المستحيل ليس ناصر الخليفي

المستحيل ليس ناصر الخليفي

14 اغسطس 2021
الخليفي صنع فريقاً باريسياً خارقاً (Getty)
+ الخط -

فيما لا يزال الكتالونيون تحت الصدمة منذ إعلان رحيل ميسي عن فريق برشلونة، لم يستفق الباريسيون من هول صفقة مدوية يصعب استيعابها وتقدير مفعولها، حققتها إدارة النادي من كل الجوانب الرياضية والتجارية والاقتصادية في ميركاتو صيفي كان الأفضل في تاريخ الفريق، كمّاً ونوعاً وقيمة، حتى إنه تمكن من ضمان أربع صفقات للاعبين من دون مقابل، هم ميسي، دوناروما، راموس وفاينالدوم، في إطار مشروع رياضي اقتصادي واستثماري عمره عشر سنوات فقط، رفع قيمة النادي من 70 مليون يورو سنة 2011 إلى 3 مليارات يورو سنة 2021.

وهي الصفقات التي تسمح اليوم بجلب عروض رعاية جديدة قد تصل إلى 500 مليون يورو، دون احتساب كل المداخيل المرافقة لصفقة ميسي، وخاصة من عمليات بيع القميص رقم 30 الذي يحمل اسم اللاعب، والذي حقق ما يقارب 100 مليون يورو في ظرف بضعة أيام.

الحديث عن صفقات هذا الصيف وأرقام النفقات والمداخيل المرتقبة لم يثنِ المتتبعين عن تقدير الإدارة المتميزة للنادي الذي يرأسه منذ 2011 رجل الأعمال والإعلام، وأحد رجالات أمير دولة قطر، ناصر الخليفي، الذي تمكن في ظروف صعبة ومعقدة من إعادة بناء فريق كان في وضعية حرجة فنياً ومادياً سنة 2011.

وهو تحوّل في ظرف وجيز إلى مؤسسة كبرى وماركة عالمية استقطبت مع الوقت مدربين كباراً ونجوماً عالميين على غرار تياغو سيلفا، إبراهيموفيتش، كافاني، بيكهام، نيمار، امبابي، ثم راموس وميسي، وحققت بطولات وألقاباً لم يحققها على مدى 40 سنة من قبل منذ تأسيس النادي سنة 1970، إذ حصد على مدى عشر سنوات سبعة دوريات، ست كؤوس محلية، خمس كؤوس للرابطة، وثماني كؤوس سوبر محلية، إضافة إلى بلوغه نهائي دوري أبطال أوروبا سنة 2020.

رئيس النادي ناصر الخليفي، مهندس كل التحولات التي عرفها النادي "الباريسي"، الذي تحول في ظرف وجيز إلى أحد رموز نجاح الجيل القطري الحالي، اختارته مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية أكثر شخصية مؤثرة في عالم الكرة سنة 2020، وصار رئيس رابطة الأندية الأوروبية عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، يقارع كبار المسيرين المتمرسين محلياً وأوروبياً.

 يخطف منهم البطولات والألقاب والنجوم بالرغم من صغر سنه، وحداثة عهده بعالم الكرة. تحمّل مسؤولية رئاسة نادي يحظى بشعبية كبيرة في فرنسا، واهتمام كبير في الوسطين السياسي والإعلامي الذي لم تتقبل في البداية غالبيته استحواذ مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية على نادي باريس سان جرمان، قبل أن يتحول الرجل في ظرف وجيز إلى مفخرة للباريسيين في حد ذاتهم، وللقطريين أحد رموز نجاح الجيل الصاعد من الشباب الذي تحمّل المسؤولية ونجح في إيصال بلد صغير بمساحته وعدد سكانه إلى مصافّ الكبار في مختلف المجالات.  

قد يقول البعض إنّ المال الذي تتوافر عليه مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية التي يرأسها ناصر الخليفي هو الذي سمح للرجل بتحقيق كل الإنجازات مع باريس سان جرمان، لكن الفكر الاستثماري والتجاري للرئيس، والثقة التي يحظى بها من طرف مسؤوليه، والجرأة والشجاعة والصبر التي تحلى بها الرجل في مواجهة كل التحديات، بما في ذلك السياسية في فرنسا، كل ذلك سمح بتحقيق كل هذه الإنجازات.

جميعها عوامل ساعدت على النجاح، كذلك فإن نوادي أوروبية وعالمية أخرى كبيرة تملك الأموال من زمان، لكنها لم تحقق ما حققه رئيس النادي الباريسي، وخاصة في ميركاتو هذا الصيف الذي تمكن فيه من توفير ما لا يقل عن 500 مليون يورو من خلال انتداب لاعبين في صفقات حرة لم يدفع فيها أموالاً للأندية التي كانوا يلعبون لها، ستدرّ على النادي مداخيل لن يحققها أي فريق آخر، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها الكرة الأوروبية بسبب تداعيات فيروس كورونا.

وتشير التوقعات إلى مداخيل لم يسبق لها مثيل من عمليات بيع قميص ميسي، واشتراكات الأنصار، وعقود الرعاية والإشهار مع مؤسسات كبرى، دون الحديث عن مداخيل وتداعيات أخرى على "الباريسي"، وقطر في موسم يسبق مونديال 2022 الذي سيخوضه ميسي باعتباره لاعباً في ناد تعود ملكيته إلى مؤسسة استثمارية قطرية نجحت برئاسة ناصر الخليفي في تحويل ما كان مستحيلاً إلى حقيقة واقعة في ظرف عشر سنوات باستحواذه على ثلاثة من أفضل خمسة لاعبين في العالم، هم: مبابي، نيمار والأسطورة ميسي في صفقات تاريخية مدوية كان مهندسَها شابٌّ قطري عندما وُلد كان باريس سان جرمان عمره ثلاث سنوات فقط.

قد تكون شهادتي في الرجل مجروحة، بحكم تعاملي معه في شبكة قنوات بي إن سبورتس التي يرأسها منذ 2008، التي جعل منها مؤسسة إعلامية كبيرة تضمّ ما يقارب 100 قناة رياضية وترفيهية، تبثّ 500 ساعة يومياً، في 43 بلداً بثماني لغات، وطموحات أخرى لا حدود لها، لكنني لم أقل سوى القليل.

المساهمون