قانون الكفالة "يُجيز" ضرب كينيتين في لبنان

قانون الكفالة "يُجيز" ضرب كينيتين في لبنان

19 يوليو 2018
خلال ترحيلها (العربي الجديد)
+ الخط -

تحوّلت قضيّة شاميلا نابوايو وويني روز وامبوي إلى قضية رأي عام في لبنان، بعد انتشار فيديو يظهر تعرّضهما للضرب المبرح لمدة تجاوزت العشر دقائق، من قبل مواطنين لبنانيين في منطقة برج حمود، أحدهم كان جندياً في الجيش اللبناني.

بعدها، اعتُقل عددٌ من الذين ظهروا في الفيديو المصوّر، عملاً بنص الادعاء الرسمي الذي أقامته النيابة العامة العسكرية بحق خمسة أشخاص، في إطار "شجار في مكان عام".

بعد الاعتقال، كان هناك تهميش للاعتداء الجسدي الذي مورس بحق الضحيّتين، وركّز الأمن العام على افتقاد الناجيتين أوراق الإقامة القانونية، ففتح ملف آخر لهما يتعلّق بافتقادهما إقامات سارية المفعول وتم سجنهما، وسط تجاهل لتقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت تعرضهما للأذى، وشدّد على ضرورة حاجتهما للراحة، خاصةً أن إحداهما أم لطفلة لبنانية ما يستدعي وجودها معها.

وقال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي إن المشاهد الظالمة "تتجاوز الضرب والإيذاء إلى عنصريّة مقيتة وغريبة عن عادات الشعب اللبناني وتقاليده ورقيّه، في وطن هو، في تكوينه وصيغته، ملتقى الحضارات على تنوّعها".

وتطوّعت المحامية نارمين السباعي لتمثيل الضحيتين، في دعوى "الشجار" المزعوم المقدّم ضدهما، لتترافع عنهما في دعوى المحكمة العسكرية ضد العسكري من المعتدين وشخصين لبنانيين آخرين غير عسكريين بتهمة المشاركة في الإشكال، وليس كمعتدين. كما طالبت بضم أشخاص آخرين ظهروا في الفيديو، ولم يعتقلوا أو يزجوا في السجون، ولم يتهموا بالمشاركة في الإشكال.

وأقدمت المديريّة العامة للأمن العام على ترحيل شاميلا إلى نيروبي، من دون هاتفها الذي فقدته أثناء الاعتداء والاعتقال، ومن دون مالها، على الرغم من وعود المديرية بالتراجع عن قرار الترحيل. هكذا أُضيف رقم جديد إلى أعداد ضحايا الإطار القانوني والاجتماعي الذي يحكم شروط معيشة العاملات المنزليّات في لبنان. أما ويني روز وامبوي، فقد أفرج عنها كونها متزوجة من لبناني، ولديها طفلة لبنانية منه إلى حين تسوية أوراقها.

ودفع التفاعل الشعبي مع شاميلا، وما أقدمت عليه الكفيلة من رفض للتنازل عن كفالتها،  وطلب مبلغ وقدره ثلاثة آلاف دولار أميركي عند التفاوض على التنازل بحجة التكاليف التي خسرتها عند استقدامها، بعض الناشطين والحقوقيين إلى التضامن الشكلي الممثل بذهابهم إلى المطار عند ترحيلها في ظل غياب للإعلام المرئي، وساندوها بوجودهم.



كما أبدى ناشطون في جمعية "حركة" مناهضة العنصرية استنكارهم ما حدث مع شاميلا، ورفضهم لنظام الكفالة المجحف الذي يعطي الكفيل شرعية الاستعباد والابتزاز عند التفاوض، ويجعل من العاملات الأجنبيات المستقدمات من الخارج عرضة للاستغلال.

وقال مصدر مقرب من ويني روز لـ "العربي الجديد" أنها ككينية اليوم وأم لطفلة لبنانية من البشرة السوداء، يسوى وضعها القانوني عبر إصدار إقامة "مجاملة" واستحقاقها للجنسية اللبنانية بعد وقت قصير، علّها حينها تُعامل معاملة من دون تمييز. أضاف أن صديقتها قد رُحِّلت مُكرهة، وكان يمكن أن يختلف الأمر لو لم تكن إقامتها مرتهنة بكفيلة يحق لها قانوناً التحكم بمصيرها. فقد ارتأت الأخيرة عدم عتقها من الكفالة وترحيلها فحرمتها فرصة مقاضاة من أذلها أمام مرأى الجميع، بالقانون.

وأضاف المصدر أن تجربة العاملتين الكينيتين في لبنان تجربة مزعجة، إذ تحرمان كـ "عاملتين في منازل الأفراد" من الحماية والحقوق التي تتمتع بها الفئات العاملة الأخرى كالحد الأدنى للأجور، والضمان الاجتماعي، والإجازات المدفوعة، والحد الأقصى لساعات العمل، وكل ما هنالك من نقص تشريعي في مجالات تأمين الحماية القانونية لهما، كما ما حدث مع شاميلا من حرمان لفرصة مقاضاة المعتدين.

أما ممثلتها القانونية في لبنان، المحامية نارمين السباعي، فتقول لـ "العربي الجديد" إنها ستواصل الدفاع عن موكلتها في المحكمة العسكرية التي لربما ستضطر آسفة المرافعة عنها غيابياً. فالكلفة المادية الباهظة لإحضار المدعى عليه والمدعية لحضور جلسات المحاكمة، لدى تعيينها، سيشكل عائقاً ويحول دون ذلك إلا إذا دُعِمت القضية مادياً.

وتفاعل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع القضية آملين أن ينتقل هذا الموضوع، وكل ما شابهه من مواضيع، من مادة إعلامية دسمة الى مداولات رسمية فعلية مطروحة على جداول أعمال من يُفترض أنهم المعنيون بسمعة لبنان، وبغية رفع شأن الأجنبي العامل في لبنان والدفاع عن حقوقه.