لم ينجح فريق في تحجيم الانطلاقة الشرسة لأتلتيكو مدريد هذا الموسم سوى فريق ريال مدريد، إذ إنه تفوق في "الديربي" الأخير الذي جمع بينهما يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وقبل المواجهة المُتجددة المرتقبة اليوم على ملعب "واندا ميتروبوليتانو"، يدخل الفريقان والعين على الفوز ولا شيء آخر، لأن أي تعثر في هذه المرحلة من الموسم سيعني الكثير والكثير.
وعانى أتلتيكو مدريد أخيراً تراجعاً كبيراً، ليس فقط على مستوى النتائج، بل من ناحية الأداء والمعدلات، إذ أمسى أقلّ عطاءً، أقلّ استحواذاً، أقلّ تهديفاً، وأكثر اعتماداً على مهاجمه الأوروغواياني لويس سواريز. وهناك اختلافات بين أتلتيكو هذا وذاك في "الديربي" الأول، رغم أنه لا يزال المتصدر لترتيب "الليغا" بجدارة بفارق نقاط عن ريال مدريد مع بقاء مباراة مؤجلة له.
ففي دربي الدور الأول على ملعب "ألفريدو دي ستيفانو"، وصل أتلتيكو إلى المباراة أكثر حسماً ومن دون التعرض لأي خسارة في 10 مباريات، حقق خلالها انتصاراً هاماً على غريمه الآخر برشلونة بهدف نظيف، لكنه تعرض لخسارة صاخبة أمام النادي "الملكي" بهدفين لكاسيميرو ويان أوبلاك في مرماه بالخطأ من تسديدة لداني كارباخال.
وظهر العجز جلياً في أداء أتلتيكو، ليلتهمه المنافس الأبيض الذي سيطر بالأخص في الشوط الأول، ولم تظهر للضيوف أنياب كبيرة في الشوط الثاني، دون خيارات للعودة في اللقاء. واعترف المدرب الأرجنتيني للفريق، دييغو سيميوني، بعد خسارة "الديربي" آنذاك، قائلاً: "لم نستعد لمباراة مدريد جيداً، ولم نلعب جيداً، ولم تسر بالشكل الذي نتمنى"، إذ تحول أداء الفريق من الأداء التكتيكي القادر على خلخلة دفاعات الخصوم في الجولات العشر الأولى، ليعاني بعدها، دون شك، في التهديف.
متوسط هدف لكل مباراة
كان "الديربي بمثابة جرس إنذار للفريق المدريدي، ليصنع بردة فعل على الفور، وفعلاً حقق 8 انتصارات متتالية في "الليغا"، إضافة إلى خوضه 11 مباراة دون خسارة، لكن مع فارق في التقييم مقارنة ببدايته القوية للمسابقة، محققاً الفوز في ثماني مباريات والتعادل في اثنتين. فمع متوسط انتصارات قريب للغاية (0.8 في الجولات العشر الأولى و0.7 في الجولات الـ14 اللاحقة، بما فيها الدربي)، تراجع الثبات الدفاعي لأتلتيكو بعد هزيمة الدربي، وهو ما تعكسه البيانات بوضوح.
وخلال الجولات العشر الأولى مُنيت شباك الروخيبلانكوس بهدفين فقط، وفي الجولات الـ14 التالية دخلت مرمى أوبلاك 14 هدفاً، لتزيد من متوسط هدف كل خمس مباريات إلى هدف في كل مباراة.
فالحارس السلوفيني نجح في انطلاقة الموسم لفريقه في الحفاظ على نظافة شباكه في "الليغا" في ثمانٍ من عشر مباريات، وبعدها انخفضت تلك المعدلات، ليحافظ على عذرية الشباك في أربع مباريات فقط من أصل 14، أمام خيتافي، إشبيلية، فياريال وريال سوسييداد.
