المغرب يشجّع المواطنين على التبليغ ضد الرشوة والفساد

المغرب يشجّع المواطنين على التبليغ ضد الرشوة والفساد بتخصيص خطوط هاتفية

15 مايو 2018
التبليغ عن حالات الرشوة والابتزاز (تويتر)
+ الخط -

يُحاول المغرب محاصرة الفساد الإداري وتفشي ظاهرة الرشوة والابتزاز، من خلال إحداث آلية تلقي شكاوى المواطنين وتبليغاتهم حول حالات رشوة، أو أي وجه من وجوه الفساد، وتتمثل في خط هاتفي مباشر يتيح للمغاربة التبليغ عن تعرضهم لابتزاز أو رشوة أو أي "سلوك فاسد".

ودشّنت رئاسة النيابة العامة في المغرب مركزاً يضم خطوطاً هاتفية مباشرة، يشمل عدداً من الموظفين من ذوي الخبرة في مجال التواصل، سيتلقون شكاوى وملاحظات وشهادات المواطنين إذا ما كانوا عرضة لرشوة أو ابتزاز، أو أية جريمة تنطوي على الفساد.

وفي السياق، أكد الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، محمد بن عبد القادر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ إحداث مركز هاتفي للتبليغ عن الفساد بشتى صوره، وخاصة حالات الرشوة والابتزاز التي يشكو منها المواطنون، تعد "خطوة رائدة تسير في سياق استراتيجية محاربة الفساد التي اعتمدتها الحكومة المغربية".

ونفى المسؤول الحكومي ذاته أن يكون إحداث الخط الهاتفي الذي يربط بين المواطن الفاضح للفساد وبين السلطة القضائية التي سترصد وتضبط المشتبه به، يتعدى كونه تدبيراً تقنياً وتكنولوجياً، مشيراً إلى أنه قرار شجاع يحفز المواطنين على كسر حاجز الصمت ومواجهة الفساد بالتبيلغ عنه، ومساعدة السلطات على ضبطه والحد من انتشاره.

ومن مهام مركز الاتصال الذي سيكون داخل مقر النيابة العامة، التي حظيت أخيراً بالاستقلالية عن وزارة العدل، أن الموظفين يتمتعون بتدريب وخبرة في التواصل، وسيعملون على إحالة مكالمة المواطن المشتكي على القاضي المكلف الذي بدوره سينسق مع المواطن الذي قام بالتبليغ لضبط المتهم متلبساً بمنح رشوة أو بارتكاب ابتزاز أو أية جريمة أخرى.

وحدد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، محمد عبد النباوي، في تصريحات صحافية أمس، مجالات وحدود الخط الهاتفي المباشر لرصد المفسدين، وهي عمليات الرشوة والابتزاز والفساد داخل جميع الإدارات العمومية وفي المؤسسات القضائية وأي مرفق آخر من مرافق الدولة والمؤسسات العمومية.

وبيّن رئيس النيابة العامة أن "إجراءات التبليغ ستطبعها السرية والتستر صوناً لهوية المبلغين"، مبرزاً أن استقلال السلطة القضائية لم يدع فجوة بين القطاعات الحكومية ومرافق الدولة حتى تنخرط جميعها في محاربة الفساد وتطبيق القانون.

وقوبل قرار إحداث خط هاتفي للتبليغ عن المفسدين وحالات الرشوة وغيرها من وجوه الفساد، بتشكيك نشطاء حقوقيين، منهم عبد الإله الخضري، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، الذي وصف الخطوة بكونها "لن تشكل قيمة مضافة حقيقية، ما دامت سبقتها مبادرات أخرى من لدن وزارتي العدل والمالية، وعدد من المؤسسات الحكومية الأخرى".

وأفاد الخضري لـ"العربي الجديد"، بأنّ "الرشوة والابتزاز والفساد منظومة غاية في التعقيد"، مشيرا إلى الثغرات التي تعتري "الترسانة القانونية، والبون الشاسع بينها وبين الواقع، وهامش التأويل العريض للقوانين خلال التنزيل، والسلطة التقديرية الممنوحة للمكلفين بإنفاذ القانون، وسقوط المواطن في فخ الاختيار بين تنفيذ القانون وبين تقديم رشوة لتسهيل مأموريته".

وسجّل الحقوقي ما سماه "عدم ثقة المواطن في إجراءات ردع المرتشين، والاحتمال القوي للتعرض إلى الانتقام وعدم نجاعة القانون في حماية المبلغين، فضلا عن مستوى الجهل الذي يعم شريحة عريضة من المجتمع المغربي، خاصة في المناطق النائية، التي طبّعت مع مظاهر الرشوة والابتزاز حتى باتت جزءا من منظومة الإدارة المغربية".


واسترسل الخضري بأن "هذه كلها عوامل جوهرية، وأخرى كثيرة تجعل من كل المبادرات الإجرائية عديمة الجدوى، في ظل نسق سياسي ومؤسساتي واجتماعي يتسم بمظاهر الفساد والرشوة والابتزاز"، موردا أنه لا أمل لديه في مثل هذه المبادرات "سوى مساع شكلية لمحاربة الفساد لا أكثر ولا أقل".

وتابع الناشط أن "الفساد والاستبداد لن يفترقا ما دام بعضه في خدمة بعض"، مضيفا أنه "ربما مع توالي أجيال جديدة في المجتمع المغربي يرقى سلوكها إلى وعي مجتمعي متكامل، قد تندثر الآفة تدريجيا".