جدل واسع في تونس حول وفاة رضيع بخطأ طبي

جدل واسع في تونس حول وفاة رضيع بخطأ طبي

07 فبراير 2017
إطلاق سراح الطبيبة لعدم وجود خطأ طبي(أورلاندو سييرو/فرانس برس)
+ الخط -
"أعلمتني إدارة مستشفى فرحات حشاد بسوسة، وسط تونس، أن الجنين الذي وضعته زوجتي، والذي لم تعد تفصله عن الشهر السابع سوى 4 أيام، توفي مباشرة بعد الولادة، وبدأت في إعداد وثائق الدفن، وسلموني إياه في اليوم التالي في علبة كرتونية، وبمجرد أن حملته بين ذراعي بدأ في البكاء".


بعبارات لا تخلو من نبرات حزينة، تحدث الوالد جمال من محافظة سوسة، لـ"العربي الجديد" عن قصة وفاة وليده آدم، والحادثة التي تناقلتها أغلب وسائل الإعلام المحلية في تونس، والتي لا تزال محل جدل واسع.


ويضيف جمال، إنّ الممرضة حملت الرضيع الذي أشيع أنه أودع بيت الأموات، وسارعت بنقله إلى الأطباء لتختفي في لمح البصر صارخة إنه حيّ، مبينا أنّ ما صدمه أكثر أنه عندما توجه إلى إدارة المستشفى للاستفسار عما حدث، وهل أودع آدم فعلا بيت الأموات (المشرحة) مثلما تكشف الوثائق التي تسلمها من إدارة المستشفى؟


حمل جمال ابنه آدم إلى البيت، غير مصدق بأنه لا يزال على قيد الحياة، ولكنه توفي بعد سويعات، ويؤكد الأب الملتاع أن آدم هو ثالث أبنائه، ولو توفي مباشرة بعد الولادة كان سيتقبل الحادثة باعتبارها قضاء وقدراً.



وبيّن أن الرضيع بقي 16 ساعة مهملاً بلا عناية، مرميا في علبة كرتونية في ركن ما من قسم التوليد بالمستشفى، أو في بيت الأموات، مشيراً إلى التقصير والإهمال. كما أكد أنّ زوجته في حالة نفسية صعبة، إذ حاول جاهدا إخفاء الأمر عنها لكن انتشار الخبر في المستشفى جعلها تعلم بتفاصيل الحادثة.


وشدد الأب على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الحادثة، متسائلا كيف يوّقع طبيب على وثيقة وفاة، والرضيع لا يزال حيا؟ ثم كيف تلقى جثة في علبة كرتونية؟


وأكدت الكاتبة العامة للنقابة العامة للأطباء والصيادلة، حبيبة ميزوني، لوسائل الإعلام أمس الاثنين أن الخطأ الوحيد الذي حصل هو وضع الطفل في صندوق ورقي، معتبرة أن ما حصل هو تعامل غير إنساني. لكنها أكدت في المقابل أن لا خطأ طبيا سبب وفاة الرضيع.




ونفت وزيرة الصحة، سميرة مرعي فريعه، أمس الاثنين خلال لقاء إعلامي، خصص لكشف ملابسات الحادثة، وجود أي خطأ طبي أدى إلى وفاة الرضيع.


وقالت الوزيرة إن حالة الأم كانت دقيقة وحرجة، الأمر الذي تتطلب إجراء عملية قيصرية لإنقاذ حياتها، مشيرة إلى أن ولادة الجنين كانت مبكرة، وأنه خلافا لما تم تداوله فإن الرضيع لم يوضع في ثلاجة الأموات بعد وفاته.


وأكدت الوزيرة تكليف لجنة لتقديم تقرير مفصّل حول وفاة الرضيع في مستشفى فرحات حشّاد بسوسة يوم السّبت الماضي. وشددت أن وزارة الصحّة ستقترح مشروع قانون لتدارك الثّغرات القانونيّة في مجال الصحّة، وأنها ستطالب بتغيير طريقة التّواصل مع المريض، وتجهيز المستشفيات بكامل المحافظات التونسية بالتّجهيزات اللازمة.


وعبرت الوزارة في بيان لها أمس، عن تعاطفها مع أسرة الرضيع وتفهم الحالة النفسية للأبوين اللذين فقدا رضيعهما، مشيرة إلى أن العملية القيصرية التي أجريت للأم كانت بعلم الزوجين وهما على علم أيضا أن نسبة حياة الجنين منعدمة لأنه لم يتجاوز 25 أسبوعا (في الشهر السادس من الحمل) ووزنه لم يتجاوز 1.1 كلغ.


وأوضحت الوزارة في بيانها أنه تم إنعاش الجنين مدة 20 دقيقة من طرف الطبيبة المقيمة ولكنه لم يتمكن من استعادة العلامات الحيوية الكاملة، وعليه فإن أمل الحياة بالنسبة إليه منعدم، ولكن يمكن للجنين ان يبقى بضع ساعات على قيد الحياة أي يتنفس.


وكشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في سوسة، محمد رؤوف اليوسفي، اليوم الثلاثاء، أن التحقيق مستمر بوفاة الرضيع حديث الولادة في قسم الولادات في مستشفى فرحات حشاد في سوسة السبت الماضي. وأشار إلى أن قاضي التحقيق أبقى الطبيبة في حالة إطلاق سراح بعد دفعها غرامة مالية قدرها 600 دينار.

وترافق توقيف الطبيبة مساء الجمعة الماضي للتحقيق مع احتجاج عدد من الإطارات الطبية وشبه الطبية وطلبة الطب أمام مقر المحكمة الابتدائية بسوسة أمس الاثنين، الذي استهدف زميلتهم بشبهة خطأ طبي، مطالبين بإطلاق سراحها. وعبر المحتجون عن استيائهم الشديد من تعمد بعض وسائل الإعلام تشويه الإطارات الطبية دون التثبت من المعطيات الحقيقية.

دلالات