إبداع الإنسان في استغلال الطيور

إبداع الإنسان في استغلال الطيور

03 ديسمبر 2017
يمامة تستريح على رأس متسول في الصين(كازوهيرو نيجو/فرانس برس)
+ الخط -
استخدم الإنسان الحمام الزاجل في نقل الرسائل معتمداً على قدرة تذكره الأماكن التي عاش فيها، وعلى قدرته على العودة إليها مهما بلغت المسافة، لكنّ ذلك العصر انتهى.

كذلك، انتشر استخدام الأوز من أجل تسميده الأرض بالبراز بينما يرعى العشب فوقها، كما صار حاجة للحراسة الليلية في البهو الخلفي للمنازل بسبب قدرته على اكتشاف اللصوص بسرعة وإطلاق العنان لصوته المنبه. انحسرت هذه الوسيلة بشكل كبير أيضاً بعدما وجد الإنسان في آلات الإنذار والكاميرات ضالته.

هناك من البشر من قرر استخدام الطيور الجارحة كالعقبان والصقور والبزاة لصيد الطرائد من غزلان وأرانب وطيور. لكنّ قوة الطائر المستخدم للصيد تتضاءل بمرور الوقت والعمر أو من جراء الإصابة بحادث ما، فيجري التخلي عنه. لكنّ البعض يشتري الطائر الواهن ليستخدمه في عروض أمام الجمهور فيطلقه ثم يستدعيه بالحركة أو الصوت أو بإغراء الطعام. هذه الطريقة معتمدة في مجال العروض إلى يومنا هذا.

استخدام الجوارح من الطير في العروض من أجل كسب المال يبدو أمراً قانونياً لكنّ ما هو غير قانوني يفعله أولئك الذين وجدوا أنّ طيور الغراب والعقعق تستهويها الأغراض اللامعة، فدربوها على نشل الحليّ من البيوت مفتوحة النوافذ وجلبها إليهم، علماً بأنّ ذكاء هذه الطيور يماثل ذكاء الببغاوات.

كذلك، استغل الإنسان غراب البحر (معروف باللوهة السوداء ولا ينتمي إلى فصيلة الغربان) عبر سرقة طعامه من فمه. السلب يجري عن طريق وضع صياد السمك حلقة على عنق اللوهة السوداء وإطلاقه في البحر بالترافق مع ربط ساقه بخيط ليضمن عودته، وعندما يقبض على سمكة ويحاول ابتلاعها بلا جدوى بسبب الحلقة، يحملها إلى صاحبه الذي يكافئه بوجبة صغيرة وهكذا على مدى مرات ومرات.

من السلب إلى أحدث وسيلة جرى ابتكارها وهي التسول. فبعض المتسولين يستغلون طائراً من فصيلة الحسون أو الخضيري أو الشرشور عن طريق تقديم عرض لمتفرجين. يقضي التكتيك بأن يربي المتسول العصفور منذ الصغر ويعلمه تناول القطع المالية المعدنية وجلبها إلى صاحبه. يقف المتسول على قارعة الطريق وعلى يده العصفور الطليق، واضعاً له بعض حبيبات من الحنطة على كفه ليأكل منها، بينما يقف المتفرجون على مسافة منه وعلى كف كلّ منهم قطعة نقود معدنية. ثم يشير المتسول بيده إلى الناس فيطير إليهم العصفور ويلتقط القطعة المعدنية من أحدهم ويلقيها بيد صاحبه الذي يضع له مكانها شيئاً ليأكله. وهكذا تجري العملية حتى يأخذ العصفور كلّ القطع النقدية التي تؤمّن له الاستمتاع بالأكل، بينما يتبارى الناس في ما بينهم مراهنين على من فيهم سيحظى بزيارة العصفور أولاً. وحتى التسول في هذا العصر يتطلب الابتكار والاختراع... واستغلال الطيور.

*اختصاصي في علم الطيور البرية

دلالات