تركيا: تشييع سياسي وشعبي للسورية أماني الرحمون وطفلها

تركيا: تشييع سياسي وشعبي للسورية أماني الرحمون وطفلها

09 يوليو 2017
التشييع في تركيا (فيسبوك)
+ الخط -
ووري جثمانا الأم السورية أماني الرحمون ورضيعها خلف، اليوم الأحد، في محافظة إدلب شمالي غرب سورية، بعد عبورهما معبر باب الهوى. ووصل الجثمانان إلى مطار ولاية هاتاي التركية صباحاً، من ولاية سكاريا، حيث لقيا مصرعهما يوم الخميس الماضي على يد مواطنين تركيين في جريمة بشعة، أثارت غضباً واستنكاراً شعبياً وسياسياً في تركيا.

وتحولت جريمة مقتل الأم أماني (20 عاماً) وابنها خلف (11 شهراً) إلى "قضية رأي عام" في تركيا تطالب بإنزال أشد العقوبات بالمجرمين.

وأبلغ قرويون الشرطة التركية عن عثورهم على الجثتين في إحدى غابات سكاريا الخميس الفائت، والتي تلقت بلاغاً من الزوج عن فقدانهما إثر عودته إلى المنزل، ليتضح بعد التحقيقات أن شابين تركيين خطفا الزوجة الحامل في شهرها السابع، وطفلها، من منزلهما الواقع في حي الخطيب في مدينة سكاريا قبل اغتصاب الأم، وقتلها ورضيعها بتحطيم رأسيهما بالحجارة.

واحتشدت، أمس، جماهير تركية غاضبة أمام القصر العدلي في الولاية، لدى إحضار المتهمين، وحاول بعضهم اقتحام المبنى إلا أن الشرطة حالت دون ذلك. وانهال عدد من المواطنين الأتراك بالضرب على أقرباء القاتلين.


خالد الرحمون زوج المغدورة أماني لا يتمكن من الوقوف (لالي كوكلو/ الأناضول) 


وأكد والي سكاريا، عرفان بالقانلي أوغلو، أن هذه الحادثة لا علاقة لها بالتحريض ضد اللاجئين، وإنما هي جريمة اغتصاب وقتل وحشية وشنعاء، مشدداً على أن الفاعلين سيلقيان العقوبة الأشد التي يستحقانها.

ولاقت صلاة الجنازة على المغدورة وطفلها حضوراً رسمياً وشعبياً تركياً منقطع النظير. وصلّى آلاف الأتراك والسوريين خلال تشييع الجنازتين قبل نقلهما إلى مدينة أدا بازار في سكاريا.

وشارك في مراسم التشييع كلّ من وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية، فاطمة قايا، ورئيس الشؤون الدينية التركي محمد غورميز، والذي أمَّ الناس خلال الصلاة، إلى جانب عدد من مسؤولي حزب العدالة والتنمية. ورفع المشيعون يافطات تدين المجرميْن وتطالب بإعدامهما رغم عدم وجود عقوبة إعدام بتركيا، وتعتبر أن القضية ليست قضية لاجئين سوريين، إنما قضية امرأة.

وقالت الوزيرة فاطمة قايا إنها ستتابع شخصياً الإجراءات القضائية المتعلقة بالجريمة، واصفة الجريمة بأنها مجزرة مريرة ووحشية أصابت أبرياء هربوا من الظلم إلى تركيا، والتي فتحت ذراعيها للجميع. وأشارت إلى أن 80 في المائة‏ من السوريين في تركيا هم من النساء والأطفال وكبار السن.


وزيرة الأسرة التركية في تشييع المغدورة أماني وطفلها (تويتر) 


واعتبر نائب رئيس الوزراء، ويسي قايناق، أن القتلة مجردون من الإنسانية والضمير، وأن هذه الجريمة تمثل أعلى درجات الوحشية، بغض النظر إن كانت الضحية عربية أم تركية أم سورية. وأكد أن القضاء التركي سينزل بالفاعلين أشد عقوبة يستحقانها.

المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، ماهر أونال، دان الجريمة، وقال: "علينا مراجعة ضميرنا ومسؤوليتنا وإخوّتنا مرة أخرى (...)، وهذه جريمة ضد الإنسانية، وخيانة لقيم الإنسانية السامية، ونحن ندين استخدام لغة الكراهية ضد إخواننا السوريين".





وأضاف: "ينبغي على كل شخص، من سياسيين وفنانين وأصحاب مسؤوليات، أن يكونوا أكثر دقة خلال الحديث عن إخواننا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام"، تعليقا على حملة العداء للسوريين التي قادتها بعض الأطراف المعارضة أخيراً.

ولم تغب الأحزاب المعارضة عن المشهد، إذ اعتبر كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، أن الجريمة عمل وحشي وبربري، ولا يمكن تبريره، داعيا إلى إنزال أقسى العقوبات بمرتكبيها.

ونظم مواطنون أتراك وقفة أمام الجامع المركزي في ولاية يالوه (شمال غرب)، للتعبير عن غضبهم.


استنكار الجريمة في تركيا (الأناضول) 


وتبرأ والد المجرم "بيرول كاراجا" منه، وذكر أنه لم يعلم بالجريمة يوم وقوعها، لكنه في اليوم التالي رأى عناصر الشرطة تداهم بيت بيرول، وعند سؤاله عن سبب المداهمة عرف ما قام به ابنه، موضحا أنه سجن في السابق مدة سنتين ونصف السنة على خلفية جرائم غير أخلاقية.

وتابع الأب: "قمت بشطبه من ذاكرتي، لن ألتقيه مرة ثانية، ولا أعرف ماذا سأقول لعائلة المرأة البريئة، وأنا حزين جدا، يا ليت أمه أنجبت حجراً ولم تنجبه".

أما زوجة القاتل كاراجا فأوضحت أنه نام في البيت ليلة تنفيذ الجريمة، وأكدت أنها لن تحمل لقب عائلته بعد اليوم، وستنفصل عنه، وتغير لقب ابنها. وقالت: "من الآن هذا ليس أب أولادي. أنا لم أنم منذ يومين، ومنظر العائلة البريئة لا يبرح مخيلتي".

وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لزوج المغدورة، خالد الرحمون، وهو يبكي ويصرخ طالباً أن يرى جثة زوجته وطفله للمرة الأخيرة.





كذلك نظمت العديد من الهيئات التركية تجمعاً أمام مسجد أورهان بقضاء أدا بازاري، استنكارا للجريمة. وقالت رئيسة اللجنة النسائية باتحاد نقابات موظفي القطاع العام، حبيبة أوجال، في بيان مشترك قرأته باسم منظمات المجتمع المدني، إن "الحادثة الأليمة هي نتاج حملة الكراهية ضد السوريين على منصات التواصل الاجتماعي، والتي دعت السوريين للعودة إلى بلادهم".

ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن نشر بيانات مزورة بأن السوريين في تركيا رفعوا نسبة الجرائم في البلاد، مؤكدةً أن تلك البيانات لا تعكس الحقيقة.

ودان عدد من الناشطون الأتراك الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالعنف ضد المرأة لصمتها عن الحادثة.