3 سنوات على كورونا: كيف يستعدّ العالم للجائحة المقبلة؟

3 سنوات على كورونا: كيف يستعدّ العالم للجائحة المقبلة؟

17 ديسمبر 2022
كيف يمكن منع التاريخ من تكرار نفسه؟ (هيكتور ريتامال/ فرانس برس)
+ الخط -

قبل ثلاث سنوات، سُجّلت الإصابة الأولى بفيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2) في الصين، فكانت نقطة بداية انتشار جائحة ذات عواقب غير مسبوقة. كيف يمكن منع التاريخ من تكرار نفسه؟ السؤال يشحذ همم الباحثين والدول، لكنّ التمويل غير كافٍ والإجابات غير مؤكدة.

يقول وليام رودريغيز، رئيس مؤسسة "فايند" التي ترعاها الأمم المتحدة وتسعى إلى تحسين الوصول إلى الاختبارات في العالم، لوكالة فرانس برس: "نحن لا نقوم بما يكفي كي نستعدّ للجائحة المقبلة". وتُعَدّ الاختبارات التي تساعد على الحدّ من انتشار المرض من بين الأدوات الحاسمة، لتجنّب ظهور جائحة جديدة مثل تلك الأخيرة التي جعلت مرض كوفيد-19 يستهدف سكان العالم.

ومن الأدوات الأخرى، التعرّف إلى الفيروس أو البكتيريا اللذَين قد يتسبّبان في الجائحة التالية، واكتشاف اللقاحات أو العلاجات الطارئة لهما، وإنتاج وتوزيع هذه المنتجات، وما إليها. أمّا الهدف من وراء ذلك، فهو تفادي جائحة جديدة.

يُذكر أنّ تشخيص الحالة الأولى من مرض كوفيد-19 تمّ في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019 في مدينة ووهان الصينية. وبعد أقلّ من ثلاثة أشهر، أعلنت منظمة الصحة العالمية رسمياً أنّ العالم يواجه جائحة ما لبثت أن هزّت أركانه. وفي الأسبوع الماضي، انطلقت مفاوضات دولية في إطار منظمة الصحة العالمية، بشأن مكافحة الأوبئة العالمية في المستقبل، ووضع البنك الدولي صندوقاً (1.6 مليار دولار أميركي) مخصّصاً لذلك، تموّله دول مجموعة العشرين.

عدد من الطفرات

وتأتي مبادرات خاصة من ضمن الأدوات التي تجنّب العالم جوائح أخرى. في أستراليا، كرّس رجل الأعمال جيفري كامينغ 170 مليون دولار لتمويل مركز أبحاث تديره الاختصاصية في الأمراض المعدية شارون لوين. وسوف يركّز فريق عملها على تقنيات من الممكن أن تكون بمثابة أساس لعلاجات قابلة للتكيّف بسرعة ضدّ مسبّبات الأمراض الجديدة. والنموذج الذي سوف يُتَّبع في هذا المجال هو لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال المضادة لكوفيد-19.

وتقول لوين لوكالة فرانس برس إنّ المركز "سوف يجهز" في غضون ستة أشهر. ويتمثّل الهدف في هذا الإطار في معرفة كيفية الاستجابة بصورة عاجلة إزاء مسبّبات غير معروفة للأمراض. لكن التوقّع يمرّ كذلك عبر تحديد المخاطر المعروفة.

من جهتها، تعمل منظمة الصحة العالمية على تحديث لائحة الميكروبات الخطرة. وممّا تتوجّب مراقبته خصوصاً، فيروسات كورونا الأخرى (غير فيروس كورونا الجديد/ سارس-كوف-2) بالإضافة إلى فيروس الإنفلونزا، وكذلك إيبولا وزيكا.

وتحذّر عالمة الأوبئة جينيفر نوزو، من جامعة براون الأميركية، من أنّه "لكلّ من هذه الفيروسات، يكفي عدد من الطفرات" لزيادة نطاق انتشارها إلى حدّ كبير. وتخضع مسبّبات أخرى للأمراض للمراقبة، مثل ما يسمّى "الفيروسات الرملية" التي تصيب القوارض والتي من الممكن أن تصيب البشر، وفيروسات الحصبة والنكاف وفيروس "ماربورغ".

أزمات كثيرة

هل جهود البحث هذه كافية؟ يخشى خبراء وناشطون كثيرون نقص الإرادة السياسية قبل كلّ شيء، الأمر الذي يُترجَم عبر مسألة التمويلات. وتسعى منظمة "تحالف ابتكارات التأهب الوبائي"، التي شاركت في تأسيسها دول عدّة ومؤسَّسة بيل ومليندا غايتس لمواجهة الأوبئة، إلى جمع 800 مليون دولار لإكمال خطّة مدّتها خمس سنوات. ويقول رئيس المنظمة ريتشارد هاتشيت، لوكالة فرانس برس، إنّه يتوجّب على صانعي القرار ألا ينسوا مسألة الوباء حتى ولو كانوا "يركّزون على كثير من الأزمات الحالية"، في سياق جيوسياسي وكذلك اقتصادي صعبَين.

وكيف من الممكن ضمان حصول كلّ الدول، بما في ذلك الفقيرة، على اللقاح أو العلاج؟ يجيب هاتشيت: "بالنسبة إليّ، تتمثّل مأساة كورونا في التوزيع غير المتكافئ للقاحات (المضادة لكوفيد-19)، حتى عندما تكون متاحة". ويوافق الخبراء الذين تواصلت معهم وكالة فرانس برس على هذا الأمر. وسوف يكون من المستحيل الاستجابة بطريقة جيدة للجائحة المقبلة إذا لم تتمكّن مناطق كبيرة، مثل أفريقيا أو أميركا الجنوبية أو جنوب آسيا أو الشرق الأوسط، من الوصول إلى العلاجات، لا سيّما عن طريق إنتاجها بنفسها.

بالنسبة إلى ناشطين عديدين، سوف يكون من الضروري التخطيط لإنهاء العمل ببراءات الاختراع للعلاجات المحتملة ذات الأهمية الكبرى. لكنّ الفكرة تبدو غير واقعية في مواجهة معارضة قطاع الأدوية وجزء كبير من الدول المتطوّرة. كذلك، فإنّ ثمّة قليلاً من التغيير الذي يمكن توقّعه، فاللهجة التي تتبنّاها هذه الدول في سياق المناقشات الجارية في منظمة الصحة العالمية "مقلقة جداً"، وفق تقديرات ممثلة منظمة "تحالف لقاحات الشعب" غير الحكومية، مهجة كمال ياني.

(فرانس برس)

المساهمون