المترو يضرب "شانزليزيه مصر"

المترو يضرب "شانزليزيه مصر"

06 ابريل 2019
بدأت الأشغال في الشارع (العربي الجديد)
+ الخط -

يسيطر القلق على أصحاب المحالّ التجارية والمقاهي في شارع جامعة الدول العربية بحيّ المهندسين، أحد أرقى أحياء الجيزة الذي كان يُطلَق عليه اسم "شانزليزيه مصر"، إذ إنّه يأتي بارزاً بين شوارع مصر بينما يختاره السيّاح العرب للسكن والتنزه وخصوصاً في خلال أشهر الصيف. والقلق بالنسبة إلى هؤلاء ما هو إلا نتيجة طبيعية للحالة المتردّية التي تطاول الشارع منذ بدء أعمال الحفر الخاصة بالمترو لإنشاء محطة "وادي النيل". وقد تسببت تلك الأشغال التي انطلقت أخيراً، والتي تستمرّ لمدة ثلاثة أعوام في إغلاق عشرات المحالّ وفي تضرر الطرقات. لا يخفي أصحاب المحالّ في شارع جامعة الدول العربية تخوّفهم من "هرب الناس" في هذا الصيف بعيداً من الشارع، وخصوصاً العرب والمصريين. لذا عمد بعض هؤلاء إلى تعليق لافتات على طول سور المترو، أملاً التغلب على ما يصفونه بـ"وقف الحال"، لعلّ ذلك يساهم في التقليل من الخسائر بعدما راح الهدوء يسيطر على الشارع الذي كان يعجّ بالناس في مثل هذه الأيام من كل عام. يُذكر أنّ عشرات السكان وأصحاب المحالّ التجارية توجّهوا إلى الهيئة القومية للأنفاق شاكين تضرّرهم من تلك الأشغال، فأتى الردّ أنّ "المترو مشروع قومي".

ودفعت تلك الأشغال محافظة الجيزة التي يقع في نطاقها شارع جامعة الدول العربية، وبالتعاون مع أجهزة الأمن، إلى رفع الأكشاك المرخصة في الشارع منذ عشرات الأعوام، علماً أنّ كثيرين يعملون فيها على خلفية البطالة الزائدة. أتى ذلك من دون مراعاة قطع أرزاق هؤلاء الذين يعيلون أسراً بأكملها، ولا قيمة السلع والتجهيزات التي تحويها تلك الأكشاك التي تُقدَّر بملايين الجنيهات. وتعرّض هؤلاء بالتالي إلى خسائر كبيرة، بسبب عدم قدرتهم على تصريف تلك السلع في وقت قصير.



وشارع جامعة الدول العربية الذي يصل طوله إلى ثلاثة كيلومترات الذي لا ينام، تكثر فيه المقاهي والمطاعم الشهيرة المتخصصة في الأطعمة العربية ولكلّ زبائنه، إلى جانب الفنادق والعيادات الطبّية والمحالّ التجارية المختلفة، ما جعله جاذباً للسيّاح العرب، كذلك تُقام فيه مواكب "زفة العرسان" (بالسيارات) من مختلف المناطق المجاورة. ومن معالم الشارع، نادي الزمالك والمحالّ التجارية المختلفة عند سور النادي المعروفة بـ"محلات سور نادي الزمالك"، بالإضافة إلى ميدان مصطفى محمود الذي يحمل اسم العالم الراحل. وقد شهد هذا الميدان حيث مسجد ومستشفى، تظاهرات واحتجاجات كثيرة، بينما تُقام به احتفالات الجماهير الرياضية. وفي مسجد مصطفى محمود، تُقام جنازات مشاهير كثيرين، في حين تُرفع في الميدان صلاة العيد سواء الفطر أو الأضحى.



ويعبّر التجار والأهالي عن غضبهم إزاء الأشغال، مشيرين إلى أنّ المترو سوف يتسبّب في فوضى وازدحام شديدين بالشارع. بالنسبة إليهم، فإنّ "الشارع من دون مترو أفضل بكثير". محمد فوزي من سكان الشارع، ويرى أنّ "التحرّك في الشارع صار أزمة، ولا سيّما مع تضييع الوقت"، متوقعاً تحوّل الشارع إلى "سويقة" عند تشغيل المترو. أمّا محسن صابر وهو مدير أحد مطاعم الشارع، فيقول إنّ "مشروع المترو أحدث مشكلة كبرى، إذ إنّ قاصد المحالّ لم يعد قادراً على الوصول إليها بسهولة، الأمر الذي تسبب في خسائر مالية كبيرة للجميع".

من جهته، يرى سليم مصطفى وهو صاحب أحد محالّ الألبسة في الشارع، أنّ "حركة البيع تراجعت بصورة كبيرة. نحن في حاجة إلى تعويض شهري من أيّ جهة، لأننا مسؤولون عن أسر وعلينا ديون متراكمة". ويتساءل: "ما الذي سوف يحققه مشروع المترو للمواطن؟". يؤيّد علاء سيد الذي يعمل في أحد مطاعم الشارع ما يقوله مصطفى، ويتحدّث عن "حجم الخسائر التي تكبّدتها المحالّ عقب إقامة السور الحديدي"، مضيفاً أنّ "الجميع يعاني من خراب بيوت".




صيدليات شارع جامعة الدول العربية تعاني كذلك من جرّاء الأزمة نفسها، وهو ما يؤكده الصيدلاني إسماعيل محمد، مشيراً إلى أنّ "البيع قلّ بنسبة كبيرة جداً وصار المريض أو الزبون يصل إلينا بصعوبة بالغة". ويقول إنّهم لم يتوقّعوا أن تصل الأمور إلى هذا الحدّ بعد إقامة السور الحديدي، مضيفاً أنّ "سيارات توزيع الأدوية صارت تقف بعيداً، الأمر الذي صار يضطرنا إلى تحمّل تكاليف نقل الأدوية من تلك السيارات إلى الصيدلية".

دلالات