وظائف الجامعة

وظائف الجامعة

21 يونيو 2017
إحدى الوظائف إعداد الكوادر البشرية (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
انطلاقاً مما سبق تناوله عن الفارق العملي بين الدراستين خلال المرحلة الثانوية والجامعية وكيف تضغط الأولى على الثانية بفعل عوامل تتعلق بالأستاذ وطرائقه في التدريس والمناهج والوسائل، لا بد أن ننطلق نحو تحديد وظائف الجامعة التي ذكرنا أنها إعداد الكوادر البشرية المؤهلة للقيام بالنشاط البشري المثمر في إطار تنمية المجتمعات. وعليه، نسأل هل الجامعة تقوم بدورها، وكيف تقوم به أو لماذا تعجز عن النهوض بمسؤولياتها ومن هو المسؤول عما تؤول إليه أوضاعها؟

انطلقنا أولاً من أن الجامعة ليست مدرسة ثانوية عليا تختلف أنها تمتلك مكتبة وكافتيريا وعلاقات انضباط أقل لحضور الحصص والساعات المقررة. ولأنها مرحلة تأهيلية عليا للكوادر والكفاءات التي يحتاجها المجتمع الذي ينتدبها فهي مسؤولة عن ثلاث مهام دفعة واحدة هي: التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.

هذا الثالوث هو الأساس للحكم على جامعة ما بالنجاح من عدمه. إذا اعتبرنا أن وظيفة الجامعة هي المساهمة في نهوض المجتمعات العربية وتجاوز حال الانحطاط الراهنة التي تغرق في وحولها المنطقة وتدفع ثمنها فادحاً من دماء ناسها وعمرانها ومقدراتها على كل مستوى وصعيد.

المفارق لدى مقاربة وضع الجامعات في العالم العربي، وسواء أكانت رسمية حكومية أو خاصة أهلية أنها بحاجة إلى الكثير كي تنهض بالمهام الثلاث المنوطة بها على نحو مقبول، وبما يضع التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع في مصاف ما صارت عليه الكثير من جامعات العالم بما فيه جامعات العالم الثالث. ونتحدث هنا عن جامعات أميركا الجنوبية وشرق آسيا وبعض الدول الأفريقية، باعتبار أن المقارنة مع الجامعات الأميركية والأوروبية الأكثر تطوراً ما تزال دونها أميال تتطلب الكثير من الجهد والموارد البشرية والمادية.

والواقع أن الجامعة لا تستطيع أن تقوم بواحدة من المهام وتغفل الثانية أو الثالثة، وإلا فقدت الدور المرشحة له. والمقصود أن الأدوار الثلاثة متكاملة ولكل منها مقوماتها التي يتوجب على مؤسسة التعليم القيام بها دفعة واحدة، وهو ما لا يتيسر ضمن ما هو متوفر في معظم الجامعات العربية. إذ إن تعليم الطلاب لا يمكن له أن ينفصل عن البحث العلمي الذي يتولاه الأساتذة وطلاب الدراسات العليا من خلال المشاريع البحثية والرسائل والأطروحات لنيل درجات علمية أعلى. كما أن قيام الجامعة بدورها التنموي يضعها في صميم ديناميات المجتمع وليس في برج من العاج معزول عن هموم وقضايا تعمل ضمن محيطها.

هذه الأضلاع المثلثة التي استقرت عليها جامعات اليوم لم تأت صدفة أو عفو الخاطر، بل هي نتيجة تطور فعلي طرأ على دور المؤسسة التعليمية منذ أن بدأ يتشكل في وعي القائمين عليها، وفي وعي المجتمع لوظيفة هذه المؤسسة التي يعوِّل عليها في لعب دورها التحديثي والتنموي.
 
*أستاذ جامعي