"المجاعة الأضخم" تهدّده

"المجاعة الأضخم" تهدّده

10 نوفمبر 2017
شاءت الأقدار أن يولد يمنياً (عبده حيدر/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تظهر أسنان الصغير كلّها، إذ لم يبلغ عامه الثاني بعد. لكنّ الأقدار التي شاءت أن يولد يمنياً، جعلته من بين هؤلاء الذين يُشتبه في إصابتهم بالكوليرا. وفي أحد مستشفيات مدينة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، كان يبكي وإن لم تنهمر دموعه على خدَّيه. كان يبكي ألماً. من الممكن أن يكون بكاؤه كذلك، خوفاً من الكاميرا التي يحملها المصوّر الصحافي، أو جوعاً.

والجوع اليوم يتهدّد اليمنيين، الأمر الذي حذّر منه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك قائلاً إنّ هذا البلد سوف يواجه "المجاعة الأضخم" منذ عقود، ما قد يؤدّي إلى سقوط "ملايين الضحايا". وقد أتى تصريحه على خلفيّة الحصار الذي فرضه التحالف العربي بقيادة السعوديّة على اليمن الإثنين الماضي، مطالباً بأن "يُصار فوراً إلى استئناف" إدخال المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد. من جهته، دعا مجلس الأمن الدولي التحالف إلى إبقاء الموانئ والمطارات في هذا البلد مفتوحة، لإيصال المساعدات الإنسانية. وقال رئيسه لهذا الشهر سيباستيانو كاردي أنّ أعضاء المجلس عبّروا عن "قلقهم" من جرّاء "الوضع الإنساني الكارثي في اليمن".

يُذكر أنّ الأمم المتحدة وأكثر من 20 منظمة إنسانية دولية عارضت قرار التحالف العسكري بفرض حصار برّي وبحري وجوّي على اليمن، مؤكّدة أنّ ذلك يقرّب ملايين اليمنيين من "الجوع والموت". وقد لفتت المنظمات، ومن بينها "كير" و"أنقذوا الأطفال" و"الإغاثة الإسلامية"، إلى أنّ نحو ثلثَي سكّان اليمن يعتمدون على الإمدادات الآتية من الخارج. أضافت أنّ أكثر من 20 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم سبعة ملايين يواجهون ظروفاً "تشبه المجاعة". ومن المتوقّع أن تنفد الإمدادات الغذائية في غضون ستّة أسابيع، أمّا اللقاحات فخلال شهر واحد فقط. وطالبت المنظمات في بيان أصدرته أمس الخميس بـ"فتح فوري" لجميع المطارات والموانئ.

من جهتها، أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نداءً عاجلاً لإبقاء الحدود اليمنية الجوية والبحرية والبرية مفتوحة بهدف السماح للإمدادات الإنسانية الحيوية بدخول البلاد. وقال المدير الإقليمي للجنة لمنطقتَي الشرق الأدنى والشرق الأوسط روبير مارديني إنّ "الغذاء والأدوية والمستلزمات الضرورية الأخرى لا غنى عنها لنجاة 27 مليون يمني أنهكهم بالفعل النزاع الذي دخل عامه الثالث". تجدر الإشارة إلى أنّ شحنة أقراص الكلورين التي أرسلتها اللجنة للوقاية من مرض الكوليرا، لم تحصل على تصريح بالدخول عبر الحدود الشمالية للبلاد.

في السياق، ندّدت منظمة "أطباء بلا حدود" برفض التحالف السماح لطائراتها بالوصول إلى اليمن منذ خمسة أيام، بهدف تقديم المساعدات الإنسانية لمحتاجيها. وحذّر رئيس بعثة المنظمة إلى اليمن جاستين آرمسترونغ من أنّ تأثير الإغلاق على الرجال والنساء والأطفال في اليمن بات ملموساً، ويضع مئات آلاف الأرواح في خطر، مشيراً إلى أنّ الاقتصاد اليمني المتهالك سوف يزداد سوءاً، وهو الأمر الذي يصعّب على اليمنيين تلبية احتياجاتهم الأساسية.

(العربي الجديد)