العراق: تجارة الأدوية الفاسدة والمغشوشة تحميها الأحزاب والمليشيات

العراق: تجارة الأدوية الفاسدة والمغشوشة تحميها الأحزاب والمليشيات

23 أكتوبر 2019
المواطن يدفع ثمن غياب الرقابة على الأدوية(علي السعيد/فرانس برس)
+ الخط -
لا تنحصر مشاكل القطاع الصحي في العراق، بالجزء المتعلق بتردي المستشفيات أو حتى سوء الإدارة وقلة العناية وضعف الرقابة، بل تتجاوزه إلى مشكلة تهريب الأدوية الفاسدة أو منتهية الصلاحية والمغشوشة، بشكل يكبد العراقيين خسائر بشرية، تضاهي خسائره جراء رداءة الخدمات.

وخلال الأسبوع الجاري، أُعلن عن وفاة ثلاثة أطفال؛ بسبب جرعة لقاح تبين أنها فاسدة، بحسب ما أكدته تقارير صحافية محلية عراقية، نقلاً عن مسؤولين في وزارة الصحة. ووعدت حكومة محافظة صلاح الدين شمالي العراق، بفتح تحقيق موسع في الحادث، وذلك بعد أسابيع من حالة مماثلة تسببت بشلل شبه كامل لمريض بعد حقنة تبين أنها فاسدة، وتسببت بضرر في جهازه العصبي.

وتعلن السلطات الأمنية العراقية، بين آونة وأخرى، عن إحباط عمليات تهريب أدوية غير مرخصة إلى داخل البلاد عبر المنافذ الحدودية، وسط متابعة مستمرة من أجهزة الأمن لما تعرف بمافيات الأدوية. ورغم هذه المتابعات التي تعلن عنها الأجهزة المختصة لكنها لم تفلح في القضاء على عمليات التهريب تماماً.

وكشفت عملية أمنية جرت في مطار النجف الدولي، الأسبوع الماضي، عن إحباط عملية تهريب كميات كبيرة من الأدوية لإدخالها إلى البلاد، رغم عدم خضوعها للفحص، مبيّنة حجم المخاطر التي تهدد حياة العراقيين.



وذكرت دائرة تحقيقات النزاهة، في بيان، أنها تمكنت من إحباط عملية تهريب كمية كبيرة من الأدوية إلى داخل العراق عبر مطار النجف الدولي تم ضبطها في مخزن الشحن الجوي التابع لإحدى شركات المطار. وأوضح البيان أنّ عملية الضبط استولت على 743 كرتونة (حاوية صغيرة) من الأدوية الطبية كان يراد إدخالها إلى العراق عبر مطار النجف.




ويقول مسؤول عراقي بارز في بغداد، تعليقاً عن ذلك، إنّ استقالة وزير الصحة علاء الدين العلوان، الشهر الماضي والتي قبلها البرلمان كانت بسبب مافيات الدواء.

ولفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إلى أنّ "تجارة الأدوية تغدق عشرات الملايين من الدولارات شهرياً على شبكات وشركات وتجار ومتعهدين نافذين ولديهم علاقة بالأحزاب وحتى الفصائل المسلحة بالعراق والذين يحصلون على حصص ثابتة مقابل دعمهم أو تسهيل أعمالهم وتوفير الحماية لهم"، مشيراً إلى أنّ "كثيراً من الأدوية التي تستورد غير مطابقة للشروط، وبعضها منتهي الصلاحية، ويتم تزوير تاريخ الصنع والصلاحية، وبالنهاية المواطن هو من يدفع الثمن". 

  

ووفقاً للمسؤول ذاته، فإنّ "عمليات سرقة للأدوية الحكومية في المستشفيات والمخازن التابعة لوزارة الصحة تتم أيضاً، لبيعها في السوق السوداء عبر تجار وشبكات محلية يهرب قسم منها إلى مناطق سيطرة النظام السوري أيضاً"، معتبراً أنّ الفساد في وزارة الصحة وكذلك لجنة الفحص والمتابعة بالنسبة للمذاخر والصيدليات الخارجية، بحاجة إلى تفكيك وحلها نهائياً وإعادة تشكيلها مجدداً للتخلص من هذه الآفة".



ولا تعطي الجهات المختصة إحصائية بعدد عمليات التهريب التي تم إحباطها، ولكن المتتبع لما يعلن عنها يجد أنّه لا يمر شهر واحد على الأقل، إلا وتحدث عمليات تهريب كبيرة بعضها يحبط والأخرى تمر إلى داخل البلاد.

ويوضح الدكتور الصيدلاني أحمد الرحماني، لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك نوعين من الأدوية المهربة أولها منتهية الصلاحية والتي يتم تزوير تواريخها بأخرى جديدة غير صحيحة، ونوع مجهول المنشأ أو أدوية مقلدة وإذا دخلت هذه الأدوية إلى البلاد، ستصل إلى المرضى بكل سهولة نتيجة عدم وجود رقابة على الصيدليات والمستودعات".

المساهمون