منح مالية لتشجيع الشباب على الزواج في ليبيا

منح مالية لتشجيع الشباب على الزواج في ليبيا

28 مارس 2019
طوارقيون ليبيون في عرس تقليدي بتاورغاء (بولنت إردوغير/ الأناضول)
+ الخط -

تسعى السلطات الليبية إلى تلافي صعوبات زواج الشباب في ليبيا كسبيل من سبل مكافحة المشاكل الناجمة عن تأخر الزواج في البلاد والعزوف عنه في بعض الأحيان، وذلك من خلال تقديم تسهيلات مادية، والدفع بشرائح مجتمعية للتعاون معها.

يؤكد محمد إبراهيم، رئيس مجلس صندوق دعم الزواج التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بالحكومة الليبية، أنّ جهود الصندوق تمكنت من استقطاب نحو تسعة آلاف شاب في مختلف مدن ليبيا، للحصول على مساعدات الصندوق من أجل تسهيل زواجهم، وذلك من خلال منح مالية ومساعدات عينية.

يتحدث إبراهيم، بالتفاصيل، لـ"العربي الجديد"، حول نجاح الصندوق في تنظيم أعراس جماعية في عدة مناطق ليبية، من بينها عرس جماعي لـ100 شاب بمنطقة درج، جنوبي غرب البلاد، وآخر في مدينة أوباري، التي تقع في وادي الحياة بالجنوب الليبي أيضاً لـ 26 شاباً. ومؤخراً أقام الصندوق عرساً جماعياً في بني وليد لـ46 شاباً. يوضح إبراهيم أنّ الصندوق وضع شروطاً للمتقدم بطلب المساعدة في الحصول على منحته، وأولها أن يكون شاباً ذكراً قد تجاوز الثلاثين عاماً. لكن، بسبب الإقبال الكبير على الصندوق، باتت خدماته الحالية مخصصة لمن تجاوزوا الأربعين عاماً.

يشير إبراهيم إلى أنّ برامج الصندوق تتجه بالدرجة الأولى لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، كما حدث في مدينة درج، إذ ساعد الصندوق فيها زواج سبعة من الأشخاص ذوي الإعاقة، و42 شاباً من الأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق شرق ليبيا. يقول: "خصصنا منظومة لتسجيل مقدمي الطلبات، وذلك من خلال موقع إلكتروني، بهدف تسهيل تواصل الشباب من سكان المناطق النائية معنا. ونسعى إلى توسيع مدى انتشار مكاتبنا في أكثر من منطقة". يتابع: "حتى الآن، لدينا ستة فروع في مناطق مختلفة من ليبيا، لكنّنا نسعى إلى انتشار أكبر من ذلك". وحول شكل المنح التي يقدمها الصندوق، يقول إبراهيم: "المبلغ الذي يُمنح للشاب المقدم على الزواج يصل إلى خمسة آلاف دينار ليبي (3600 دولار أميركي) كمنحة أو مساعدة لا يستردها الصندوق. أما المنح المالية الإضافية على هذا المبلغ فيجرى تقديمها للمستفيد، على أن يجرى لاحقاً استقطاعها من راتبه. وتصل قيمة هذه المنحة إلى 35 ألف دينار (25.400 دولار) في شكل قروض من دون فائدة"، لافتاً إلى أنّ المساعدات العينية تكون في شكل أثاث أو مواد كهربائية أو صيانة منزل مثلاً.




لا يقتصر الدور الحكومي على تقديم المساعدات المادية والعينية بل يتجاوزه إلى الارتباط بمؤسسات أهلية ومدنية لإطلاق مشاريع دعم الأسرة، ففي منتصف العام الماضي أطلقت مبادرتا "سهم العفاف" لفتح باب التبرعات لدعم الصندوق، و"تواثق" لبحث قضية تخفيض مهور الزواج، وإقناع البيئات المحلية والقبلية بضرورة إعادة النظر في بعض العادات المكلفة أثناء الحفلات الاجتماعية في الأعراس.

في هذا الإطار، يقول جمعة الفيتوري، عضو المجلس الأعلى للمصالحة في ليبيا، إنّ جهوداً اجتماعية تبذلها بعض لجان مجلسه لمحاربة عادات اجتماعية تحولت إلى عائق أمام زواج الشباب، ومنها تحويل الأعراس إلى مهرجانات باهظة الكلفة، تؤرق كاهل الشباب وتجعلهم عازفين عن الزواج بسبب أوضاعهم الاقتصادية المتردية. يتابع لـ"العربي الجديد": "تخفيض نسب العنوسة في الجنسين بات هدفاً ملحاً، وقد تمكّنا بالفعل من إقناع مناطق ليبية عدة بعقد اجتماعات لإسقاط بعض التكاليف الباهظة عن الشباب"، لافتاً إلى أنّ مبادرة الأعراس الجماعية لم تعد مقتصرة على جهود الحكومة، فهناك جمعيات أهلية باتت ترعاها. يضيف أنّ جمعيات أهلية توجهت رؤيتها إلى ما هو أبعد، من خلال جمع تبرعات بشكل واسع لصيانة المنازل، وبنائها حتى، للشباب المقبلين على الزواج: "شهدت على ذلك في مدينة زليتن حيث جرت صيانة تسعة منازل وبناء خمسة أخرى في العام الماضي"، مؤكداً أنّ مثل ذلك كثير من المبادرات في مدن ليبية عدة.

على الرغم من الإقبال على التسجيل في منظومة الصندوق، بحسب إبراهيم، يؤدي الخوف من العيب الاجتماعي، إلى عزوف "مكرم ع." عن اللجوء إلى الصندوق: "خطبت قبل خمس سنوات، لكنّ البيئة الاجتماعية ستعتبرني تزوجت بصدقات الناس، في حال لجأت إلى الصندوق، وهو ما لا أقبل به". وعن إقبال غيره على الاستفادة من مساعدات الصندوق، يقول: "كثيرون منهم يكتمون هذا الأمر، أما المجتمع القريب جداً والذي يعرف بما فعلوا، فينظر إليهم نظرة شفقة".



العوائق ليست اجتماعية فقط، فالانقسام الحكومي جمّد نسبياً حرية حركة الصندوق، إذ إنّ الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، في شرق البلاد، أقرّت في مقابل منح المساعدات رسوماً مالية لمن أراد الزواج بفتاة غير ليبية، تصل إلى 3 آلاف دينار (2100 دولار). وبالرغم من أنّ الحكومة بررت ذلك بدفع الليبيين للزواج من الليبيات كحافز لتقليل نسب العنوسة، فالإجراء لاقى شجباً واسعاً، إذ اعتبره ناشطون ليبيون تدخلاً حكومياً في حق اختيار الشاب لزوجته، ونوعاً من التمييز.

دلالات

المساهمون