كذلك انخفض معدل المحاولات لتسجيل هدف أمامه، من متوسط هدف واحد كل 51 محاولة لخصومه، إلى هدف كل 9.14 محاولات الآن، وهو الفارق الجوهري في أداء الفريق قبل موقعة الدربي الأخيرة وبعدها، التي تعكس بالأخص معاناته على المستوى الدفاعي.
سواريز ونصف الأهداف
تأثر المعدل التهديفي لفريق أتلتيكو أيضاً بعد خسارة الدربي، ليتراجع من متوسط 2.1 هدف في المباراة إلى 1.8 هدف، مسجلاً 21 هدفاً في المباريات العشر الأولى، و26 من بداية الدربي وحتى الآن، إضافة إلى انخفاض الاستحواذ على الكرة، إذ كان الأكثر استحواذاً في انطلاقة بطولة الدوري في سبع من أصل أول عشر جولات، قبل أن ينخفض إلى النصف في الـ14 مباراة التالية.
وازداد اعتماد الفريق على النجم الأوروغواياني المخضرم بعد مواجهة "الديربي"، إذ شارك سواريز تقريباً في كل انتصار حققه الفريق المدريدي، حيث سجل 11 هدفاً في آخر 14 مباراة، مع الوضع بالاعتبار فشله في هزّ الشباك في المباريات الأربع الأخيرة.
ويعكسُ هذا مشاركة سواريز في 42% من أهداف فريقه خلال هذه المرحلة، ويعد ماركوس يورنتي الأقرب له بواقع أربعة أهداف، بينما في المقابل بلغت حصيلة أهداف سواريز من إجمالي أهداف فريقه في الجولات العشر الأولى 23% بتسجيله 5 أهداف، وهو ذات معدل البرتغالي جواو فيلكس، الذي اتخذ مساراً معاكساً، حيث تألق في بداية الموسم وبدأ في المعاناة مع الشباك بعدها.
هذا وتكشف أرقام جواو فيلكس بعد الدربي تراجع معدلاته التهديفية، حيث سجل هدفين، لكنه أيضاً غاب عن التشكيل الأساسي في أكثر من مناسبة، مقارنة بالسابق، رغم زيادة كفاءته الهجومية: احتاج لمتوسط 5.65 تسديدات في الجولات الـ14 الأخيرة ليسجل هدفاً، مقابل 6.73 تسديدات قبل الدربي لهزّ الشباك.
إصابة ماريانو تعمّق أزمة زيدان
يعاني فريق ريال مدريد هذا الموسم من كابوس إصابات مستمر: 42 حالة إصابة، آخرها إصابة ماريو دياز، ليصبح الفرنسي زيدان في ورطة قبل مواجهة "الديربي" الحاسمة أمام أتلتيكو مدريد، إذ لا يوجد أي مهاجم جاهز للمباراة من الفريق الأول. وأشار بيان للنادي إلى أنه "شخّص الجهاز الطبي للنادي إصابة لاعبنا مارينو دياز بإصابة عضلية في الساق اليسرى".
وبعد إعارة لوكا يوفينتش لإينتراخت فرانكفورت، أصبح لدى النادي "الملكي" مهاجمان اثنان فقط في الفريق الأول، أحدهما ماريانو الذي لم يكن يعتمد عليه زيدان كثيراً، وسيتعين على المدرب الفرنسي البحث عن حلول أخرى في حال عدم لحاق الفرنسي كريم بنزيمة بالمباراة.
ولا يزال بنزيمة بعيداً عن المران قبل ثلاثة أيام من المباراة، وسيتعين عليه الإسراع في عملية التأهيل على أمل اللحاق بالدربي والتخفيف من أزمة خط الهجوم، وهو ما سيظهر خلال الساعات القادمة، إذ سيحظى "زيزو" بمهاجم واحد فقط من فريق الرديف، هو هوغو دورو. وتضع هذه الإصابات زيدان أمام خيارات قليلة، أحدها الاعتماد على إيسكو كرأس حربة وهمي، أو أن يلعب بطريقة (4-4-2) مع الدفع بماركو أسينسيو وفينيسويس جونيور في الأمام.
(العربي الجديد، إفي)