حالة خيبة

حالة خيبة

16 فبراير 2017
تكثر.. وتجتاحنا (محمد عابد/ فرانس برس)
+ الخط -

خيبة.. خيبات. هي خيبة أمل.. هي خيبات أمل. تكثر تلك الخيبات وتجتاحنا.

هي حالة أو حالات تتحكّم بنا، فتولّد شعوراً عارماً بعجز عن التحكّم بحياتنا.. بمصيرنا. وذلك الإحساس بعدم السيطرة، مولّد للقلق.. هو قلق جارف ينهش دواخلنا ويمضي في نهشها.

تكثر خيبات الأمل.. أملنا. نتوقّف لنقنع أنفسنا بأنّ الأمل ليس سوى مجرّد وهم. ثمّ نتوقّف لنؤكّد على أنّ الخيبات ما كانت لتنهكنا، لو كان الأمل مجرّد وهم. ونُنهَك أكثر.

ونعيش الخيبة. خيبة يرافقها حزن. خيبة يرافقها غضب. خيبة يرافقها إحباط. خيبة ترافقها غيرة... كأنّما الخيبة غير كافية بحدّ ذاتها، فتأتي مقرونة بانفعالات أخرى. مهلاً! ثمّة نظريات تقول بعدم إدراج "الخيبة" أو "خيبة الأمل" على قائمة المشاعر والانفعالات التي تطول وتختلف طبيعتها.

يُقال إنّ الخيبة تشير إلى "عدم الرضا". وهي - الخيبة - كما عدم الرضا، حالة لا تنطوي على أيّ مشاعر. وتأتي مقرونة بانفعالات ومشاعر وأحاسيس. هذا ما تكاد تجزم به المتخصّصة الفرنسيّة في علم النفس ميشيل لاريفيي، وهي واضعة مؤلّف "قوّة الانفعالات/ كيف نميّز الصحيحة من تلك الخاطئة". لكن، يبقى ثمّة تباين دقيق بين الخيبة وعدم الرضا، دائماً بحسب لاريفيي التي تحاول الغوص في النفس البشريّة. الواحد منّا، لا يكون غير راضٍ فحسب، بل تتّسع الفجوة بين الانتظارات التي حملناها بأنفسنا أو حُمّلنا بها وبين واقع ما هو حاصل.

هي حالة إذاً، لا بدّ من أن تُقرَن بانفعال ما.. بشعور ما. خيبة يرافقها حزن. خيبة يرافقها غضب. خيبة يرافقها إحباط. خيبة ترافقها غيرة...

الأمر محسوم. لا خيبة أمل من دون انتظارات مسبقة، سواء أكانت تلك الانتظارات جليّة واضحة أم غير ذلك. هي تلك الفجوة ما بين المُرتقَب - المُشتَهى وبين ما نعيشه واقعاً، التي تخلّف خيبة أملنا.. خيبات أملنا. ويسمح لنا ذلك بالتعرّف على انتظاراتنا. تحديد انتظاراتنا قد تكون مرحلة أولى لتحديد حاجاتنا، بوضوح أكبر. من شأن ذلك أن يبيّن إلى أيّ درجة نحن مسؤولون عن خيباتنا تلك، وإلى أيّ درجة نُحيل المسؤوليّة إلى الآخر.. إلى آخرين.

ويبدو أنّ الانفعالات التي ترافق خيبتنا أو خيباتنا، تأتي لتسعفنا.. لا بل لتنقذنا. ويصبح من المفيد الشعور بها. فتقبّل خيبة الأمل يسمح لنا بضبط انتظاراتنا وملاءمتها مع الواقع.. واقعنا.

"خيبة الأمل، هذا الممرّ الإلزاميّ في حيواتنا التي نريدها مثاليّة، تتولّد من خطأ في التقدير". رأي للمتخصّص في علم النفس العيادي إيف ألكسندر تالمان. هو كذلك من هؤلاء الذين يحاولون الغوص في النفس البشريّة.

نشعر بخيبة أمل. يبدو أنّه من اللزام علينا إعادة صياغة شعورنا، أو تعبيرنا عن شعورنا. نحن في حالة خيبة ونشعر بالحزن.. بالغضب.. بالإحباط.. بالغيرة...


دلالات

المساهمون