مطالبات بإسقاط قانون الصحة المثير للجدل في الجزائر

مطالبات بإسقاط مشروع قانون الصحة المثير للجدل في الجزائر

26 ابريل 2018
مخاوف من تراجع الدولة عن "مجانية الصحة" (العربي الجديد)
+ الخط -



يواصل البرلمان الجزائري، مناقشة مشروع قانون جديد للصحة، وسط تصاعد الاعتراضات السياسية والاجتماعية ضده وارتفاع أصوات تطالب بسحبه، وتدعو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتدخل لإحداث قراءة قانونية ثانية كفيلة بالحفاظ على مكسب العلاج المجاني ومنع الإجهاض.

وانتقد رئيس كتلة حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، ناصر الدين حمدادوش، مشروع القانون الجديد، واعتبر أنه يشكل "تهديداً حقيقياً لمجانية العلاج، الذي يعدّ مكسباً تاريخياً ودستورياً من المكاسب التي لا يمكن التخلي عنها"، مشيراً إلى أن "صياغة بعض مواده تتناقض مع مبدأ مجانية العلاج الذي كرسته الدولة منذ سنوات، وهناك غموض في المضمون من شأنه أن يمهّد لإلغاء المجانية، تحت مسمّى العلاجات القاعدية".

ولفت حمدادوش إلى أنه وبعد "أكثر من 15 سنة من الإصلاحات، وصرف حوالي 73 مليار دولار، لم تحقق سوى إصلاحات، وما عودة الأمراض الوبائية، وأمراض الفقر، وندرة بعض الأدوية إلا دليلاً على ذلك".

وتعاني الجزائر خاصة في السنوات الأخيرة، إضافة إلى توترات اجتماعية بين نقابات الأطباء والممرضين والصيادلة، من تردي الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وندرة أكثر من 150 دواء، ممّا رفع الاستيراد وزاد الأسعار.

وصرفت الجزائر خلال الـ15 سنة الأخيرة، بحسب أرقام رسمية، أكثر من 73 مليار دولار لإصلاح قطاع الصحة، وهو رقم يوازي موازنات عدد من البلدان الأفريقية مجتمعة.


ومنذ الاستقلال، تقر الحكومة الجزائرية مبدأ العلاج المجاني للجزائريين، وتتكفل الدولة بدفع مصاريف العلاج، كما يستفيد المرضى من مجانية بعض الأدوية أو جزء من تكلفتها، لكن هذه المكاسب الاجتماعية بدأت في السنوات الأخيرة تتلاشى بفعل اعتماد سياسة تقشفية.

من جهته، اعتبر نائب عن كتلة حزب العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أن مشروع قانون الصحة الجديد سيقضي على القطاع العمومي ويمهد لخصخصة قطاع الصحة، عبر التخلي عن مبدأ مجانية العلاج التي تعتبر حقاً دستورياً، مشيراً إلى أن سوء تسيير القطاع الصحي في الجزائر، حوّل المستشفيات نفسها إلى مصدر للأمراض والموت أكثر منه استعادة للصحة والعافية.

كما انتقد حزب العمال اليساري القانون الجديد، وقال إنه يخدم لوبيات الصحة والأدوية والمختبرات الأجنبية، ويهدد مكتسبات اجتماعية للجزائريين بمجانية العلاج وفقاً للالتزامات الدستورية للدولة.

وقالت النائبة نادية شويتم عن كتلة حزب العمال إنّ "القانون الجديد غير دستوري ويضرب مجانية العلاج، وهو يقنن للتخلي عن القطاع العمومي للصحة لصالح القطاع الخاص".

وتثير بعض مواد القانون الجديد حفيظة كتل برلمانية محافظة، فيما يتعلق بتشريعه للإجهاض عبر مسمى معدل "الإيقاف العلاجي للحمل"، دون تحديد الشروط القانونية والشرعية، في محاولة للتهرب من مصطلح الإجهاض وتوظيف مطاطي لمصطلحات "الحفاظ على التوازنات العقلية والصحية والنفسية للأم".


ويعتبر الأطباء هذا القانون المهني قانوناً للعقوبات، إذ يشتمل على 40 مادة تجرّم الأطباء والطواقم الطبية، وتضعهم في قفص الاتهام. واعتبر ناشطون أن هذه المواد قد تفتح الباب لتصفية الحسابات وتجريم الأطباء ومهنيي الصحة.

وأول أمس الثلاثاء، اعتصم الأطباء المقيمون أمام البرلمان للمطالبة بسحب هذا المشروع وتعديل نصوصه، كما انتقدت النقابة المستقلة للأطباء عدم استشارتها وإشراكها في صياغة مضامينه وتمكينها من إبداء موقفها من بعض مواده.

وطالبت كتلٌ برلمانية الحكومة بسحب مشروع القانون نهائياً، وحذرت الحكومة من الإصرار على التمسك بالقانون في صيغته الحالية.

وقال النائب لخضر بن خلاف لـ"العربي الجديد"، إن الرئيس بوتفليقة مطالب بالتدخل لسحب هذا القانون الخطير الذي يتعارض مع المكاسب الاجتماعية للجزائريين"، وذكر أنه "سبق لبوتفليقة أن تدخل في تعديل نصوص قوانين سابقة، ويجب أن يحدث ذلك مع قانون الصحة المثير للجدل".

المساهمون