إسرائيل تواصل مساعي تهويد القدس القديمة

إسرائيل تواصل مساعي تهويد القدس القديمة

10 فبراير 2015
باب عبد الحميد في القدس
+ الخط -

كشفت مصادر فلسطينية في القدس المحتلة عن مخطط إسرائيلي جديد لتغيير معالم "باب عبد الحميد"، أو ما يعرف الآن بـ"باب الجديد" إحدى البوابات الرئيسية للبلدة القديمة، والمفضية إلى حارة النصارى أو ما يعرف بالحي المسيحي، ضمن حلقة أخرى من حلقات تهويد بوابات البلدة القديمة.

مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية تابع على مدى أكثر من عقدين أعمال التهويد للبلدة القديمة، ويشير المركز إلى أن بلدية الاحتلال بالتعاون مع ما يسمى بـ"شركة تطوير شرقي القدس"، واصلت تهويد محيط بوابة دمشق لتمتد لاحقًا إلى "مغارة القطن" وتحويلها إلى موقع سياحي، أطلقت عليه اسم "مغارة الصديق شمعون".

كما قامت بلدية الاحتلال قبل عامين بفتح منفذ جديد في الجدار الصخري للمغارة المنحوتة من الصخر، فيما تشير معلومات إلى أن البوابة الجديدة، هي في الواقع مدخل طوارئ، يفضي إلى المغارة، ومنها إلى عقارات استولى عليها مستوطنون في "حارة السعدية" داخل أسوار البلدة القديمة.

وتتعدى أهداف المخطط طمس الطابع التاريخي العربي للمدينة إلى أهداف استيطانية توسعية كما يقول زياد الحموري، مدير المركز لـ"العربي الجديد"، وأكده، أيضاً، هايل صندوقة الخبير المتخصص في شؤون الاستيطان والعقارات في البلدة القديمة من القدس.

يقول صندوقة لـ"العربي الجديد"، إن ما كشف عنه بشأن باب الجديد، هو في الواقع جزء من مخطط شامل، جرى تنفيذ جزء مهم منه في باب الخليل، حيث تم الآن تغيير المشهد التاريخي للباب، وجرى ربطه في شارع يافا في القدس الغربية بساحة كبيرة وجسر، فيما العمل لتحديث منطقة باب الخليل داخل أسوار البلدة القديمة، لدمج القدس الشرقية التي احتلت عام 1967، مع أحياء القدس الغربية التي احتلت عام 1948، وإلغاء الحدود المفترضة، تنفيذًا لرؤية الاحتلال الإسرائيلي حول "القدس الموحدة"، تحت شعار تطوير وتحسين البنية التحتية في القدس الشرقية.

وشرع الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ خطة تهويد القدس القديمة بعد احتلال المدينة عام 67، في عهد رئيس بلدية الاحتلال الأسبق تيدي كوليك.

واستهلت الخطة بداية بتغيير المعالم التاريخية لباب العمود والمعروف بـ"بوابة دمشق"، حيث شيدت في محيطه وعلى امتداد منطقة السور القديم حدائق خضراء زرعت بالنخيل، إضافة إلى بناء مدرج يشبه المدرجات الرومانية، لا يرتبط بأي صلة تاريخية بالطابع العمراني التاريخي للمدينة المقدسة.

وحين سئل كوليك، فيما وجه له في حينه من اتهامات من الفلسطينيين عمّا تقوم به بلديته من أعمال تهويد وتغيير لطابع بوابة دمشق، رد على ذلك بالنفي، وقال، إن بلديته بما قامت به، أبرزت معالم مخفية من تراث المدينة كانت مخفية تحت مئات أطنان الصخور والتراب.

ووفقًا لإعلان نشرت بعض تفاصيله قبل نحو عام، ووضعته بلدية الاحتلال في مدينة القدس، فإن المشروع سيستمر نحو 18 شهراً، مع نوبات عمل على مدى 24 ساعة، ويهدف وفقاً للبلدية، إلى تجديد البنية التحتية في المنطقة، وتحسين طرقات المشاة، وتثبيت مستلزمات الشوارع، وترميم واجهات المباني في منطقة باب الخليل.

