​إضراب نسائي عام في إسرائيل احتجاجاً على قتل النساء

​إضراب نسائي عام في إسرائيل احتجاجاً على قتل النساء

04 ديسمبر 2018
العنف قد يطالها... بالتالي هي معنيّة بالإضراب (فرانس برس)
+ الخط -

تشهد إسرائيل إضراباً عاماً، اليوم الثلاثاء، دعت إليه منظمات تُعنى بشؤون المرأة، وانضمّت إليها مؤسسات وجهات مختلفة، احتجاجاً على الزيادة المسجّلة في جرائم القتل التي تستهدف النساء والفتيات. فذلك يأتي وسط تجاهل وتقصير من قبل الشرطة والجهات المعنية عموماً، في ما يتعلق بالحدّ من تلك الجرائم التي سقطت ضحيتها هذا العام 24 امرأة حتى اليوم.

وراحت تلك المنظمات في خلال الأسبوع المنصرم، مع الكشف عن جريمتَي قتل في اليوم نفسه، ذهبت ضحيتها يارا أيوب، البالغة من العمر 16 عاماً، من قرية الجش (الجليل)، وفتاة أخرى تُدعى سيلفانا تسغاي، تبلغ من العمر 13 عاماً، وهي ابنة طالبة لجوء إريترية، في جنوب تل أبيب. وقد أُطلِقت كذلك الدعوة إلى الإضراب العام بعد إسقاط الائتلاف الحكومي الأسبوع الماضي مشروع قانون يقضي بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في جرائم قتل النساء، وتلكؤ الحكومة عن صرف مبلغ 250 مليون شيقل (نحو 67 مليون دولار أميركي)، كان قد أُقِرّ لخمسة أعوام في السياق نفسه. يُذكر أنّه وحتى اليوم، لم يصرَف من ذلك المبلغ، بعد نحو أربعة أعوام على تشكيل الحكومة الحالية، إلا نحو 50 مليون شيقل (نحو 13 مليون دولار).

وبصورة لافتة وغير مألوفة، تداعت جهات في السلطات المحلية والمجالس المختلفة والبلديات إلى الانضمام للإضراب العام، معلنة أنّها سوف تسمح للموظفات والعاملات فيها بالمشاركة في الإضراب. ومن البلديات، تُذكَر إلى جانب بلدية تل أبيب ومدن كبرى أخرى، سلطات محلية عربية عدّة، من قبيل الطيبة وسخنين وجلجولية وطمرة وعرابة وشعب والطيرة وقلنسوة وكفر قاسم ودير حنا وكفر برا. والاندفاع العربي في الداخل الفلسطيني للمشاركة في الإضراب العام ليس مفاجئاً، إذ إنّه يأتي على خلفية التمييز المتواصل من قبل الشرطة والأجهزة والوزارات المختلفة، على الرغم من المشكلات المتعلقة بالتعاون بين جهات مدنية عربية وأخرى إسرائيلية.




في السياق، تقول مديرة جمعية "نعم - نساء عربيات في المركز"، سماح سلايمة، لـ"العربي الجديد"، إنّه "على الرغم من صعوبة الشراكة العربية اليهودية في كل قضايانا المجتمعية، فإنّ الوضع الحالي المتعلق بقضايا قتل النساء بات وضعاً لا يُطاق، لا سيّما أنّ بشاعة الجرائم تزداد في كل عام". تضيف أنّ "تكاتف الأيادي صار بالتالي أكثر أهمية من أيّ وقت مضى"، بهدف تسليط الضوء على قضايا النساء. وتؤكد سلايمة: "نحن كنسويات فلسطينيات مدركات كمّ الإجحاف والتمييز والإهمال في حقنا من قبل المؤسسات الحكومية وسياساتها على مدى السنين، خصوصاً في كلّ ما يتعلّق ببناء مجتمع خال من العنف ومتطوّر ومتنوّر".

