أهالي مدينة حيس يعانون وسط القصف والفقر

أهالي مدينة حيس يعانون وسط القصف والفقر

06 يونيو 2018
على مقربة من أحد المخيمات (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -
تعاني العائلات النازحة من مدينة حيس والقرى والمناطق التابعة لها في محافظة الحديدة غرب اليمن، من أوضاع إنسانية صعبة، من جرّاء حصار بعض المناطق والقصف العشوائي المستمر حتى اليوم من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيّين).

ونزح كثيرون إلى مناطق مختلفة، منها مدينة عدن (جنوب)، لكن معظمهم عادوا إلى مدينتهم بعد تحريرها من الحوثيّين في فبراير/ شباط الماضي، على الرغم من استمرار القصف على المدينة. ولم يجد إبراهيم عبد الرحمن خياراً غير العودة إلى منزله في حيس، على الرغم من عدم استقرار الوضع هناك. "القصف ما زال مستمراً. والمركز الصحي الموجود لا يعمل كما يجب. كما أن المساعدات لا تعد كافية، والأعمال قليلة وبالتالي يصعب كسب الرزق وإطعام أبنائنا".

يضيف عبد الرحمن أنه اضطر إلى صرف كل مدخراته وبيع مقتنياته الثمينة حين كان نازحاً في مدينة عدن. ولم يحصل على أي مساعدات من منظمات أو جهات حكومية. ويوضح أنّ بدلات الإيجار كانت مرتفعة، ولم يكن لديه أقرباء في عدن، كما أنّ مخيمات اللجوء لم تكن متوفرة. ويؤكد أنّ 99 في المائة من النازحين غير قادرين على دفع بدل إيجار السكن بسبب عدم توفر المال، ما اضطره للعودة إلى حيس، على الرغم من الأوضاع الصعبة فيها. "كلّ يوم تسقط قذيفة تؤدي إلى قتل أو جرح الأطفال والنساء".



وعلى الرغم من توزيع بعض المساعدات على الأهالي عقب تحرير المدينة، إلا أن عائلات كثيرة ما زالت تعيش أوضاعاً صعبة للغاية. من بين هؤلاء عائلة أم خديجة التي فضلت عدم النزوح من المدينة. تقول لـ "العربي الجديد": "أعيش في منزلي الصغير مع أطفالي الأربعة. نكتفي بوجبتين في اليوم مكونتين من الخبز والأرز. ونحصل على بعض أنواع الخضار من فاعلي الخير في المنطقة". كما تشير إلى أن اثنين من أطفالها يعانيان من أمراض جلدية، لكنّها لا تملك المال لنقلهما إلى المركز الصحي. وتلفت إلى أن عدم توفر المياه يؤدي إلى مرض أطفالها. "أجلب المياه يومياً من مناطق بعيدة، لكنّها غالباً ما تكون غير نظيفة وغير صالحة للشرب أو حتى الاغتسال. لكن ليس أمامنا إلا استخدامها".

وفي ما يتعلّق بالخوف الذي يعيشونه في ظلّ استمرار قصف المدينة وضواحيها، تقول أم خديجة إن القصف يجعلها لا تنام الليل أحياناً خوفاً على أفراد أسرتها، خصوصاً أن القذائف تسقط على مواطنين في منازلهم أو على مقربة منها.

من جهته، يصف الناشط في المجال الإنساني ورئيس منظمة إرادة شباب في حيس، نعيم حنمه، الوضع بـ "الكارثي". ويشير إلى أن أبناء المدينة أصبحوا يشيّعون يومياً عدداً من القتلى المدنيين. وما زالت قذائف جماعة الحوثيين تشكل خطراً على حياة المواطنين في المدينة التي يتعرض عدد من أحيائها لقصف مدفعي وصاروخي مستمر. يضيف أن غالبية سكان المديرية اضطروا للنزوح إلى محافظة عدن وأبين ومناطق أخرى آمنة في الحديدة، مؤكداً أنّ عدم حسم المعركة في مناطق مختلفة في حيس أدى إلى مضاعفة معاناة السكان في المدينة. "القصف المستمر بقذائف الهاون من قبل الحوثيين خلّف المئات من الضحايا المدنيين".

وعن الوضع الصحي في المدينة، يؤكد أنه تضرر بشكل كبير بعد إغلاق المستشفى الوحيد وتحويله إلى عيادة عسكرية. يضيف: "بعدما سيطرت القوات الموالية للشرعية على المدينة، حولت مبنى المستشفى إلى عيادة عسكرية لعلاج الجرحى من أفراد الجيش والمقاومة والمدنيين المصابين من جرّاء القصف من قبل الحوثيين". يلفت إلى أن ذلك لم يستمر طويلاً بعد نقل العيادة إلى مديرية الخوخة، "وأصبح المستشفى غير قادر على استقبال الحالات التي أصيبت
من جراء القصف على المديرية".



وكان الحوثيون قد فجروا خزانات المياه التي تزود المدينة بمياه الشرب التي تقع في قرية الدنين، وتبعد عن المدينة 15 كيلومتراً تقريباً، لافتاً إلى أن سكان المدينة يعانون بسبب عدم توفر المياه. "أصبحت المياه شبه معدومة في المديرية، ما زاد من تفاقم الوضع الإنساني للمواطنين".

وعن تدخّل المنظّمات الدولية لمساعدة سكان المديرية، خصوصاً النازحين، يقول حنمه: "تدخل المنظمات الإغاثية لم يكن بالمستوى المطلوب، في الوقت الذي يصل عدد السكان النازحين من جراء المواجهات العسكرية إلى ستة آلاف نازح يتوزعون في مناطق مختلفة". ويشير إلى أن ائتلاف تهامة للأعمال الإنسانية سينفذ مشروع ينابيع سقيا لإغاثة المواطنين في المدينة للتخفيف من معاناة النازحين.

وتحتلّ حيس موقعاً جغرافياً استراتيجياً يربط ثلاث محافظات يمنية هي الحديدة وإب وتعز، وتقع جنوب الحديدة. وتبعد عن الشاطئ مسافة 28 كيلومتراً، وتبلغ مساحتها 268 كيلومتراً مربعاً، وعدد مساكنها 7.490، وأسرها 6.964 أسرة، وسكانها 45.436 نسمة، وفق إحصاءات رسمية يمنية.

المساهمون