صفات الطاغية

صفات الطاغية

24 يونيو 2019
لم يكن مؤلّف "الطاغية" مهموماً بالإعلام والدعاية (فيسبوك)
+ الخط -

لا ينتبه كثير من العرب إلى الدراسة الفلسفية المحكمة المنشورة في كتاب جدير بالقراءة بعنوان "الطاغية" لأستاذ الفلسفة المصري الذي رحل عن الدنيا قبل أيام، إمام عبد الفتاح إمام، الذي صدر سنة 1994، ربما لأن المؤلف لم يكن مهموماً بالإعلام والدعاية، وربما لأن الطغاة ما زالوا يحكمون سيطرتهم على بلاد العرب، ما يجعل محتوى الكتاب محفوفاً بالخطر.

يعرّف الكتاب الطاغية تعريفاً وافياً، فهو "رجل يصل إلى الحكم بطريق غير مشروع، فيمكن أن يكون قد اغتصب الحكم بالمؤامرات، أو الاغتيالات، أو القهر، أو الغلبة. باختصار هو شخص لم يكن من حقه أن يحكم لو سارت الأمور سيراً طبيعياً لكنه قفز إلى الحكم عن غير طريق شرعي، وهو لهذا يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم، ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم أنه غاصب ومعتد فيضع كعب رجله في أفواه ملايين الناس لسدها عن النطق بالحق، أو التداعي للمطالبة به".

ووفق تأريخ موسع، يضيف الكاتب عن الطاغية أنه "لا يعترف بقانون أو دستور في البلاد، بل تصبح إرادته هي القانون الذي يحكم، وما يقوله هو أمر واجب التنفيذ، وما على المواطنين سوى السمع والطاعة، ويسخّر كل موارد البلاد لإشباع رغباته أو ملذاته أو متعه التي قد تكون في الأعم الأغلب حسية، أو قد تكون متعته في طموحاته إلى توسيع ملكه، أو إقامة إمبراطورية".

وحسب التعريف المطول للطاغية فإنه "ينفرد بخاصية أساسية في جميع العصور، وهي أنه لا يخضع للمساءلة ولا المحاسبة ولا للرقابة، والطغيان في كل عصر صفة للحكومة المطلقة العنان التي تتصرف في شؤون الرعية بلا خشية حساب ولا عقاب"، وهو يؤكد أن "الحساب بالغ الأهمية لأنه يفرق بين عائلة الطغيان أياً كان أفرادها، وبين الأنظمة الديمقراطية التي يحاسب فيها رئيس الدولة كأي فرد آخر".




ويتسبّب الطغيان الطويل في تدمير قدرة الناس على إدراك أن الطاغية بشر مثلهم. "عوام الناس يختلط في أذهانهم الإله المعبود والمستبدون من الحكام، ولهذا يخلعون على الطاغية صفات الله، كولي النعم، والعظيم الشأن، وما من طاغية إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك فيها الله أو تربطه برباط مع الله، ويتخذ بطانة من أهل الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله، وبذلك يصبح: الحاكم القاهر الواهب المانع، والجبار المنتقم المقتدر المهيمن. إلى آخر الأسماء الحسنى التي تسمى بها طغاة الشرق في تاريخنا المعاصر دون حرج ولا غضاضة".

عرف العالم آلاف الطغاة شرقاً وغرباً، إلا أن أرسطو يستنكر على الشعوب الشرقية أن أفرادها "يحملون طبيعة العبيد، ولهذا لا يتذمرون كثيراً من حكم الطاغية".

دلالات

المساهمون