الاحتلال ومستوطنوه يحولون عيد الفلسطينيين لورشة إصلاح للخراب

الاحتلال ومستوطنوه يحولون عيد الفلسطينيين لورشة إصلاح للخراب

11 اغسطس 2019
دوريات واعتقال واقتحامات لا تتوقف (Getty)
+ الخط -


عِوضاً عن استقبال عيد الأضحى المبارك وإسعاد الأطفال، وصنع المعمول وتجهيز الأضاحي، انشغل الفلسطينيون في إصلاح ممتلكاتهم التي تعرضت للخراب والتدمير على يد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، خصوصاً في محافظتي بيت لحم والخليل، جنوبي الضفة الغربية.

فمنذ الإعلان عن مقتل الجندي الإسرائيلي دفير سوريك، فجر الخميس الماضي، قرب مستوطنة "غوش عتصيون" المقامة على أراضي الفلسطينيين بين محافظتي الخليل وبيت لحم، وجيش الاحتلال يدهم المنازل ويعيث فيها خرابا، عدا عن الاعتداءات المتكررة للمستوطنين.

تركوا منزلهم قبيل العيد

في قرية نحالين، غرب بيت لحم، حرم مستوطنو التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" عائلة المواطن الفلسطيني فؤاد نجاجرة من فرحة العيد؛ إذ اقتحم عشرة مستوطنين مقنعي الوجوه، منتصف ليل الجمعة الماضي، منزل نجاجرة الذي يعمل طبيباً، حاملين السواطير وغاز الفلفل وبنادق رشاشة، وشرعوا بتكسير نوافذ المنزل وتهديد زوجته، فعاشت العائلة أجواءً عصيبة ورعباً شديداً.

يقول نجاجرة لـ"العربي الجديد": "هدد المستوطنون زوجتي وأطفالي الثلاثة بحرق المنزل بالبنزين، في حال لم تقم بفتح الباب لهم، وعندما فتحت الباب قاموا بحجزها والأطفال في غرفة النوم، ثم حطموا جميع أثاث المنزل وسط حالة من الترهيب والرعب الشديدين".

ويقع منزل فؤاد نجاجرة في منطقة باقوش، غرب قرية نحالين، وهي ضمن الأراضي المصنفة (ج) بحسب اتفاقية أوسلو، وبسبب موقعها البعيد نسبياً عن وسط القرية، فأقرب جار يبعد عنهم أكثر من ألف متر، لذلك تأخر السكان في معرفة خبر اعتداء المستوطنين، وبحسب فؤاد نجاجرة، لاحظ بعض السكان انسحاب المستوطنين وتمكنوا من جمع الناس والتوجه لمنزله. ويضيف "أبلغني أول رجل وصل لأطفالي وزوجتي بأنهم كانوا في حالةٍ نفسيةٍ يُرثى لها، ومن شدة الخوف أمسك طفلي الأصغر محمد (عامان) بالرجل ورفض تركه لوقتٍ طويل، ولم يكن الحال أفضل لدى زين الأكبر (4 أعوام)، في حين لم تدرِ ليليا ابنة الشهرين ما الذي جرى".




لم يستطع الطبيب فؤاد نجاجرة الذي يعمل في قسم النسائية والتوليد في مستشفى بيت جالا الحكومي في بيت لحم، ترك عمله حتى بعد معرفة حادثة الاعتداء على عائلته، بسبب ضغوطات العمل وكونه الطبيب المناوب في حينه.

وأربك اقتحام المستوطنين عائلة نجاجرة قبيل العيد وأدخلها في أزمة جديدة، فبدلا من توفير المصاريف لشراء حاجيات العيد، انشغلت بإصلاح المنزل بدل الانشغال بشراء ملابس العيد لأطفالها، فالمنزل مدمر بشكل شبه كلي، في حين لم تعد زوجة الطبيب معمول العيد. وبلغت خسائرها نتيجة اعتداء المستوطنين ما يزيد عن 25 ألف دولار، واضطرت العائلة إلى إخلاء المنزل والإقامة لدى الأقارب، حتى إعادة إصلاحه تدريجياً.

