العلاقات البينية والجهد المشترك

العلاقات البينية والجهد المشترك

28 فبراير 2018
مركز دراسات في فرنسا (جان كريسوف ماغنينيت/ فرانس برس)
+ الخط -
تعاني الكثير من المراكز البحثية العربية من غربة في عملها، ويعيش العاملون في هذه المراكز في عزلة عن بعضهم بعضاً كأشخاص واهتمامات عمل، ويكاد أحدهم ينزوي مع موضوع بحثه. وفي النادر ما يتلاقى هؤلاء في ورش عمل وندوات، على نحو دوري ودائم؛ وعليه لا يتبادل الباحثون الآراء والنقاشات. ونتيجة هذا العالم المقفل لا يدرك الرأي العام أهمية وضرورة هذه الشريحة للمجتمع، وينسحب الأمر على صاحب القرار. هذا الوضع يتطلب إيلاء الاهتمام بما يلي:

- وضع برامج سنوية تتضمن عقد المؤتمرات المتخصصة المفتوحة أو المقفلة على عدد محدود من الباحثين، أو تنظيم الدورات العلمية، واعتماد كل أشكال تبادل الخبرات بين المراكز العربية ومع المراكز البحثية الغربية، ما من شأنه أن يساعد على تكوين ثروة بشرية ذات نوعية معرفية عالية في مجال اختصاصها وعبر مساهماتها في أبحاث بمجالات عملها وإنتاجها.

- تنسيق العلاقات وتوحيد الجهود عبر المشاريع المشتركة بين مراكز البحوث والدراسات. ما يعزِّز من متانة ما تنتجه من دراسات وأبحاث، وما تتوصل إليه من مشاريع قابلة للتحول إلى مُنتج فكري أو مادي، تنعكس آثاره على المجتمع والدولة والقطاعات.

- وضع التحديات أمام هذه المراكز عبر ربطها بالواقع المجتمعي على الصعيدين العلمي والعملي وفي مواجهة المشكلات المطروحة، وكذلك تكريس اعتمادها مناهج البحث العلمي الحديثة، وتوثيق علاقتها مع مصادر المعلومات الموثوقة؛ باعتبارها أساس إنتاج البحوث والدراسات.

- اعتماد مبدأ التخصص في عمل مراكز الأبحاث العربية، إذ من دون ذلك لا مجال للنجاح في تحقيق الأهداف المطلوبة. وأهمية هذا التوجه أنه يستجيب لتعقيدات وتكاثر المجالات التي تتطلب الدراسة سواء أكانت في الحقول الأدبية والانسانية أو العلمية والتطبيقية. ولعل ظاهرة العولمة والعلاقات الدولية وتداخل مستوياتها مع كل ما طرحته وتطرحه من تحديات تتطلب مواكبتها في المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والقانونية والتجارية تفرض مثل هذا التوجه الذي يتطلب أبحاثاً محددة في مجالاتها الرئيسية والفرعية .

- إن جامعة الدول العربية مطالبة بالقيام بدور أساسي على هذا الصعيد من خلال إنشاء هيئة عربية عليا مسؤولة عن إعداد البرامج السنوية والمشاريع العلمية بعد المناقشة والبحث مع مختلف مراكز الأبحاث كخطوة في اتجاه اعتماد هيكل عربي متكاملٍ يشمل المجالات الملحة على صعيد تبادل الباحثين والأبحاث والدراسات.



- قيام إطار مؤسسي لمراكز الأبحاث المنتشرة في طول الوطن العربيّ وعرضه، على أن يسبقه قيام أطر وطنية موحدة؛ وذلك لتحقيق التنسيق على الصعيدين المحلي والقومي. ما يفتح على قيام الإطار الأوسع متمثلاً في منظمة عربية بحثية تضع في اهتمامها إعداد جدول أعمال متدرج يبدأ من تكوين قاعدة بيانات علمية موحدة من خلال شبكات تواصل رقمية إلى عقد مؤتمر بحثي عربي سنوي لتحديد أبرز المشكلات - وما أكثرها - ووضع السياسات المستقبلية لقيام الطاقة البحثية العربية بدورها الريادي .

لقد آن الأوان كي تصبح هذه المؤسسات ذات دور رائد في خدمة قضايا المجتمع بدل ترك الحبل على غاربه للمشعوذين وأصحاب التصورات البالية.

(أستاذ جامعي)

المساهمون