حكايات من أمام منزل وزير الخارجية الأميركي: هتافات وتخييم دعماً لغزة

حكايات من أمام منزل وزير الخارجية الأميركي: هتافات وتخييم دعماً لغزة

31 يناير 2024
معتصمون أمام منزل بلينكن يطالبون بوقف الحرب على غزة (العربي الجديد)
+ الخط -

في واحد من أرقى وأهدأ أحياء ولاية فيرجينيا، وأمام منزل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لا تتوقف هتافات المطالبين بوقف الحرب على غزة، الذين نصبوا خيامهم على جانبي الطريق، منذ يوم الجمعة الماضي وحتى الرابع من فبراير المقبل، لهدف واحد هو تذكير بلينكن بما يصفونه بـ"الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة والجرائم التي تُرتكب ضد الأبرياء بدعم أميركي".

الصورة
معتصمون أمام منزل بلينكن يطالبون بوقف الحرب على غزة (العربي الجديد)

"العربي الجديد" على مدار عدة أيام وخلال أوقات متفاوتة، يلتقى عددا من المشاركين في الاعتصام، إذ يدب النشاط في المتظاهرين كل صباح، على وقع خروج وزير الخارجية أو أسرته من المنزل، ومرة أخرى عند عودتهم، حيث تتصاعد الهتافات التي تتهم بلينكن بالمشاركة في قتل الأطفال والنساء في غزة، وتستمر الهتافات كفقرات ثابتة يوميا حتى التاسعة مساء، رافعين اللافتات طوال اليوم، تنديدا بالموقف الأميركي من الحرب على غزة.

حزامى: لن يرتاح بلينكن في بيته بسبب جرائم الحرب بحق غزة

تقول الناشطة حزامي برمدا، الداعية إلى الاعتصام أمام منزل بلينكن، حيث تتجاور 5 خيام صغيرة تضم المعتصمين، "نحن هنا لنذكّر وزير الخارجية الأميركية أننا ضد موقف الولايات المتحدة من العدوان الإسرائيلي وجرائم الحرب التي ترتكب في غزة".

تضيف لـ"العربي الجديد": "نحن هنا لنقول له إننا نرى ما تفعلون ولا نوافق عليه ولن نجعلك ترتاح في بيتك، حتى تتوقف الحرب ويتوقف دعم الولايات المتحدة لإسرائيل".

الصورة
معتصمون أمام منزل بلينكن يطالبون بوقف الحرب على غزة (العربي الجديد)

ورغم برودة الطقس والأمطار إلا أن المتظاهرين يصلون من أماكن مختلفة، بعضهم قاد سيارته لأكثر من ساعة من بالتيمور عاصمة ولاية ماريلاند، وبعضهم لأكثر من ساعة ونصف من ولاية فيرجينا، وآخرين من داخل مقاطعة كولومبيا.
جيرمي جاء من بالتيمور بولاية ماريلاند للمشاركة في التظاهر والاعتصام أمام منزل وزير الخارجية، قضي إجازته الأسبوعية في المخيم، كانت ساقاه مبللتين وكذلك حذاؤه وجواربه بفعل مياه الأمطار التي لم تتوقف، خلال السبت الماضي، حيث تسربت المياه إلى داخل الخيمة، لكنه استمر في الاعتصام رغم خطورة ذلك على صحته، قائلا إن ذلك يعتبر "لا شيء" مقارنة بما يعانيه الأطفال في غزة، وأنه سيستمر في التظاهر للمطالبة بوقف إطلاق النار، ووقف الدعم الأميركي لإسرائيل.

يبدأ المعتصمون يومهم بالهتافات ضد وزير الخارجية، في أول يومين من الاعتصام، كانوا يستخدمون مكبرات الصوت والآلات الموسيقية والأواني لإيصال رسائلهم، والتأكد من أن بلينكن ليس مرتاحا في منزله، ويشعر بالانزعاج من الهتافات التي تطالبه بوقف إطلاق النار والتي تصفه بالمشاركة في قتل الأطفال في غزة، لكن المضايقات الأمنية كانت سريعة، حيث تم تحذيرهم وإبلاغهم أنهم لا يمكنهم استخدام أي مكبرات صوت أو أي شيء خلال هتافاتهم، فلم يعد لديهم أي شيء سوى أصواتهم التي يرفعونها عاليا لمدة ساعات مرددين الهتافات.

عاطفة: كمواطنة من فيرجينا وكأميركية لا أريد لأموال الضرائب التي أدفعها أن تستخدم لقتل الأبرياء في غزة".

عاطفة، إحدى المشاركات في الاعتصام، قضت 3 ليال في المخيم، كان واضحا على صوتها آثار الحشرجة كنتاج للهتاف المتواصل والبرد الشديد، تقول: "أشعر كأنني سأفقد صوتي، فقد منعونا من استخدام أي معدات مساعدة، ولكن سنواصل الاعتصام ضد سياسات الولايات المتحدة، وأنا كمواطنة من فيرجينا وكأميركية لا أريد لأموال الضرائب التي أدفعها أن تستخدم لقتل الأبرياء في غزة".
وتعيش عاطفة على مسافة نحو 45 دقيقة من الاعتصام، ورغم أن لديها طفلين إلا أنها تركت عائلتها وزوجها من أجل الإقامة في الخيام في العراء أمام منزل وزير الخارجية للتعبير عن موقفها، تقول: "زوجي قضى ليلة معي هنا وحاليا هو في المنزل مع الأطفال، وبالطبع الجو بارد وليس مريحا أن أبيت في خيمة، ولكن لا مقارنة على الإطلاق بما يعانيه الأطفال في غزة، ولن نتوقف حتى يتم وقف إطلاق النار".

