سُجلت خلاله 8 أهداف بانتصار إسبانيا المثير بنتيجة 5ـ3، كما أن الأهداف كانت حاضرة في كل المواجهات بين المنتخبين في السنوات الماضية، إضافة إلى أن أداء كل منتخب في نصف النهائي يُثبت أن اللقاء سيعرف سيطرة التوجه الهجومي لكل منتخب بحثاً عن اللقب الأول، ورغم الإرهاق الذي يُعاني منه اللاعبون بسبب طول الموسم في أوروبا وقوة المنافسة، فإن اللقاء سيكون مثيراً، وكل منتخب سيحاول الدفاع عن فرصه في التتويج مستعيناً بكل قدراته، خاصة في الهجوم، الذي سيكون حاسماً في تحديد البطل الجديد لهذه المسابقة.