وتوضح سلايمة: "ونحن وحدنا كنساء عربيّات لن نتمكّن من إعلان الإضراب العام، لأنّنا لا نملك ما يكفي من قوة سياسية وتنظيمية لإغلاق شوارع وشلّ حركة السير. لذا، قرّرنا خوض تجربة العمل المشترك في قضايا قتل النساء، فنحن نتألم كلّما قُتلت امرأة أو طفلة. فهذه الطريقة قد تؤثّر في صانعي القرار في حكومة الإيذاء والاستعلاء الحاليّة، في حين أنّ أجندتها الاستيطانية القامعة لن تردعنا عن رفع صوتنا الصارخ ضدّ كل أنواع العنف ضدنا". وتتابع: "نأمل أن نترجم هذا التضامن بخطة عمل شاملة في السلطات المحلية لمناهضة العنف ضد الذكور والإناث والمجتمع العربي الدامي والمتألم عموماً من جرّاء السلاح وفوضى الأخلاق. ونحن كجمعيات نسوية مطالبنا واضحة، ولن نوقف النضال ما دام دمنا مستباحاً".

من جهتها، تقول مديرة جمعية نساء ضد العنف، نائلة عواد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التحرّك لإعلان حالة طوارئ أتى بمبادرة منّا ومن جمعيات نسوية فلسطينية وناشطات في المجتمع الإسرائيلي. وجرى التنظيم ودُعيت كل الجمعيات الفاعلة لمناهضة العنف ضد النساء ورفع مكانة المرأة". وتشرح أنّ "الهدف من الإضراب ومن الوقفة والصرخة هو القول إنّه لا يمكننا أن نمرّ على قتل النساء مرور الكرام، خصوصاً الجرائم البشعة الأخيرة. فقد قُتِلت ثلاث نساء في أسبوع واحد وفتاتان في يوم واحد". وتشدّد عواد على أنّه "حان الوقت لفضح هذه السياسة. المسؤولية ليست فقط على وزارة الشرطة، ونحن نتحدث عن وزارة الرفاه الاجتماعي وعن التربية والتعليم. فلا خطط متوفّرة من أجل مكافحة العنف المستشري والموجّه ضدّ النساء، خصوصاً في مجتمعنا الفلسطيني حيث التمييز قائم في الأساس".



تجدر الإشارة إلى أنّ بلدية الطيبة في المثلّث كانت الأولى على مستوى البلديات المبادرة لدعم الإضراب. وفي السياق، يقول المحامي شعاع مصاروة، لـ"العربي الجديد": "نحن أولى البلديات الداعمة والتي أعلنت الإضراب ضد قتل النساء، وذلك في خلال مؤتمر للنساء عقدناه الأسبوع الماضي. فنحن نؤمن بأنّ العنف ليس لغة وبأنّه منبوذ ومرفوض، بل يجب ترجيح كفّة الحوار المبنيّ على الاحترام المتبادل". يضيف مصاروة أنّ "الإضراب لم يكن هدفاً بحدّ ذاته ولن يكون كذلك، بل هو صرخة ألم وتضامن وتكافل مجتمعية. هو صرخة رافضة لفرض العنف وتكريسه لغة ودعوة لعدم الخروج على الإجماع المجتمعي والتغريد في خارج السرب. هو أداة من بين أدوات عدّة للضغط على الجهات المولجة بتطبيق القانون حتى تتحمّل مسؤوليتها وتقوم بواجبها. ومن جهة أخرى، الإضراب هو رسالة تثقيفية للتوعية الداخلية بهدف نشر الوعي حول هذه الآفة التي تنهش مجتمعنا".

في سياق متصل، تقول شيماء ريفي أبو شرخ، التي قُتلت شقيقتها دعاء قبل سنتَين في مدينة اللد، إنّ "دعاء شقيقتي قُتِلت بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول 2016 وكانت ابنة 32 عاماً. قُتِلت أمام أولادها الأربعة، وحتى اليوم ما زال القاتل حراً طليقاً، في حين أنّ الشرطة أغلقت الملف بحجة نقص في الأدلة". تضيف: "أنا أشارك في كل التظاهرات ضد قتل النساء، لأنّه لا شرف في جرائم قتلهنّ. والشرطة الإسرائيلية عنصرية وتميّز ضدّ العرب، لا سيّما في تعاملها مع ملفات قتل النساء العربيات. وعندما تُقتَل امرأة عربية، تدّعي الشرطة بأنّها قُتِلت بحجّة ما يُسمّى بشرف العائلة وتغلق الملفات". وتتابع شيماء: "أدعو النساء المعنّفات إلى تقديم الشكاوى وعدم السكوت عن العنف، بالإضافة إلى المشاركة في الإضراب، اليوم الثلاثاء، لنرفع صوتنا ضدّ جرائم قتل النساء".

المساهمون