صفعة "أمّ" تنقذ محكوماً بالإعدام

صفعة "أمّ" تنقذ محكوماً بالإعدام

17 ابريل 2014
عمليات الاعدام العلني في ايران
+ الخط -
عندما شعر الشاب الايراني بلال، بخشونة الحبل حول رقبته، تيقن أنها المرة الأخيرة التي سيلتقط فيها أنفاسه، لكن صفعة قوية أيقظت الشاب المعصوب العينين من هول الموت الملتف حول عنقه، وسط ذهول الحاضرين والحرس الإيراني الذين بدؤوا في تثبيته فوق الكرسي المخصص لتنفيذ حكم الإعدام شنقاً فيه.. في ساحة عامة في مدينة نوشهرشمال إيران.
كانت الصفعة من أم فجعت في ابنها، عبد الله حسين زاده، قبل سنوات على يد بلال، لكنها اختارت أن تنقذ رقبة الأخير من حبل المشنقة قبل لحظات قليلة جداً من ركل كرسي الإعدام لتتدلى جثته عقاباً على جريمته؛ ثم أعلنت أمام الملأ أنها قد عفت عنه.
صفعة إنسانية لا تحدث إلا نادراً، أذهلت الحشد الذي أتى لحضور مراسم الشنق، التي صارت تنفذ علناً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ الثورة الخمينية، صفعة أسقطت حكم الاعدام قانونياً عن الجاني.
هرعت والدة بلال، في فرحة بالغة لتعانقها وتشكرها على إنقاذ حياة ابنها، وانفجرت المرأتان في
 نوبة بكاء، لكن لأسباب معاكسة تماماً، فبينما بكت أم بلال، فرحة ولادة ابنها بعد الموت المحتوم، بكت أم عبد الله، حزناً على فراق أبدي لولدها المقتول.
هذا الموقف الإنساني الحزين، أبكى الجمع الذي كان يعلم أنها فجعت منذ فترة في شقيق عبد الله، الأصغر أيضاً في حادث دراجة نارية، وكان عمره لا يتجاوز 11 سنة.
متوجهة إلى الجمهور، قالت سميرة أم عبد الله: إنه من الصعب العيش في بيت فارغ من الأبناء، وهذا مصيري، لكنني صفحت عن بلال شفقة بأمه.. هكذا تحدث قلب الأم!
وتابعت بإيمانها، أن ابنها الذي زارها في المنام، وطلب منها عدم الانتقام عشية تنفيذ حكم الاعدام، وها هي قد حققت رغبته، وهذا ما أدخل على قلبها بعضاً من السكينة.
وتعود أحداث تلك الجريمة، كما سردها والد الضحية حسين زاده، الى عام 2007، حينما كان بلال، عمره 20 عاماً، وهاجم عبد الله (18 عاماً)، بطعنة قاتلة خلال مشاجرة في أحد شوارع بلدة صغيرة من رويان في محافظة مازندران شمال البلاد، حيث كان القتيل يتنزه مع أصدقائه.
وتابع حسين، وهو لاعب كرة قدم سابق: إن بلال، ارتكب جريمة لم يعرف عقباها، لكن قتله لن
 يرجع عبد الله، إلى البيت.
هذا واستغرقت المحاكمة، ست سنوات الى أن أصدر القاضي حكمه النهائي بالإعدام شنقاً على الجاني، أُجِّل تنفيذ الحكم فيها مرات عدة من عائلة الضحية، إلا أن المحكمة أصرت على تنفيذ الحكم الذي حددت موعداً نهائياً له.
ما حدث بعد ذلك وضع علامة استفهام على عمليات الإعدام العلنية في إيران، التي أصبحت تواجه انتقادات أكبر في السنوات الأخيرة، من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، لارتفاع معدل حالات الإعدام، إذ اتهم الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الرئيس الايراني حسن روحاني، بالتقصير في تحسين ملف حقوق الإنسان، خصوصاً في كبح جماح استخدام عقوبة الإعدام.
من جهتها أعلنت منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، في تقريرها السنوي، أن طهران نفذت 199 حكماً بالإعدام شنقاً، خلال العام الحالي،. وأفادت أن الحكومة الايرانية، أعلنت العام الماضي تنفيذ ما يقارب من 369 عقوبة إعدام، لكن المنظمة تؤكد بأن العدد يفوق ذلك بكثير، مشيرة إلى ارتفاع كبير في أعداد حالات الاعدام في عام 2013. ثلثا تلك العمليات كانا في كل من ايران والعراق.

وفي السياق نفسه، ولأول مرة في ايران، يقوم فنانون ورياضيون معروفون إضافة إلى سياسيين معروفين، بحملة تعبئة لتغيير قانون حكم الإعدام شنقاً وعلناً، الذي عادة ما يطبق في البلاد كعقوبة على جريمة القتل والاغتصاب والسطو المسلح والاتجار بالمخدرات، لكن هذا النوع من الحملات الاعلامية، ما زال نادراً في ايران.
يذكر أن الاعدامات العلنية التي تتبعها كل من طهران وكوريا الشمالية والسعودية والصومال، كعقوبة ردع لتخويف مواطنيها، بغرض تحقيق أقصى قدر من الزجر والارهاب في النفس، خشية سلب الحق في الحياة، كأكثر الوسائل فاعلية لتحقيق أهداف الدولة، والمحافظة على نظامها الاجتماعي، تلقى انتقادات كبيرة من منظمات حقوقية في العالم، ويرى ناشطون أنها مهينة وتتعارض مع كرامة الانسان، بالإضافة الى عملية المشاهدة الوحشية للمواطنين، والتي تشمل الاطفال في معظم الحالات.

دلالات

المساهمون