أهالي جرف الصخر يسكنون الصحراء رغم التحرير

4 سنوات على تحريرها ولا يزال أهالي جرف الصخر يسكنون الصحراء

26 أكتوبر 2018
لا يسمح لهم بالعودة إلى مدينتهم (العربي الجديد)
+ الخط -
في مثل هذا اليوم من عام 2014، أطلقت القوات العراقية مدعومة بمليشيات الحشد ووحدات إيرانية، عملية طرد تنظيم داعش من مدينة جرف الصخر، شمالي محافظة بابل، وهي المعركة التي انتهت خلال أيام قليلة بعد هزيمة التنظيم، إلا أن السكان البالغ عددهم نحو ربع مليون نسمة ما زالوا يفترشون الصحراء داخل مخيمات متناثرة فيها، ولا يسمح لهم بالعودة إلى مدينتهم منذ أربع سنوات، حيث ترفض مليشيات الحشد إعادتهم وتتخذ من المدينة معسكرا كبيرا لتجمعها وتخزين أسلحتها.

يقول حازم الجنابي، أحد وجهاء جرف الصخر: "لقد وقعنا ضحية الصراع بين القوات الحكومية وتنظيم داعش، وبعد تحرير المدينة من قبل القوات العراقية والحشد الشعبي كنا نأمل بالسماح لنا بالعودة إلى مدينتنا كحال باقي المدن المحررة ولكن ذلك لم يحدث".

ويضيف الجنابي لـ"العربي الجديد"، إنّ "أكثر من ربع مليون مدني ما زالوا مشردين في الصحراء ولا تسمح لهم مليشيات الحشد بالعودة رغم السيطرة الكاملة التي تفرضها القوات العراقية على المدينة، ولا نعرف السبب حتى الآن".

فيما يقول الناشط المدني عبيدة الحسن: "تمر اليوم الذكرى الرابعة لبدء عملية تحرير جرف الصخر من سيطرة تنظيم داعش، لكن المشكلة أنه لم يسمح للأهالي بالعودة، بل وصل الأمر إلى حد أن يصرح مسؤولون في الحكومة بمنع الأهالي من الرجوع إلى مدينتهم رغم تحريرها بالكامل".

ويتابع الحسن لـ"العربي الجديد": "أهالي جرف الصخر يعيشون حالة مأساوية، فهم مشردون ويعيشون في المناطق الصحراوية ولا يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم الزراعية، ولم تفعل الحكومة أي شيء ولم تستجب لكل المناشدات والمطالبات، فيما تصمت وسائل الإعلام المحلية عن مأساتنا".

ووصل الأمر إلى حد مطالبة مجلس محافظة بابل التي تقع منطقة جرف الصخر ضمن صلاحياتها الإدارية، بمحاكمة كل من يطالب بعودة الأهالي إليها، ما جعلها تتحول إلى مدينة أشباح إلا من مليشيات الحشد وبعض القطعات العراقية.

وكان مجلس محافظة بابل قد صوّت بالإجماع في أغسطس/آب 2017، على قرار يقضي بإقامة دعوى قضائية ضد أي جهة سياسية أو حزبية تطالب بعودة نازحي جرف الصخر، ما أشعل جدلاً سياسياً وشعبياً في البلاد

لكن سياسيين آخرين كشفوا عن أسباب أخرى تقف وراء منع عودة النازحين من أهالي جرف الصخر، كان أبرزهم نائب رئيس الجمهورية والسياسي البارز إياد علاوي، الذي اتهم في تصريحات صحافية منتصف 2017، إيران بالوقوف وراء هذا القرار.

ويقول علاوي في تصريحات سابقة، إنّ "قائدين في الحشد الشعبي توجها إلى إيران لمناقشة موضوع جرف الصخر"، مبيناً أنّ "أحد القادة الاثنين (هادي العامري وأبو مهدي المهندس) قال لي إن إيران دعته فذهب بخصوص النازحين، وحولته طهران إلى شخص يعيش في لبنان"، متسائلاً "ما علاقة إيران ولبنان؟".

وسبق أن طالب تحالف القوى السنية رئيس الوزراء حيدر العبادي، بإعادة أهالي جرف الصخر إلى مدينتهم بعد تحريرها محذراً من حصول تغيير ديموغرافي في المدينة.

مضت أربع سنوات على تحريرها من داعش (العربي الجديد)

محللون اعتبروا أن منع عودة نازحي جرف الصخر حتى الآن رغم مرور أربع سنوات على تحريرها من قبل القوات العراقية، قضية سياسية طائفية تحمل أهدافا ديموغرافية مستقبلية.

ويوضح المحلل السياسي عايد الشمري، قائلا: "تعتبر قضية جرف الصخر سياسية بامتياز وبتدخل إيراني مباشر، وطهران هي التي تمنع عودة النازحين إليها لأهداف سياسية ديموغرافية لتغيير طبيعة النسيج السكاني في المنطقة الواقعة جنوب بغداد وشمال محافظة بابل".

ويتابع الشمري لـ"العربي الجديد": "حصل ضغط كبير على المناطق الواقعة جنوب بغداد وشمال محافظة بابل بعد عام 2003 لإفراغها من السكان السنة، بدفع من جهات سياسية وحزبية موالية لإيران وبدعم إيراني كامل، في محاولة لإفراغ تلك المناطق من سكانها الأصليين واستبدالهم بآخرين لأسباب طائفية".

السكان ممنوعون من العودة (العربي الجديد) 

فيما يقول خبراء الأمن إنه لم تعد هناك أي تهديدات تشكلها منطقة جرف الصخر على الأمن.


ويقول الخبير الأمني جاسم العبيدي، إن "القوات العراقية ومليشيات الحشد تسيطر بشكل كامل على منطقة جرف الصخر منذ أربع سنوات، ولم تبق منطقة حولها أو قريبة منها إلا خضعت لسيطرة القوات العراقية والحشد الشعبي بشكل كامل، وليست هناك أي تهديدات أمنية كما يتذرع بعض القادة في الحكومة".

ويتابع العبيدي "قضية جرف الصخر واضحة بشكل لا لبس فيه، إنها طائفية سياسية، ولذلك لا يسمح للأهالي بالعودة رغم أنه مشردون ومعظمهم يعيشون في المناطق الصحراوية".