أهل صنعاء وسط المعارك

أهل صنعاء وسط المعارك

05 ديسمبر 2017
الدبابات بين المدنيين في العاصمة (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -
يزداد وضع سكان صنعاء سوءاً مع استمرار المواجهات المسلحة بين فريقي الانقلاب أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر بزعامة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي أعلن عن مقتله أمس

المعارك المشتعلة في العاصمة اليمنية صنعاء تستهدف أكثر ما تستهدف السكان الآمنين المحاصرين في منازلهم. فقد توسعت لتشمل أغلب أحياء العاصمة واستخدم المقاتلون فيها أسلحة ثقيلة مثل الدبابات، بالإضافة إلى الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية على العاصمة.

يعيش معظم المواطنين حصاراً مطبقاً لعدم قدرتهم على الخروج إلى أعمالهم أو قضاء حاجياتهم. معظم محلات المواد الغذائية وأفران الخبز وبقية محلات المواد الأساسية مغلقة وتوقفت حركة السير باستثناء السيارات المحملة بالمسلحين.

يشعر سمير عبد الرحمن، وهو أحد سكان الحي السياسي بصنعاء، بالندم كونه قرر البقاء في منزله رافضاً النزوح منه كما فعل بعض جيرانه. فالوضع أصبح مأساوياً بحسب وصفه. يقول لـ "العربي الجديد" في اتصال هاتفي: "لا نستطيع الخروج من المنزل إطلاقاً بسبب الرصاص الكثيف في كلّ مكان حولنا". يضيف: "لأنّ المواجهات اشتدت بصورة مفاجئة، لم أستطع شراء مواد غذائية تكفي أسرتي للأيام المقبلة، كما حاولت الخروج لشراء دواء السكري لوالدتي لكن لم أستطع لشدة الاشتباكات". يشير إلى غياب دور المنظمات الدولية في مساعدة المحاصرين. ويؤكد عبد الرحمن أنّ معظم المحلات التجارية والمؤسسات والمخابز والصيدليات مغلقة: "إذا صادفنا محلات تبيع المواد الغذائية في أماكن ليس فيها مواجهات فتباع بأسعار خيالية". أما المواطن عبد الله الشدادي وهو أحد القاطنين في شارع الستين الجنوبي، فيؤكد أنّ الجوع والعطش يجبرانهم على الخروج إلى أقرب محل تجاري مفتوح لشراء الماء والغذاء بأسعار ارتفعت بنسبة 100 بالمائة لمعظم المواد الغذائية الأساسية.

تسبب أصوات الانفجارات القريبة من المنازل الرعب الشديد للأطفال. تقول أم فاتن الماوري إنّ بعض المقاتلين في جولة الرويشان بصنعاء يتمركزون عند سور منزلها ليطلقوا النار والمقذوفات إلى الطرف الآخر من هناك، ثم يردّ ذلك الطرف عليهم، وهو ما تسبب في انهيار عصبي لاثنين من أطفالها بسبب الخوف. تضيف الماوري لـ"العربي الجديد": "أحياناً يكون هناك إطلاق نار كثيف أو قذائف بصوت عالٍ جداً يهز المنزل ويبكي كلّ من فيه من نساء وأطفال. نعيش في جحيم وننتظر الموت في أيّ لحظة".

يتعرض بعض المنازل إلى وابل من الرصاص، كما تسقط قذائف أصابت عدداً من المنازل كان آخرها ثلاث قذائف سقطت في شارع 45 جنوب صنعاء. وكانت مدارس صنعاء قد أقفلت أبوابها بعد توسع الاشتباكات وانتشار الدبابات في كثير من الأحياء والشوارع.

إلى ذلك، يقول عضو اللجنة العليا لحماية الأطفال في أمانة العاصمة صنعاء ورئيس مبادرة حماية المدنيين حسن المسوري إنّ الوضع الإنساني خطير جداً. يؤكد أنّ هناك "أسراً محتجزة تعاني من انعدام المياه والمواد الغذائية وحليب الأطفال، بالإضافة إلى أنّ كثيراً من العمال في المحلات التجارية محتجزون وغير قادرين على الخروج بسبب حدة الاشتباكات".

يضيف المسوري لـ"العربي الجديد" أنّهم تلقوا مناشدات من أسر كثيرة محاصرة لا تستطيع مغادرة منازلها: "جرى تشكيل فرق عمل للمساهمة في الإنقاذ حال توقف الاشتباكات، كما أطلقنا نداء استغاثة إنسانياً لتقديم الغذاء والدواء وإجلاء المواطنين المحاصرين في مناطق الاشتباكات".

وبحسب المسوري، فقد جرى التواصل مع 81 أسرة عالقة حتى الآن لترتيب عملية مساعدتها. يؤكد سقوط ضحايا مدنيين وإصابة آخرين: "وجدنا حتى الآن تسع جثث لمواطنين ليست لهم علاقة بالصراع، وتم التأكد من 4 جثث قتلوا بسبب خروجهم لشراء احتياجات لمنازلهم فاستهدفهم القناصة". يلفت إلى تلقيهم بلاغات بفقدان عشرات الأطفال في أماكن المواجهات وما زال البحث عنهم لدى الجهات والأطراف المعنية.





في السياق نفسه، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس الأول الأحد، إنّ الآلاف من سكان العاصمة صنعاء عالقون في منازلهم، مع القليل من الطعام أو الماء، ولا يستطيعون الخروج خوفاً من الاشتباكات بين الحوثيين وقوات صالح المستمرة منذ الأربعاء الماضي، مشددة على أنّ "المدنيين ليسوا جزءاً من المعركة". وأوضح مكتب اللجنة في اليمن عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنّ النساء الحوامل لا يستطعن الوصول إلى المستشفيات خوفاً على حياتهن، واصفة الوضع بالمرير: "الاشتباكات قد أسفرت عن مقتل العشرات ويجب السماح بعمليات الإجلاء والرعاية الطبية لأنّها مسألة حياة أو موت".

من جهتها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إنّ المستشفيات المدعومة منها في صنعاء أُعيد فتحها بشكل جزئي بعد إغلاقها بسبب الاشتباكات. لكنّها أشارت إلى أنّه بالرغم من ذلك ما زال العديد من المرضى غير قادرين على الوصول إليها.

وبحسب مسؤول أممي فإنّ موظفي الأمم المتحدة محاصرون في الأحياء السكنية التي يقطنون فيها في صنعاء منذ اندلاع الاشتباكات. وأشار إلى أنّ القتال يتجه صوب المطار وسيكون من الصعب إجلاء الموظفين التابعين لهم.