محاولات لترهيب الفلسطينيين

ويحاول المستوطنون وجنود الاحتلال ترهيب الفلسطينيين والتضييق عليهم في سياق العقوبات الجماعية التي يمارسها الاحتلال، لا سيما بعد كل عملية ينفذها مقاومون فلسطينيون. وتعرضت منازل في قرية المنشية، جنوب بيت لحم، وهي قريبة من الشارع الرئيسي القريب من مستوطنة "أفرات" المحاذية للتجمع الاستيطاني "غوش عتصيون"، لاعتداء من قبل المستوطنين، الذين قاموا بترهيب السكان وتحطيم نوافذ منازلهم، ورشق مركباتهم بالحجارة.

وتكرر الحال في قرية الجبعة، جنوب غرب بيت لحم، إذ قام مستوطنو البؤرة الاستيطانية "بيت عاين" القريبة أيضاً من "غوش عتصيون"، برشق مركبة الشاب عمير منصور، ما اضطره للإسراع خشية إصابته بالضرر، وتعرض المواطن هلال أبو لوحة من القرية أيضاً لاعتداء المستوطنين أنفسهم.

تفتيش وحواجز طيارة 

في قرى الريف الغربي لبيت لحم التي تشمل حوسان وبتير ونحالين والجبعة وواد فوكين، كان لا بد للأهالي من المرور عبر حواجز التفتيش التي أقامها الاحتلال في منطقة عقبة حسنة التي تُعد بوابة الريف الغربي. تلك الحواجز الطيارة كانت مكثفة عقب العثور على جثة الجندي صباح الخميس الماضي، وأعاق الاحتلال حركة المواطنين الفلسطينيين الذين يضطرون للمرور عبر الحواجز لشراء حاجيات عيد الأضحى ويستعدون لزيارة أقاربهم.

مع دخول السبت، وهي العطلة الدينية لليهود، استعادت المنطقة هدوءها النسبي، رغم انتشار دوريات الاحتلال على تلك المداخل لقرى بيت لحم الغربية، وكذلك المداخل الشرقية لبيت لحم، وهي: المعصرة والمنشية وتقوع وزعترة، والجنوبية مثل بيت فجار.

لكن هذا الهدوء يُخشى أن يكون السابق للعاصفة، إذ لم يعلن الاحتلال بصورة مؤكدة بعد عن تفاصيل اعتقال منفذي العملية وإجراءاته عقبها، بالتزامن مع اشتعال أحقاد المستوطنين في المنطقة، خاصة في القرى القريبة من موقع العملية، وهي قرى غرب وشرق وجنوب بيت لحم وبعض مناطق شمال الخليل، كمخيم العروب وبلدة بيت أمر.

اعتقال لمجرد الاشتباه

بعد يوم من اعتقاله، أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الشاب عمار ثوابتة، من بلدة بيت فجار، جنوب بيت لحم، بعد اعتقاله يوم الجمعة الماضي، وصادرت مركبته لمجرد الاشتباه، بحسب حديث رئيس بلدية بيت فجار أكرم طقاطقة، لـ"العربي الجديد".



ويشير رئيس البلدية إلى أن جنود الاحتلال اشتبهوا على ما يبدو بمركبة ثوابتة على أنها المركبة نفسها التي اُستخدمت في تنفيذ عملية قتل الجندي، بل اقتحموا عدة مناطق في البلدة وقاموا بمصادرة العديد من المركبات.



وفي زعم منها لمحاولة الوصول إلى منفذ العملية، اعتقلت قوات الاحتلال أربعة فلسطينيين من بلدة بيت كاحل، شمال غرب الخليل، فجر السبت، وصادرت مركبة أحد المعتقلين، بدعوى مسؤوليتهم عن تنفيذ عملية خطف وقتل الجندي دفير سوريك فجر الخميس، قرب "غوش عتصيون"، لتطاول الاعتقالات كلا من: قاسم عارف عصافرة وزوجته إيناس، والشقيقين نصير وعكرمة صالح عصافرة.

ويوضح رئيس مجلس بلدي بيت كاحل يوسف عصافرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قوات الاحتلال اقتحمت عدة مناطق وسط بيت كاحل واعتقلت الفلسطينيين الأربعة ودهمت العديد من المنازل وفتشتها وعاثت فيها خرابا، تزامنا مع اندلاع مواجهات أطلق خلالها الاحتلال الأعيرة النارية وقنابل الغاز والصوت، قبل أن تنسحب تلك القوات وتصادر مركبة قاسم عصافرة.

ويشير رئيس مجلس بلدي بيت كاحل إلى أن المعتقلين يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ولا يُعرف لهم أي نشاطٍ يُدلل على تنفيذهم عملية قتل الجندي.