إقبال على أندية الكويت الصيفية

إقبال على أندية الكويت الصيفية

26 مايو 2018
صغار في أحد الأندية (العربي الجديد)
+ الخط -

تمتد عطلة المدارس الصيفية في الكويت ثلاثة أشهر كاملة، وتشكو أسر التلاميذ من الفراغ وغياب الأنشطة بالإضافة إلى التأثير السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية على أبنائهم. ويحلّ شهر رمضان هذا العام في منتصف تلك العطلة، الأمر الذي يضطر العائلة الكويتية إلى البقاء في البلاد وعدم السفر.

وسط الفراغ الذي يشكو منه الأهالي والتلاميذ على حدّ سواء، تأتي الأندية الصيفية المنتشرة في البلاد لتمثّل حلاً من الحلول الرئيسية للأهالي الذين يعمدون إلى تسجيل أبنائهم فيها، فيشغلون بذلك وقتهم ويحصّلون ما يفيدهم. ونشاطات تلك الأندية تتنوّع بين القراءة والكتابة والرسم والعزف الموسيقي وتعلّم القرآن، بالإضافة إلى الأنشطة البدنية مثل كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة والسباحة وركوب الخيل.

والأندية الصيفية التي تستقبل الأطفال من سنّ الخامسة حتى الثامنة عشرة، هي إمّا مخصصة للفتيان أو للفتيات وإمّا مختلطة، إلى جانب أندية إسلامية تعمد إلى تحفيظ القرآن بالإضافة إلى الألعاب الرياضية. كذلك، فإنّ المدارس الخاصة لديها أنديتها الصيفية التي تهدف إلى إبقاء الصلة قائمة بينها وبين تلاميذها، إلى جانب تعليمهم وتهيئتهم للمرحلة الدراسية التي تلي. يُذكر أنهّ خلال شهر رمضان، تستمر هذه الأندية بالعمل، غير أنّ نشاطها يتأجّل إلى ما بعد صلاة المغرب. فيعمد الأطفال إلى نشاطات خفيفة مثل القراءة وما إليها، وبعد صلاة العشاء يمارسون الرياضة البدنية.


يقول عثمان الخالد وهو مشرف على أحد الأندية الصيفية التي تديرها عائلته منذ 13 عاماً، لـ"العربي الجديد": "نستقبل سنوياً في العطلة الصيفية ما بين 100 و150 تلميذاً، وهدفنا من النادي الصيفي زيادة ثقة الأطفال بأنفسهم وتعليمهم أساليب الحياة وكيف يصيرون اجتماعيين أكثر مع الآخرين، خصوصاً مع امتلاكهم أجهزة ذكية ودخولهم إلى المواقع الإلكترونية من قبيل يوتيوب بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي. وهو أمر أثّر كثيراً على عقولهم وأخلاقهم". يضيف الخالد: "نحرص على إبقاء الأجهزة الذكية بعيدة عن متناول الطفل طوال وجوده هنا، ونحاول خلق مساحة طبيعية ليتمتع باللعب والقراءة فيها، وهذه الفكرة نالت إعجاب الأهالي".

من جهتها، تقول شيخة النوري وهي مشرفة على نادٍ مخصص للفتيات لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأندية الصيفية إيجابية في الكويت، إذ إنّها تصقل شخصيات الأطفال وتهيّئهم للنمو والإبداع. والأكثر إيجابية هو مدى اهتمام الأهالي بالحرص على إدخال أبنائهم إلى هذه الأندية". تجدر الإشارة إلى أنّ منظمات خاصة وغير ربحية تنظم في بداية كل فصل صيف، معرضاً خاصاً للأندية الصيفية في المجمعات التجارية في البلاد، بهدف إعطاء فرصة للأندية حتى تعرض أنشطتها وأهدافها وإعطاء فرصة للأهالي حتى يتعرفوا إلى هذه الأندية ويسجّلوا أبناءهم فيها. وتشير النوري إلى أنّ "إقبال الأهالي على المعارض التي شاركنا فيها كبير جداً، إذ هم حريصون على الاطلاع على تفاصيل النادي ويرغبون في تعليم أبنائهم كل ما ينمّي عقولهم".



ولا تقتصر نشاطات الأندية على الكويت فحسب، إذ تنظّم أندية عدّة رحلات سفر إلى الخارج لمدّة تتراوح ما بين أربعة أيام وأسبوعَين، يُصار في خلالها إلى تعلّم اللغة الإنكليزية على سبيل المثال، في حال كانت بريطانيا هي الوجهة، بالإضافة إلى الاطلاع على تجارب مختلفة خارج حدود الكويت. والأهالي لا يتردّدون في السماح لأولادهم بالسفر، في أحيان كثيرة، الأمر الذي يعيده أحمد كنعان وهو مشرف في أحد الأندية إلى "ثقتهم بنا. والأندية تستعين بأشخاص من المشاهير لتطمئن الأهالي أكثر". يضيف كنعان لـ"العربي الجديد": "ونحن نبعث يومياً برسائل إلى الوالدين تتضمّن النشاطات التي قمنا بها في خلال اليوم وما يمكن تلافيه أو فعله في يوم غد". إلى ذلك، ينظّم النادي العلمي الكويتي (تابع للحكومة) أكبر نادٍ صيفي خاص بالعلوم والفلك والاختراعات، فيعدّ ورش عمل أسبوعية للأطفال تتضمن تعليمهم الرياضيات والاختراعات العلمية والفلك والغوص والسباحة وغيرها.

مها الرشيدي أمّ لثلاثة أطفال انتسبوا إلى أحد الأندية الصيفية، تخبر "العربي الجديد" أنّ "هذه هي السنة الثالثة التي ينضمّون خلالها للنادي نفسه. وقد لاحظت تطوّر مهاراتهم الحياتية إلى جانب الحدّ من عزلتهم التي كانت قد ولّدتها المشاهدة الدائمة لتسجيلات يوتيوب وألعاب بلاي ستيشن. وبحسب ما يبدو، باتوا أكثر حرصاً على الابتعاد عنها وعلى اللعب في الخارج". لكنّ الرشيدي تطالب بـ"رعاية حكومية أكبر لتلك الأندية وتخصيص مبان واسعة لها وأراضٍ يمارس فيها الأطفال نشاطاتهم. يجب على وزارة التربية أن تتّدخل وتنسّق مع الأندية لحثّ التلاميذ على المشاركة فيها، مع منح درجات إضافية لمن يمارس نشاطات مماثلة في الصيف، بهدف كسر العزلة عن الأطفال في ظل الزحف التقني المخيف".


من جهته، يقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد لـ"العربي الجديد" إنّ "الأندية الصيفية وإقبال الناس عليها دليل على فشل معيّن في الأنظمة التعليمية التي لم توفّر مجالاً إبداعياً للتلاميذ، بل باتت تدور في دائرة ضيقة تتمحور حول منهج التلقين والتحفيظ، فصارت المدرسة رتيبة مملة على الرغم من أنّ المشرفين في الأندية الصيفية هم نفسهم المدرّسون الذين يتابعون هؤلاء التلاميذ في فترات الدراسة". وعن الأثر النفسي لتلك الأندية على التلاميذ، يؤكد خالد أنّ "أثرها عظيم بالتأكيد. فهذه الهوايات التي يتعلمها الطفل في الأندية، تعطيه أهمّ عامل للنجاح في بقيّة مجالات الحياة، وهو الثقة في النفس".

دلالات