الصورة
معتصمون أمام منزل بلينكن يطالبون بوقف الحرب على غزة (العربي الجديد)

أوليفيا، تقيم في مقاطعة كولومبيا، تقول لـ"العربي الجديد" مبتسمة بينما تلتحف بطانية لتحميها من البرد: "قضيت ليلة هنا كان الطقس فيها باردا بالفعل، لكن الخيمة كانت دافئة بسبب الأغطية التي قدمها لنا متطوعون، بالإضافة للطعام والشراب.. أكلت فلافل وبالأمس كان لدينا كنافة".
وتضيف أنهم يخيّمون أمام منزل وزير الخارجية بلينكن ولكنهم آمنون، ولديهم الخيار في الذهاب إلى المنزل، ولكنها لا تستطيع أن تتخيل شعور هؤلاء المقيمين في غزة الآن الذين يعانون من القتل وعدم توفر المياه والطعام والسكن.
بسبب تعليمات الشرطة وتحذيراتهم، تتوقف الهتافات والتظاهر في التاسعة مساء يوميا، حيث يحاول المقيمون في الخيام غلق أي ذريعة قانونية تتيح للشرطة فض اعتصامهم.

في الثالثة فجرا، استيقظت ندى وبعض المعتصمين، وقرروا الكتابة على الرصيف، كتابات ضد وزير الخارجية وأخرى لدعم غزة، بحيث يمكن للسائر عبر الطريق رؤية شعارات مثل: "فلسطين حرة، وغزة حرة، وأوقفوا إطلاق النار"، وغيرها من الشعارات.
أشارت ندى إلى أنها تخيم هنا منذ نحو 5 أيام، وأنه طالما استمر وزير الخارجية الأيركي في دعمه لإسرائيل فإنهم سيواصلون إزعاجه والتظاهر.

الصورة
معتصمون أمام منزل بلينكن يطالبون بوقف الحرب على غزة (العربي الجديد)

وتحكي ندى، ذات الأصول العربية، عن إحدى الليالي التي قضتها في المخيم، حيث كانت الأمطار غزيرة وتسربت المياه إلى داخل الخيام، وتبلل كل شيء، وقارنت بينها وبين المقيمين في غزة، قائلة: "احنا بنروح البيت نغير، ولكن الأهالي في غزة ليس لديهم القدرة على الذهاب إلى منازلهم وتغيير ملابسهم.. شعور صعب اللي شعرت بيه لكن خلانا نحس بوضع أهالينا في غزة".

عندما ياتي المساء، يقضي المعتصمون أوقاتهم في الراحة أو في التعرف على بعضهم البعض واللعب، حيث إن الوافدين يتغيرون، وبعضهم يقيم هو وأفراد من أسرته وتأتي أسرة أخري للإقامة وهكذا، وبعضهم يأتي من أماكن بعيدة لمجرد أنه سمع بما يفعلونه. 

وتشير حزامي برمدا، التي تبذل جهدا كبيرا في التنسيق وفي توفير ما يحتاجه المعتصمون وفي الترتيب مع المتطوعين، إلى أنه رغم مضايقات الشرطة إلا أنهم يلتزمون تماما بالقانون، وتبدي سعادتها بالدعم الكبير الذي يجدونه، سواء من مواطنين لا يعرفونهم على الإطلاق أو حتى من بعض جيران وزير الخارجية الذين سمحوا لهم بركن سيارتهم، مؤكدين دعمهم الكامل لهم. 

جانب كبير من الدعم تراه حزامي والمعتصمون معا، من مئات السيارات التي تمر يوميا وتشاهد اللافتات ضد وزير الخارجية والأعلام الفلسطينية، فيستخدمون "الديركسيون" كوسيلة لإعلان الدعم والتأييد لما يفعلون، بل إن بعضهم يذهب ويعود ويقدم المياه والمشروبات والطعام دعما للمتظاهرين، وبسبب ما رأوه من دعم قرروا مد التخييم حتى الرابع من فبراير المقبل. 

ولا تبدو الإقامة في الخيام في هذا المكان سهلة على الإطلاق، فبخلاف كل ذلك، هناك مشكلة تتعلق بالوصول إلى حمامات قريبة، حيث لا توجد حمامات عمومية، ما يضطر أي شخص إلى القيادة لنحو 10 دقائق للوصول إلى أحد المحلات. ورغم أن الحمام في هذا المكان للموظفين فقط وليس للزبائن، إلا أن الشخص المسؤول عن المكان عندما سألهم "من أنتم وماذا تفعلون؟"، شرحوا له أنهم يعتصمون أمام منزل وزير الخارجية الأميركية من أجل غزة، فقرر السماح لهم باستخدام الحمامات في أي وقت.

من جانبها، تقول فاطمة عاصي إنها تقيم بولاية ماريلاند، وتشارك في التظاهر ضد وزير الخارجية الأميركي، بسبب أنه واحد من الذين يتسببون في استمرار الإبادة العرقية في غزة، مشيرة إلى أنه واحد من المسؤولين الرئيسيين عما يحدث للأطفال والنساء والأبرياء في غزة.

عشرات الأفراد مختلفون في الديانة والعرق والأفكار، لكنهم جاؤوا هنا من أجل هدف واحد، وهو الهتاف من أجل غزة، وتذكير وزير الخارجية بموقفه الذي أعلنه من الحرب في غزة، وأنه لا يدعو إلى وقف إطلاق النار، مؤكدين أنهم لن يتوقفوا حتى تتوقف الحرب.

المساهمون