كان نجم فريق ومعشوق جماهير، والآخر أحبه الجميع، بل تحمّله الجميع لفترة قبل أن يظهر بشكلٍ جيد، جاء إلى إيطاليا ودعمه المشجعون هناك، أما الأول فقد كان طفلاً، حمله المناصرون على كفوف الراحة، طالبوا بأن يصبح قائدهم، أحبوه وظنوا في مخيلتهم أن أمثال فرانكو باريزي وباولو مالديني وكوستاكورتا قد ولدوا من جديد.
أتحدث اليوم عن الحارس الإيطالي جيانلويجي دوناروما، والتركي هاكان تشالهان أوغلو، اللذين ينطبق عليهما المثل "ما لي أسمع جعجعة ولا أرى طِحناً". لا أقصد هنا ما قدّماه لميلان ومساهمتهما في العودة لدوري أبطال أوروبا، بل إلى تلك القبلة التي زرعاها على شعار ميلان ثم حوّلها إلى سكين في ظهر محبيه.
متى تنتهي هذه العواطف الخداعة، متى ينتهي تقبيل الشعار وتلك التصريحات عند كلّ انتقال، حين يخرج أحدهم ليتحفنا "هذا النادي كان حلم حياتي، تمنيت اللعب منذ الصغر هنا"، وكأن الجميع "حافظ مش فاهم".
ربما أخطأت إدارة ميلان بعدم إجبار اللاعبين على التجديد أو الرحيل في بداية الموسم الماضي، لعدم تركهما يرحلان بدون مقابل. ربما عولت على حبّ دوناروما لميلان، لكنّ رغبة الحارس في الرحيل كانت أقوى، يحاول البعض تحميل المسؤولية في القرار لمينو رايولا، لكن الحقيقة من يريد البقاء في فريقٍ يحبه سيفرض رأيه على وكيل أعماله.
لم تعد كرة القدم كما كانت في السابق، تغيّرت الأمور وبات الجميع يبحث عن مصلحته، وهذا حقٌ مشروع، من يدفع لك أكثر ستكون معه، لكن ليوقف اللاعبون هذه الدراما، تقبيل الشعار بعد الفوز، كتابة كلمات شاعرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يأتي الانفجار حين يجلس الجميع على الطاولة للحديث في تجديد العقد.
لن تجد شخصاً بعد الآن مثل جينارو غاتوزو، يوم انفصل عن ميلان، قرر التنازل عن راتبه، رغم أن عقده كان يتيح له الحصول على رواتبه طالما أنه لم يوقع مع أي نادٍ لتدريبه.
زمن الوفاء انتهى يا سادة...