2797 قضية تحرّش في السعودية خلال عام

2797 قضية تحرّش في السعودية خلال عام

24 فبراير 2014
صورة أرشيفية
+ الخط -

مقطع فيديو على موقع "يوتيوب" لتحرّش شباب بعدد من الفتيات في مجمع تجاري في مدينة الظهران، شرقي المملكة، شاهده أكثر من مليون و300 ألف مشاهد، وقعت فيه اشتباكات بالأيدي بين الفتيات والشبان بعدما قاموا بمطاردتهن، ومقطع فيديو آخر لحادثة التحرّش بطفلة أثناء انتظارها المصعد في العمارة التي تقطن فيها أسرتها، أثارا جدلاً واسعاً في المملكة.

تتكرر مثل هذه المقاطع التي تعبّر عن ظاهرة، ما خَفيَ منها كان أعظم، في المجتمع السعودي، ما بات يشكل مصدر قلق للكثيرين، وأثار موجة من الغضب في المجتمع السعودي، أعلن مجلس الشورى على أثرها اتخاذ خطوات فعلية لسنّ تشريع يردع المتحرشين في الأماكن العامة، بيد أنه لم ير النور حتى الآن.

وتحتل حوادث التحرش بالنساء والأطفال النسبة الأكبر من حالات التحرش في المملكة، حيث أظهرت دراسة أجرتها الباحثة السعودية نورة الزهراني عن "التحرش الجنسي بالنساء"، أن 78% من النساء المبحوثات تعرضن لتحرش جنسي مباشر، فيما أكدت 92% من النساء على أن التحرش الجنسي في ازدياد.

وكشف المدير التنفيذي لمركز "جلوي بن عبد العزيز بن مساعد لتنمية الطفل"، الدكتور أحمد البوعلي، أن نسبة التحرش الجنسي بالاطفال في المملكة تبلغ 22.5%.

بدوره، انتقد الكاتب ناصر الصرامي تباطؤ مجلس الشورى في سن القانون، لافتاً إلى وجود معارضين للقانون في المجتمع السعودي بحجة أن الأفضل للمرأة أن تلزم بيتها حتى لا تتعرض للتحرش.

وكان الداعية السعودي أبو زيد السعيدي أثار جدلاً العام الماضي حين دعا إلى التحرش بالنساء المطالبات بقيادة السيارة، عبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

سهى أحمد تقول إن حادثة التحرش بطفلة المصعد فاقمت مخاوفها من تعرض أطفالها للتحرش. وتقول سهى إن الإعلام، رغم أن هدفه كما يبدو التوعية، بيد أنه جعلنا نتوجّس من الجميع، فهناك قصص حول تحرش معلمين بطلاب وآخرها حادثة تحرش معلم في المرحلة الثانوية بطالب أصدرت المحكمة الجزائية في مدينة الدمام حكماً قضائياً يقضي بسجنه لمدة شهر وجلده خمسين جلدة. وما يخيفها أيضاً أن الاعلام السعودي ينشر قصصاً كثيرة حول تحرش سائقين بالأطفال وبالنساء. وهناك قصص حول تحرش الخادمات والسائقين بالأطفال أيضاً، وقصص حول تحرش الأقرباء بهم، حتى بتنا نعيش حالة قلق مستمر على أبنائنا من الجنسين. وعزت سهى انتشار التحرش بالأطفال إلى عدم معرفة الطفل لمعنى التحرش وافتقاره إلى المعلومات الكافية وعدم تعليمه الخصوصية الفردية، مشيرة إلى أن أكثر الأطفال تعرّضاً للتحرش تتفاوت أعمارهم بين السادسة والعاشرة.

وفاء سلطان قالت إنها تعرضت أكثر من مرة للتحرش في بيئة العمل من قبل زملاء تعمّدوا ملامسة يدها أو القبض على إصبعها وهي تناولهم أوراق عمل، كما تعرضت للتحرش اللفظي في العمل، وفي سيارة الأجرة وفي الشارع وأمام المطعم وفي العديد من الأماكن العامة، وأوضحت بأن هذا الامر يصيبها باكتئاب ويفقدها الشعور بالأمان والرغبة في الخروج إلى العمل. وتقول إن اللافت في الامر أن المرأة السعودية  تتعرض للتحرش كثيراً رغم التزامها في الغالب بالحجاب الشرعي، وتتعرض للتحرش اللفظي على وجه الخصوص، إضافة إلى الجسدي أحياناً.

وتحدث صالح عبد الرحمن عن تعرض طفله ذي التسعة أعوام للتحرش، وقال: كنت في العمل، فتوجه ابني لزيارة بيت أحد الأقارب في الحي نفسه، وفي الشارع قام أحدهم بالتحرش به جسدياً، وعندما توجهت للتقدم بشكوى علمتُ أن ابني ليس الوحيد الذي تعرض للتحرش من ذلك الشخص الذي تجرّد من إنسانيته، لافتاً إلى أن التحرش ينجم عنه ضرر نفسي وجسدي، وأن ولده بعد الحادثة بات ميالاً إلى الصمت والعزلة.

وعبّر محمد زاهد عن قلقه من تنامي ظاهرة التحرش، مؤكداً أن بيئات العمل المختلط أصبحت بؤرة للتحرش الجنسي بالمرأة، ومن المؤسف أن أكثر حالات التحرش يتم التكتم عليها من ضحايا التحرش من النساء خشية وصول الخبر إلى الأهل وبالتالي حرمانهن من العمل الذي تحتجنه لتغطية التزاماتهن المعيشية، إضافة إلى خطورة التهم ذات الطابع الجنسي في العُرف الاجتماعي ووجود ثقافة العيب والستر.

وقد قدّرت إحصائية رسمية قضايا التحرش في المملكة خلال العام الماضي بـ2797 قضية، يمثّل المتهمون السعوديون فيها نسبة 59.9%.

وأرجعت دراسة استطلاعية حديثة، أصدرتها وحدة استطلاعات الرأي العام التابعة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أسباب حالات "التحرش الجنسي" في المجتمع السعودي إلى ضعف الوازع الديني لدى القائمين بهذا العمل، بالإضافة إلى عدم الإسراع في تطبيق عقوبات رادعة بحق المتحرشين.

وأظهرت الدراسة الحديثة، التي كشف مركز الحوار الوطني عن نتائجها، أن 91% من المشاركين فيها يرون أن ضعف الوازع الديني هو أحد الأسباب الرئيسة للتحرش الجنسي في المجتمع، فيما يرى 76% من المشاركين أن عدم وجود الأنظمة التي تحدّ من التحرش يؤدي إلى ازدياد هذه الحالات في المجتمع، فليست هناك عقوبة تعزيرية منصوص عليها وواضحة تحدّد مقدار عقوبة كل تصرف أو سلوك خاطئ قد يلحق الضرر بالآخرين.

وتشير الدراسة إلى تجاوز التحرش اللفظي حدود ما يسمى بـ"المعاكسات" إلى العنف والتعدي الجسدي أمام المجتمع. ومن جهة أخرى، تم تحديد مفهوم التحرش الجنسي في هذه الدراسة ـ كما عرّفتها المصادر ـ على أنه "أي عمل أو سلوك أو نشاط أو قول أو فعل واعٍ ومقصود يتم بأساليب سماعية، بصرية، رمزية، أو جسدية بهدف الإثارة الجنسية".

المساهمون