الطفل سامر عوض يردّ الجميل لوالده

الطفل سامر عوض يردّ الجميل لوالده

11 اغسطس 2018
يحلم باتمام دراسته والعودة إلى فلسطين (العربي الجديد)
+ الخط -
في سوق الخضر في مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، يجلس سامر محمد عوض أمام بسطة يعرض فيها مواد غذائيّة متنوعة للبيع. هذه البضائع ليست له، ولا يبيعها من أجل حاجة مادية، بل هي لوالده الذي يملك محلاً لبيع الألبان والأجبان في السوق، وقد امتهن هذا العمل مذ كان شاباً.

سامر (12 عاماً) في الصف السابع أساسي، وهو من بلدة السميرية في فلسطين، ويعيش مع أسرته في منطقة حي حطين في المخيم. تعلو وجهه ابتسامة تخلو من الحزن، إذ إنه يعيش حياة مستقرة وسط عائلته.

سامر لم يترك مقاعد الدراسة، ولا يعمل من أجل إعالة أسرته، بل هو تلميذ متفوق يكرّس وقتاً كافياً للدراسة. وفي العطلة الصيفية، يساعد والده في عمله، ويساهم ولو بجزء بسيط، في رد المعروف له، هو الذي يهتم به ويوفر له كل ما يحتاج إليه. كما يحرص على إشراكه في العطلة بنشاطات تساهم في تكوين شخصيته بعيداً عن العائلة والمدرسة، ويدرك حاجته إلى الاستمتاع بعطلته الصيفية مثل بقيّة الصبية.

في الساعة العاشرة صباحاً، يخرج سامر من بيته ليذهب إلى دكان والده، ويأخذ منه البضاعة التي يصفّها لاحقًا على بسطته المتواضعة، ويبدأ عمله الذي يستمرّ حتى الساعة الواحدة ظهراً. وما إن ينهي عمله، حتى يذهب إلى أحد المراكز التي ينتسب إليها مع بعض من رفاقه لتلقي العلوم الدينية. يقول سامر: "أحب المدرسة كثيراً، وأرغب في متابعة دراستي وأن أصير مهندساً معمارياً في المستقبل. أنا متفوّق في دراستي والهندسة حلم حياتي. التعليم طريقي للنجاح، علماً أنه من الصعوبة أن يعمل فلسطيني في التخصّص الذي اختاره لنفسه بسبب القانون في لبنان، لكنني متفائل".



وعن مساعدته والده، يقول: "طيلة أيام الدراسة، يوفر لنا كل ما نحتاج إليه. يجب أن أبادر بسدّ جزء من معروفه ومساعدته، وأفتخر بذلك". يضيف: "يسألني كثيرون ما إذا كانت مساعدتي له من أجل المال. إلا أن هذا واجب علي ولست في حاجة إلى أي مال، لأن والدي يوفر لي ما أحتاجه".

على الرغم من صغر سنّه، إلا أنه يرفض الاستسلام للواقع المعاش. يقول كثيرون إنه لا فائدة من العلم في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، إضافة إلى تلك السياسية. لكنني لا أكترث لتلك الأفكار التي تسجن الغالبية العظمى من الناس، وأطمح في الوصول إلى مركز مرموق. وبرأيه، "سلاح الفلسطيني اللاجئ هو التمسّك بالعلم والمثابرة من أجل الحصول عليه مهما اعترضه من شدائد. كما أن قضيتنا الفلسطينية تتطلب منا أن نكون متعلمين حتى نستطيع مجابهة الأعداء".

يتابع: "العطلة الصيفية ليست كلها للعب والمرح. أساعد والدي في أيام العطل أثناء العام الدراسي وفي أيام العطلة الصيفية. من واجبي مساعدته، وأنا الابن الأكبر في البيت، كما أن الحياة من دون عمل تسبب الملل". ما زال يجد وقتاً للعب مع أصدقائه، خصوصاً كرة القدم. ويحلم بالعودة إلى فلسطين.

المساهمون