سوريون موالون هدفهم المال

سوريون موالون هدفهم المال

11 مايو 2017
الرواتب و"التعفيش" هدف بعضهم (جورج أورفليان/ فرانس برس)
+ الخط -
سوريون كثر ينضمون إلى القوات الموالية للنظام في المناطق الخاضعة لسيطرته. منهم من هو مؤيد لها ولخطها ويقاتل في صفوفها إيماناً منه بموقفها مهما كان. لكنّ بعضهم يضطر إلى ذلك تفضيلاً للميليشيا على التجنيد الإجباري في الجيش، خصوصاً أنّ ذلك يؤمّن له راتباً شهرياً وحماية من الاعتقالات العشوائية، بل يفتح له كذلك، باب رزق جيد ولو أنّه غير شرعي.

يقول عبد الرزاق الأحدب، وهو عشريني من محافظة حلب، إنّ "جميع العائلات السورية خسرت، خلال السنوات القليلة الماضية، في الأرواح أو الأرزاق، وكلّ إنسان في المحصلة بحث عن بدائل يؤمّن منها سبل العيش الكريم، تتماشى مع ميوله وظروفه". يضيف أنّ "بعضهم اختار الهجرة للعمل أو الدراسة، وبعضهم الآخر قرر البقاء وتحمل الضغوط والبحث عن أيّ سبيل للعيش، ومن هؤلاء من اختار الالتحاق بمليشياتٍ موالية للنظام، كي ينال الراتب ويتفادى الأذى، على الرغم من عداوته للنظام".

هناك قصص كثيرة عن عناصر تلك الميليشيات الموالية من غير المؤيدين لها، لكنّهم برروا لأنفسهم الانضمام إليها كنوع من الضرورات التي تبيح المحظورات. مهند (24 عاماً) صاحب إحدى القصص تلك. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه كان طالباً في كلية الهندسة قبل أكثر من عام: "كنت في سنتي الرابعة في كلية الهندسة، واخترت أن ألجأ إلى إحدى دول أوروبا، لكنّ رحلة اللجوء انتهت في تركيا بعدما تعرضت لعملية نصب فقدت فيها ما جمعت لي عائلتي من مال للوصول إلى أوروبا، ما أجبرني على العودة إلى سورية. لم أكن حينها قادراً على إكمال دراستي، حوصرت في مدينتي بلا عمل ولا مستقبل ولا قدرة حتى على الحركة، فلم يعد أمامي سوى الطريق الذي هربت منه، اليوم أنا أقاتل في إحدى المجموعات المسلحة الموالية للنظام". يضيف: "أتقاضى 50 ألف ليرة سورية (نحو 100 دولار أميركي) شهرياً. لا خيار لدي في ظل حاجتي وحاجة عائلتي".

من جهته، يقول أبو علي، الخمسيني الذي كان يعمل في الخياطة، لـ"العربي الجديد": "عندما باتت محال الألبسة المستعملة مقصد غالبية العائلات، والتفكير بتفصيل ثوب جديد حلماً للكثيرين، بدأت في بيع تجهيزات ورشتي غرضاً بعد آخر، حتى لم يبقَ لي شيء منها. التحقت بمجموعة مقاتلة موالية للنظام، أستفيد من الراتب ومعه ما أحمله بيدي من مناطق السيطرة، فأبيعه وأستفيد من مردوده". يضيف: "في كلّ مهمة أقول إنّها المرة الأخيرة، لكن عندما أعود إلى عائلتي وأجد أنّ المبلغ المالي الذي حصلت عليه يكاد لا يكفي حاجاتهم الأساسية، في ظل فشلي بالحصول على عمل يؤمن دخلاً مقبولاً، أعود مرغماً للقتال والحصول على الغنائم(التعفيش)".

أما الثلاثيني محمد م. فقد وجد نفسه مسؤولاً عن عائلة مكونة من 9 أشخاص من بينهم ثلاثة أطفال تركهم خلفه أخوه المفقود منذ ثلاث سنوات، وهو نازح من درعا، إلى أحد ضواحي دمشق. يقول لـ"العربي الجديد": "كنت أعمل في إحدى مطابع دمشق، لكني أتعرض للتفتيش على الحواجز الأمنية عدة مرات في اليوم الواحد في طريقي إلى العمل والعودة منه. عند بعضها كنت أنتظر ساعة أو أكثر فقط لأنّ بطاقتي الشخصية تشير إلى أنّي من درعا، بالإضافة إلى طردي مع أسرتي من عدة مناطق للسبب نفسه". يتابع: "نصحني أحد أقاربي بالالتحاق بمجموعة موالية للنظام منحتني بطاقة أمنية فلم أعد أفتَّش على الحواجز أو تطلب مني إحدى الجهات الأمنية الخروج من المنزل الذي أستأجره".

في المقابل، يعتبر الناشط المعارض أبو محمد الدمشقي أنّ "النظام ينتهج سياسة التضييق على السوريين، ليصل إلى وضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما إما الرحيل من الوطن أو القتال في صفوف قواته أو المليشيات الموالية له، كما أنّه المسؤول عن تحويل عناصر تلك المليشيات عبر قياداتها، إلى مجموعات من اللصوص ولاؤهم لمن يدفع أكثر ويعطيهم سلطة أكبر". يلفت إلى أنّ "تلك المليشيات بدأت حتى بضرب بعضها بعضاً، والتخلص من قيادات أو عناصر، جراء صراعها الداخلي على المال، حتى أنّ هناك انعدام ثقة بين مجموعة ومجموعة. وهناك من يتحدث عن تنفيذ إعدامات ميدانية بضباط وعناصر بتهمة الخيانة أو عدم إطاعة الأوامر".

وكان النظام السوري قد شكل بمساعدة حلفائه، في السنوات القليلة الماضية، مليشيات موالية له تسانده في عملياته الحربية وفي حفظ الأمن الداخلي في المناطق التي يسيطر عليها، ووصل الأمر به إلى ضم سجناء سابقين إلى صفوف المليشيات مقابل حريتهم، بالإضافة إلى استمرار عمليات التجنيد الإجباري في الجيش.