ما هي أسباب النجاح لدى الأطفال؟
الجلد والصبر شرطا النجاح (Getty)
يعد كتاب Grit أحد أهم الكتب التعليمية التي تم إصدارها هذا العام، إذ تقوم الباحثة أنجيلا داكوورث بتلخيص سنوات بحثها وسعيها في معرفة الطريقة الأمثل لنجاح الأطفال في المدارس، وتفوق الخبراء في جميع مجالاتهم.
يناقش الكتب فكرة الجَلَد والشغف ودورهما في النجاح وتحقيق الأهداف بعيدة المدى في مقابل الفكرة المنتشرة عن أن النجاح والتفوق ناتجان عن العبقرية والموهبة الفطرية والطبيعية.
مؤلفة الكتاب هي عالمة النفس الشهيرة الحائزة على جائزة زمالة ماك آرثر، وكانت قد تركت وظيفتها في إحدى أكبر الشركات الاستشارية الإدارية واتجهت لتدريس الرياضيات، ومن ثم اتجهت للبحث في كيفية تأثير الشخصية على نجاح الأطفال في التعلم أو التفوق في الحياة بشكل عام.
وقد قامت أنجيلا بتأسيس "Character Lab" وهو معمل بحثي يهتم بدراسة جوانب وصفات شخصية عدة وكيفية تنمية هذه الجوانب عند الأطفال داخل المدارس والمنازل، وقد أسهمت أنجيلا في أبحاث عدة في مجالات تنمية الشخصية مثل ضبط النفس والتحفيز ودور الإصرار والشغف في النجاح والتفوق.
يتناول الكتاب السبب المؤدي للنجاح، هل نجاح الشخص يعتمد على الموهبة والفطرة الطبيعية؟ أم أنه وليد العمل والاجتهاد والتدريب المستمر؟ تقوم الكاتبة بسرد رحلتها في الإجابة عن هذا السؤال، وبكل تأكيد تعتقد أن السبب الثاني هو المؤدي للنجاح، وبالتحديد صفة الجَلَد.
في البداية، تسرد الكاتبة بعض القصص التي وردت في أبحاثها. إحدى هذه القصص هي برنامج الوحش بأكاديمية "ويستبوينت" العسكرية، إذ يعد هذا البرنامج أحد أشد البرامج التأهيلية قسوة في العالم. يأتي إلى هذه الأكاديمية أذكى وأقوى الطلاب من كل الولايات الأميركية، ومع ذلك، لا يكمل 20% من الطلبة دراستهم بهذه الأكاديمية، كما لا يستطيعون إكمال برنامج الوحش.
وقامت أنجيلا مع الباحث "مايك ماثيو" بالبحث عن إجابة لهذا السؤال، ومن هنا قاموا بإيجاد ميزان لسمة الجَلَد، عن طريق تصميم استبيان يقوم فيه الطلبة بالإجابة عن بعض الأسئلة، ومن خلال إجاباتهم يتم وضع درجة لمدى جلد الشخص وصبره. وقد كانت نتيجة الاستبيان مذهلة! تخرج غالبية الطلبة الذين حققوا معدلًا عاليًا من سمة الجلادة، بينما لم يكمل الطلبة أصحاب المعدلات المنخفضة الدراسة بالأكاديمية.
لم تكن هذه هي المرة الوحيدة، فقد كررت أنجيلا أبحاثها على العديد من الفئات المختلفة، واستنادًا إلى خبرتها في التدريس وتعاملها مع العديد من الطلاب، فقد توصلت إلى أن أحد العوامل الرئيسية والمهمة في النجاح هو هذه السمة.
وتقوم الكاتبة بتعريف صفة الجلادة – GRIT على أنها: الشغف والإصرار نحو تحقيق الأهداف بعيدة المدى. فإذا قمت بتنمية الشغف تجاه مجال معين ووضعت هدفًا بعيد المدى لتحقيقه، وكان لديك من الإصرار ما يكفي للوصول إلى هذا الهدف، فسوف تقوم بالوصول إليه بغض النظر عن مستوى مهارتك وموهبتك في الوقت الحالي. ومن هذا التعريف تتضح أهمية هذه السمة.
عناصر تنمية ونضج الشغف:
- الاهتمام: ابحث عن شيء تهتم به وتعمل لأجله، هذه هي النصيحة التي تتردد دائمًا في خطابات حفلات التخرج. وتكمن المشكلة الرئسية هنا في انتظار البعض للحظة الحاسمة التي يستكشفون فيها ما يحبون، فهم ينتظرون الكمال! فلا يريدون الانخراط في عمل واحد يستحق استثمار الجهد والوقت والمال، وفي النهاية قد لا يكون الشيء الذي خلقوا لأجله. ولهذا، يأتي الشيء المفضل لديك من خلال ثلاثة أشياء: 1) القليل من الاستكشاف، 2) الكثير من التنمية، 3) التعمق مدى الحياة. ولا تدع الملل يتملك منك! وكما تقول الكاتبة، يفشل الناس دومًا فيما يحبون، ولكن يفشلون بشكل أكبر في ما لا يحبون.
- الغاية: يعني هذا أن ما يفعله أصحاب الجلادة يكون دائمًا له أثر وإسهام واضح في حياة الأفراد والمجتمعات، وهذا هو العنصر الذي اشترك فيه كل الأشخاص الذين تحدثت معهم الكاتبة، ولا يعني هذا أنهم يفضلون ما في مصلحة غيرهم على حساب سعادتهم الشخصية.
عناصر تنمية الإصرار:
- الممارسة: يجب على ذوي الجلادة فعل الكثير من التدريب المثمر، وفي المقابل تجربة الانسيابية والسعادة. وقد قامت الكاتبة باستعراض خطوات التدريب المثمر وهي:
2) التركيز والجهد الكاملان،
3) الحصول على تقييم لحظي،
4) التكرار مع التفكر والتطوير.
وتقوم المؤلفة بسرد حكايتها مع التدريب المثمر عندما تدربت على التحدث في مؤتمر تيد العالمي، حيث تضمنت هذه العملية الكثير من الصعوبات إلى أن اتسمت كلمتها في المؤتمر بالانسيابية التامة.
- الأمل: يأتي الفشل والإحباط مع كل من الممارسة والبحث والاستكشاف، ولكن ما يميز أصحاب الجلادة أن لديهم توقعاً بأن جهدهم سيؤثر على مستقبلهم. وهنا تتحدث الكاتبة عن فكرة عقلية النمو واستخدام تقنيات مختلفة من علم النفس الإيجابي مثل Self-talk أو التحدث الذاتي وهو محاولة التحدث مع النفس في الأوقات الصعبة وقلب النتائج السلبية لأهداف إيجابية.
