رئيس الهيئة التونسية للوقاية من التعذيب يشتكي ضعف الإمكانات

رئيس هيئة الوقاية من التعذيب: الجريمة لم تعد سياسة ممنهجة في تونس

21 ديسمبر 2017
عناصر من الشرطة التونسية (GETTY)
+ الخط -
لم يتغير الحال كثيرا في تونس منذ إنشاء هيئة للوقاية من التعذيب. تراجع عدد الحالات، لكن الجريمة لا تزال موجودة، خصوصا أن الهيئة تعاني من ضعف الإمكانات بِما لا يسمح لها بالتصدي لهذه الممارسات.

ومنذ انتخاب أعضاء الهيئة، واستبعاد شخصيات ناضلت طويلا لأجل حقوق الانسان وتصدت لسياسات التعذيب الممنهج التي تبناها نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، فإن سلسلة من العراقيل والنقائص لم تتوقف، وصولا إلى استقالة رئيسة الهيئة، حميدة الدريدي، رفضا للتهميش وعدم تخصيص أبسط المرافق لعملها.

وعدد رئيس الهيئة الجديد، أستاذ علم الاجتماع، فتحي جراي، لـ"العربي الجديد"، النقائص التي تعاني الهيئة منها، وبينها قلة السيارات المخصصة للتنقل وزيارة السجون ومراكز الإيقاف، ومحدودية الموظفين للقيام بالعمليات المكتبية أو معالجة الملفات والشكايات الواردة، إضافة إلى عدم تفرغ جميع أعضاء مجلس الهيئة، إذ حافظ سبعة أعضاء على عملهم، لأن الأعضاء المنتخبين من قبل البرلمان لا يحصلون على أجر ويكون عملهم تطوعيا.

وتستغل الهيئة الإمكانات المتاحة لتغير المشهد بالاعتمادات القليلة والموارد البشرية الشحيحة المتوفرة، وقامت بزيارات في أنحاء البلاد، من محافظة بنزرت في أقصى الشمال إلى تطاوين في أقصى الجنوب.

وتهدف الهيئة وفق تصريح تأكيد رئيسها لـ"العربي الجديد"، إلى تبليغ رسالة مفادها أنها موجودة وفاعلة في المشهد. وتفادى جراي تحميل المسؤولية لطرف معين في الضغط على الهيئة من خلال الاعتمادات، واكتفى بأنه "حتى وإن وجدت إرادة ما للضغط علينا عبر تعميق أزمتنا المالية، فسنواصل العمل في كنف الاستقلالية".

وتولت الهيئة خلال سنة من عمرها إنجاز 40 زيارة إلى الإصلاحيات والسجون ومراكز الإيقاف والثكنات العسكرية. بعضها في إطار التقصي على إثر شكايات، وجزء آخر في إطار عملها في الوقاية من التعذيب، والتثبت من تقيد المشرفين على تطبيق العقوبات السالبة للحرية وعلى أماكن الاحتجاز بمقتضيات الدستور والقانون المتعلقة بحقوق الإنسان.

وخلصت الهيئة، وفق رئيسها، لاعتبار أن "التعذيب لم يعد سياسة ممنهجة اليوم في تونس، والحالات الموجودة تعد حالات معزولة وتصرفات فردية. عهد التعذيب والتنكيل بالمواطنين انتهى في ظل مناخ حرية التعبير والإعلام، وفي ظل وجود الهيئات والمنظمات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان".

لم يكن تعاطي هيئة الوقاية من التعذيب مع مؤسسات الإيقاف والسجون سهلا في بداية عملها، إذ سجلت معاملة عدائية في غالب الأمر، لكنها استطاعت فرض وجودها كهيكل مهم يمارس صلاحياته القانونية في البحث والتقصي في ملفات التعذيب على هذه المؤسسات التي أضحت تتفهم طبيعة عملها وتسمح لها بالزيارة وفحص الملفات.

وأشار جراي، إلى أن الأمر استدعى تدخل وزيري العدل والداخلية لإصدار مذكرات داخلية من أجل تسهيل عمل الهيئة، وهو ما يدل على أن التعذيب لم يعد سياسة ممنهجة في الدولة بقدر ما هو عدم استيعاب من البعض لمفهوم الأمن الجمهوري ومبادئ حقوق الإنسان.


دلالات