تركيا ترعى كبار السن في منازلهم

تركيا ترعى كبار السن في منازلهم

13 يوليو 2018
يمشي في أحد أسواق أنقرة (ألتان غوشير/ Getty)
+ الخط -
تولي تركيا اهتماماً كبيراً بكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، وتمنحهم رواتب شهرية إذا كانت ظروفهم مطابقة للشروط 

يزداد الاهتمام بكبار السن في تركيا، المهدّدة بدخول طور "الدولة العجوز". وتشير بيانات رسميّة إلى أنّ نسبة المسنّين ستتجاوز ما نسبته 10 في المائة من السكان في عام 2023، أي ما يُقارب 8 ملايين و600 ألف عجوز. ويُتوقّع أن يصل هذا الرقم إلى 19.5 مليون نسمة في عام 2050.

هذه الأرقام دفعت حكومة رجب طيب أردوغان إلى زيادة فروع التأمين الصحي والخدمات المقدّمة لكبار السن، بما فيها زيادة رواتب المتقاعدين، ومنح رواتب لمن هم في المنازل، بمن فيهم الجدات اللواتي يتولين تربية أحفادهن. وبحسب وسائل إعلامية تركية، منح أردوغان كلّ من تجاوز عمره الخامسة والستين من العمر، راتباً شهرياً إضافياً قدره 500 ليرة تركية (نحو 108 دولارات). وأشارت إلى أنّه يمكن للمسنّين الأتراك طلب الطعام المجاني عبر الهاتف، فضلاً عن تكفّل الحكومة التركية بإرسال عاملي نظافة أسبوعياً لتنظيف بيوت المسنّين وطهو الطعام.

كما تكفل الحكومة التركية برامج الرعاية الصحية المجانية للمسنّين، وترسل سيّارة إسعاف يضم طاقمها طبيباً وممرضة لتقديم الخدمات الطبية للمسنين في منازلهم مجاناً. وتقول المسنة خديجة أوز تورك (69 عاماً): "الآن، كلّ شيء متوفّر في تركيا. كنّا نذهب إلى أماكن بعيدة لجلب مياه الشرب. كانت المياه تأتي لساعات كل ستة أيام، وكنا نستخدم الغاز الصغير. أما اليوم، فبات الغاز متوفّراً في المنازل، ولم نعد نعاني من روائح الفحم. اليوم، الخدمات الطبيّة متوفرة ومجاناً. كما منحتنا الحكومة بطاقة لاستخدام المواصلات مجاناً".

وفي ما يتعلق بالراتب الشهري، تقول أوز تورك، وهي من منطقة درامان في حي الفاتح في إسطنبول: "زادت رواتبنا مع زيادة رواتب الموظفين منذ العام الماضي، وسمعنا عن زيادة 500 ليرة سنتقاضاها قريباً". وجاءت زيادة الأجور والخدمات المنزلية تتمة للنموذج التجريبي الذي أطلقته وزارة العمل والضمان الاجتماعي بالتعاون مع وزارة اﻷسرة والسياسة الاجتماعية مطلع العام الجاري، لمنح رواتب للجدات اللواتي يعتنين بأحفادهن أثناء عمل الأمهات.



وشمل النموذج التجريبي عدداً محدداً من العائلات في عشر ولايات: ألف عائلة في كل من إسطنبول وإزمير، و500 عائلة في كل من بورصة وأنقرة وقيصري وسكاريا وأنطاليا وقونيا وتكيرداغ وغازي عنتاب. وبحسب النموذج، تُمنح الجدّة راتباً شهرياً قدره 425 ليرة تركية (نحو 92 دولاراً) لرعاية أحفادها، ما سيشجع عمل المرأة التي ستكون أكثر اطمئناناً على أطفالها.

ويشترط أن تكون الجدات والأحفاد أتراكاً يقيمون في إحدى الولايات المذكورة، وألّا يتجاوز عمر الطفل ثلاث سنوات، وأن يكون الطفل واﻷم يعيشان في بيت واحد، والجدة تعيش في الولاية نفسها. كما يشترط أّﻻ تترك اﻷم وظيفتها خلال فترة الدعم، وأﻻ تلجأ إلى مربية، وأّﻻ يكون هناك قرابة بين صاحب العمل واﻷم، وأن تكون صحة الجدة جيدة وعقلها سليما.

ما زالت قادرة على الاهتمام بنفسها (ألتان غوشير/ getty) 


ويرى الأستاذ في جامعة ابن خلدون في إسطنبول، رجب شان تورك، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أنّ لهذه الإجراءات أهدافا اجتماعية واقتصادية، إذ تساهم في تطوير الاقتصاد التركي، لافتاً إلى وجوب توزيع الموارد على كل فئات المجتمع، وألّا تتركز الثروة في يد فئة محددة. لذلك، تسعى الحكومة إلى تأمين توزيع عادل من خلال منح رواتب للمسنين والطلاب والأطفال وحتى العاطلين من العمل.

اجتماعياً، يقول شان تورك إن تلك الأموال الممنوحة للمسنين وغيرهم ستنشّط الاقتصاد وحركة الأسواق، وتؤدي إلى افتتاح أعمال جديدة تشغّل العاطلين من العمل. والأهم أنّ التقاليد التركية المستندة بمعظمها إلى الدين، لا تحبّذ إرسال المسنين والمرضى إلى دور العجزة، ما يعني أن منحهم رواتب ومساعدات يخفف عن كاهل الأسر مصاريف الأدوية والغذاء. "ما زال يُنظر بسلبية إلى أولئك الذين يرسلون آباءهم إلى دور العجزة في العديد من الولايات التركية. لذلك، فإن خدمة المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة تكون في المنازل وعلى نفقة الحكومة".



كما تولي الحكومة التركية اهتماماً لافتاً بذوي الاعاقة، والأشخاص الذين يتولون العناية بهم في المنازل، وتخصص لهم راتباً شهرياً. ويشترط في المتقدم للاستفادة من الراتب إجراء الفحص الطبي اللازم لذوي الإعاقة أو كبير السن في مستشفى حكومي، وتحديد نوع الإعاقة أو تشخيص حالة المسن، وتقديم تقرير طبي مفصّل عن نوع الإعاقة. وحتّى يحصل الشخص الذي يعتني بآخر من ذوي الإعاقة على راتب، يجب أن تكون نسبة إعاقته أكثر من 50 %، فيسجّل في تقريره الطبي "شديد الإعاقة." ويفترض أن يكون دخله أقل من 606.95 ليرات تركية (131 دولاراً).

وكانت الحكومة التركية قد خصّصت العام الماضي، بعد تعديل بعض القوانين المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وتزامناً مع رفع الحد الأدنى للأجور، راتباً شهرياً لهؤلاء الذين تتراوح نسبة إعاقتهم ما بين 40 و69 في المائة، بقيمة 1,059 ليرة تركية (نحو 230 دولاراً)، إضافة إلى تخصيص راتب بقيمة 1,589 ليرة (نحو 345 دولاراً) لذوي الإعاقة التي تتجاوز نسبة إعاقتهم 70 في المائة.

أما الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، فيصرف الراتب الشهري لأقاربهم وليس لهم، ويجب أن يكون الشخص ذو الإعاقة مواطناً تركياً ومقيماً فى نفس المنزل المذكور في الطلب. وبحسب إعلان القانون رقم 2022، يجب أن تكون نسبة الإعاقة المحددة 40 % لكي يتمكن من الاستفادة من المساعدات.