علي الراعي يفضّل معاناة اللجوء على المصالحة

علي الراعي يفضّل معاناة اللجوء على المصالحة

09 ديسمبر 2017
"في النهاية أنا غريب" (العربي الجديد)
+ الخط -

يسعى علي الراعي إلى التأقلم مع الحياة في إسطنبول التركية، تلك المدينة الجميلة التي تأسر من يقصدها، غير أنّ حاجز اللغة يبقى عائقاً كبيراً لديه، شأنه شأن اللاجئين السوريين بمعظمهم، إلى جانب التطوّر على مستوى العمل في المجال الاقتصادي.

يخبر علي البالغ من العمر خمسة وعشرين عاماً أنّه "من الصعب الوصول إلى تركيا صفر اليدَين، فثمّة صعوبة في العثور على فرصة عمل، لا سيّما مع عدم إتقان اللغة التركية. فقد ترى نفسك وقد أُجبرت على العمل في مجال غير مهنتك الأصلية كي تؤمّن متطلبات المعيشة، ويكبر الهمّ خصوصاً إذا كانت لديك عائلة".

خلال السنوات الأخيرة، قبل لجوئه إلى تركيا، عمل علي ممرضاً في حيّ بابا عمرو، وفي القلمون وفي ريف حماة، وساهم في إنقاذ حياة عدد كبير من المدنيين الذين طاولهم القصف. أمّا اليوم، فيعمل علي في مرآب سيارات في حيّ كوجا مصطفى باشا في بلدية الفاتح التي تضمّ التجمّع الأكبر للاجئين السوريين في مدينة إسطنبول. يُذكر أنّه في وقت سابق كان يشتغل في معمل لصناعة الأحذية، لكنّه ترك العمل هناك لعدم قدرته على تعلّم اللغة التركية. ويقول: "لم أتمكّن من دراسة اللغة، فالأوضاع الاقتصادية أجبرتني على البحث عن أيّ عمل أكسب منه الرزق". هذه كانت أولويته. كذلك، لم يتمكّن من العمل في مجال التمريض، لأنّه فقد كلّ المستندات الرسمية التي تثبت عمله في الماضي كممرض، فضلاً عن حاجة الأمر إلى إتقان اللغة التركية. ويشير إلى أنّ "العمل في المجال الصحي محظور حتى على الأطباء ذوي الخبرة إذا لم يتقنوا اللغة التركية". ولا يخفي علي أنّه يبحث عن فرصة عمل أخرى، بالتزامن مع عمله في مرآب السيارات، وذلك عبر الاتصال بأصحاب عمل من عرب وسوريين يعملون في مجالات عدّة لا تحتاج إلى إتقان اللغة التركية.

بالنسبة إلى علي فإنّ "تركيا بلد جميل لكنّ العيش فيه صعب. فالبقاء هنا يتطلّب العمل بجهد، إذ إنّ طبيعة الحياة وسرعتها تتطلبان ذلك". ويخبر: "أنا أعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساء، وأتحمّل المعاناة وأصمت عند وقوع أيّ مشكلة في العمل. ففي النهاية أنا غريب". لكنّه يؤكد: "أفضّل البقاء هنا وتحمّل المعاناة على العودة ومصالحة النظام". تجدر الإشارة إلى أنّ علي أصيب في يده وصدره خلال فضّ إحدى التظاهرات في حيّ بابا عمرو في أغسطس/ آب من عام 2011. واليوم، ما زالت الرصاصة في صدره فوق القلب بمسافة قليلة، إذ إنّ إزالتها أمر خطر.

المساهمون