أمان في سلطنة عُمان

أمان في سلطنة عُمان

16 ديسمبر 2015
يخلو سجل السلطنة من جرائم الشرف (محمد محجوب/فرانس برس)
+ الخط -

تعدّ سلطنة عُمان بلداً آمناً نسبياً، في ظل انخفاض نسبة الجرائم فيها بالمقارنة مع دول أخرى. مع ذلك، تبقى الظاهرة موجودة، وإن كان البعض يربط بينها وبين زيادة أعداد الوافدين، حتى أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى ارتفاع نسبة الجريمة بينهم بالمقارنة مع العمانيين.
في هذا السياق، يعزو المواطن مانع العلوي، الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة، الأمر إلى "الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة متطلبات الحياة"، مضيفاً أن "السلطنة ما زالت بخير قياساً بنسب الجريمة المرتفعة في دول أخرى".

من جهتها، تقول صباح الندابي، وهي ربة منزل، إنها تعرضت للسرقة في منزلها، وإن اقتصر الأمر على أسطوانة غاز، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها للسرقة. تضيف: "أخبرنا الشرطة في المنطقة، لكنهم عجزوا عن الإمساك بالجاني، مما دفعنا إلى إغلاق باب المبنى الرئيسي ووضع كاميرات مراقبة".
من جهتها، تقول عائدة عمر، وهي وافدة، لـ "العربي الجديد": "أعمل في السلطنة منذ 17 عاماً من دون أن أتعرّض لأي أذى. لكن منذ نحو شهر، سرقت عجلات سيارتي التي كانت مركونة في موقف عام. وبعد تفريغ شريط كاميرا المراقبة، لم نتمكن من رؤية الجناة، مما يدل على احترافهم ومعرفتهم المسبقة بمواقع كاميرات المراقبة".

بدورها، تقول فاطمة الشحي، وهي أستاذة جامعية، إنه يجب تحليل المشكلة، وخصوصاً أن الإجرام ليس ظاهرة جديدة، لافتة إلى وجود ناس أخيار وآخرين أشرار. وتشير إلى أن كثيرين ممّن دخلوا عالم الجريمة هم ضحايا المجتمع وضحايا التفكك الأسري والتربية الخاطئة. وتضيف أن العنف الأُسري يعد من الأسباب المباشرة، التي قد تدفع بالأحداث والشباب إلى طريق الإجرام نتيجة الخلل العاطفي.
أما المواطن عبدالله الصبحي، الذي يملك مكتباً للعقارات، فيشير إلى تعرّضه للغش خلال عمله أكثر من مرة، علماً بأن هذه الأمور لم تكن لتتكرّر في المجتمع من قبل، على حد قوله. يضيف: "أعمل في مجال بيع وتأجير العقارات في العاصمة مسقط منذ 30 عاماً. ومع مرور الأيام، تطور عملي واضطررت إلى توظيف وافدين ارتكبوا بحقي جرائم كثيرة، تسمى في قانون الجنايات بجرائم الياقة البيضاء". يتابع: "في أحد الأيام، اختلس موظّف مبلغاً مالياً من حساب الشركة. ومن حين إلى آخر، كان يزوّر إمضائي. وفي حادثة أخرى، أوهَمَ موظّف الشركة بأن لديه صلاحية قانونية تخوله التوقيع على عقود البيع والشراء، فأخذ مبلغاً من المال وهرب من السلطنة".

ويؤكد الصبحي أنه تعلم أن "القانون لا يحمي المغفلين، وبالتالي عليه حماية نفسه بالقانون من أية جرائم قد يتعرض لها مستقبلاً"، لافتاً إلى أن نمط الحياة تغير. يتابع: "في السابق كنا نعرف بعضنا بعضاً، وكان المجتمع صغيراً ويهتم بسمعة الفرد والعائلة والقبيلة. كل شيء تغير اليوم، وباتت مسقط مدينة كبيرة تضمّ أناساً من مختلف الأعراق والجنسيات. بالتالي، من الطبيعي زيادة ظاهرة السرقة والاحتيال من العمانيين أنفسهم أو من الوافدين على حد سواء".
إلى ذلك، يقول عدد كبير من العمانيين إن سبب الظاهرة يعود إلى "الفقر والحاجة والبطالة بين قطاع الشباب"، فيما ربط آخرون الأمر بـ"البعد عن الدين وانعدام الإيمان في القلوب". واعترض البعض على ما تشهده السلطنة من مظاهر الانفتاح، على غرار تنظيم المهرجانات، وافتتاح دور السينما، وكثرة المقاهي، واختلاط النساء بالرجال في أماكن العمل، علماً بأن هذه الشريحة قليلة وغير مؤثرة.
هذه آراء بعض الذين تعرضوا لحوادث. لكن ما رأي أصحاب السّوابق والجناة، الذين صدرت بحقهم أحكام قطعية، علماً بأن غالبيتهم يرفضون ذكر أسمائهم الحقيقية. ما هي أسبابهم؟ ولماذا أقدموا على ارتكاب الجرائم؟ أجمعت الغالبية على "الحاجة إلى المال"، وهناك من عزا الأمر إلى "الإدمان على المخدرات، أو رفاق السوء".

وكان المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات قد أعلن، في أحدث بياناته، عن انخفاض عدد الجرائم في سلطنة عمان خلال العامين الأخيرين، بنسبة 22 في المائة. وأظهر أن السرقة هي الأكثر شيوعاً بين الجرائم (نحو 10 آلاف سرقة) وقد ارتكبها نحو 600 شخص، تليها "الجرائم من دون ضحايا"، أي "القمار والبغاء والمخدرات". وجاءت الجرائم بحق الممتلكات في المرتبة الثالثة، وتشمل سرقة السيارات، والإحراق العمد. وحلت أخيراً "جرائم الياقة البيضاء" كما يطلق عليها في القانون، وتشمل التزوير والرشوة والفساد والاختلاس.
وشكّل الأحداث (من 9 إلى 17 عاماً)، نحو 2.5 في المائة من الجناة، فيما شكل البالغون (من 18 إلى 29 عاماً) النسبة الأكبر، وهي 49 في المائة.
وقال المركز إن ثلث الجناة في السلطنة (34 في المائة) هم من الوافدين، كما أن الغالبية العظمى من الذكور.

من جهة أخرى، غابت عن الأرقام جرائم الشّرف. كما تجدر الإشارة إلى أن سجل السلطنة دائماً ما يخلو من جرائم مماثلة تستهدف النساء، بسبب التوافق المجتمعي على تجريم القتل، والبحث عن حلول توافقية بين الجاني والمجني عليها، أو اللجوء إلى القانون.

اقرأ أيضاً: "مجلس الجن" في سلطنة عُمان