وتكشف خرائط وضعها مخططون، مهندسون كبار، في بداية الاحتلال، عن تغيير كلي لساحة باب الخليل، بعد أن تمت السيطرة على مبان كبيرة هناك، بحيث ستتحول هذه الساحة التي تضم، أيضاً، مركز شرطة قديماً يعرف بـ"مركز القشلة"، إلى ما يشبه ساحات بعض المدن الأوروبية، مع الاحتفاظ ببعض المواقع التاريخية الإسلامية، مثل مسجد النبي داود، والذي حولته سلطات الاحتلال إلى قلعة أطلقت عليه "قلعة النبي داود".

وكان تجار في البلدة القديمة، تلقوا العام المنصرم إخطارات من بلدية الاحتلال تطلب منهم الانصياع لتعليماتها بإغلاق محلاتهم لفترات طويلة تمتد إلى أشهر عدة حال البدء في تنفيذ هذا المشروع.


ونبه مركز القدس إلى أن المشروع الجديد لا يرتبط بتحديث البنية التحتية للمواطنين القاطنين في داخل المدينة المقدسة بقدر ارتباطه بشبكة معقدة من الأنفاق، حفرتها سلطات الاحتلال في السنوات القليلة الماضية، ولا تزال تحفرها في مناطق متفرقة من البلدة القديمة، وخارجها وتحديداً في منطقة باب الخليل حيث تتسارع هناك عمليات حفر تتكتم عليها سلطات الاحتلال.

ويشير المركز إلى أن الحديث يدور عن مجموعة من الأنفاق تصل مركز القدس الغربية بحائط البراق، وبالحي اليهودي مروراً بحي الأرمن، فيما ينطبق الأمر ذاته على منطقة باب المغاربة، حيث قامت سلطات الاحتلال في السنوات الأخيرة بفتح بوابة جديدة في سور البلدة القديمة، يتاخم الباب التاريخي القائم منذ بناء السور، وجرى داخل السور تفكيك آثار إسلامية ورومانية كثيرة أشهرها "دار الإمارة الأموية"، ونقل حجارتها إلى باحة الكنيست، فيما العمل ما زال جاريّاً بفتح أنفاق أسفل باب المغاربة، وفي ساحة البراق.

واعتبر مركز القدس، أن المشروع الجديد يرتبط بمشاريع تهويد أوسع نطاقاً، تبدأ بسرقة الحجارة والبلاط القديم في المنطقة ونقله إلى داخل إسرائيل لتبنى منها قاعات الهيكل وجدرانه، وتنتهي بمخططات استيطانية تستهدف تحويل محيط البلدة القديمة إلى ما يطلقون عليه حوضاً مقدساً، تتسع دائرته لتشمل سيطرة على مناطق واسعة شمال وشرق البلدة القديمة، على شكل حدائق تلمودية وتوراتية.

وبني باب الجديد عام 1886 بأمر من السلطان، عبد الحميد، ليسهل على أهل القدس في البلدة القديمة والأحياء الجديدة التي أنشئت خارج السور مثل حي المسكوبية ومنطقة كنيسة النوتردام (عقبة المنزل) وشارع يافا الاتصال ببعضها بعضاً بشكل مباشر ودون الالتفاف على باب الخليل أو باب العمود.

ويتصف هذا الباب بزخرفته المتواضعة وشكله البسيط، إلا أن حسن صنيع البنائين جعل له حضوراً ثقافيّاً فنيّاً دائماً بجمال خاص، فيما أغلق الباب بعد النكبة عام 1948، واستمر مغلقاً حتى عام 1967.

وحين أنشئ هذا الباب، أطلق عليه اسم باب عبد الحميد، ومع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين ألغى الإنجليز كل الأسماء المرتبطة بالسلطان عبد الحميد الثاني، وأطلقوا عليه اسم الباب الجديد.