شرطيان أميركيان توأمان يعيشان اعتداء لاس فيغاس لحظة بلحظة

شرطيان أميركيان توأمان يعيشان اعتداء لاس فيغاس لحظة بلحظة

07 أكتوبر 2017
الشرطة تفقد أحد عناصرها في اعتداء لاس فيغاس(تويتر)
+ الخط -
لم يكن المحقق الأميركي كاسي كلاركسون يتوقع بأن يصبح ضمن قائمة الضحايا الأحياء لاعتداء لاس فيغاس الذي وقع مساء الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري. بل اعتبر يومها أن وجوده ضمن قوات الأمن في الحفل الموسيقي الحاشد له منفعة مزدوجة، الأولى هي فرصة مشاهدة المطرب الشهير جاسون ألدين على خشبة المسرح، ضمن مهرجان "روت 91 هارفست"، والثانية اكتساب أجرة ساعات العمل الإضافي، بحسب ما تنقل صحيفة "نيويورك تايمز".

وتضيف الصحيفة أنه وقبل الساعة العاشرة من تلك الليلة، انشغل كلاركسون وشريكته تارا بروسنان، بمهام معتادة في مثل تلك المناسبات، وأبرزها مساعدة امرأة في حالة سكر للعثور على سيارة أجرة في شارع لاس فيغاس ستريب، لكن بعد ذلك بدأت طلقات الرصاص تنهمر على الحاضرين من الطابق 32 من مبنى فندق ماندلاي باي المطل على مكان الحفل.

الشقيق التوأم لكاسي الرقيب براندن كلاركسون، في الشرطة أيضاً، تلقى مع وصوله إلى بيته، على بعد أميال قليلة من موقع الاعتداء، مكالمة من صديق يخبره فيها عن حادث إطلاق نار كثيف. كان يعلم أن شقيقه في الخدمة، وكونه من المسؤولين عن إدارة برنامج تدريب شرطة لاس فيغاس في التعامل مع مثل هذه الحوادث، لبس ثيابه، وبعث لشقيقه رسالة عبر الهاتف يسأله إن كان بخير.

لم يتلق رداً، وأقنع نفسه بأن شقيقه لا بد أن يكون منشغلاً في مهماته. وكان كاسي في تلك الأثناء يساعد الناس المذعورين على الهرب والاختباء من زخات الرصاص، وإيصال الجرحى منهم إلى سيارات الإسعاف التي كانت تحملهم نحو المستشفيات.

الرقيب براندن باشر في مساعدة الضباط في مركز قيادة قسم الشرطة، وتتبع ما يصلهم من معلومات أولاً بأول، بما فيها أسماء المصابين. إلى أن وصل ملازم وقال له: "أخوك بحالة جيدة، أصيب بطلقة رصاص في رقبته وهو في مستشفى فالي". عندها شعر بتقلص في معدته واستنجد بربه ليفرج عنه القلق. ودوّن اسم أخيه ضمن قائمة الجرحى على اللوح الكبير في المركز.




لم تُفاجأ عائلة التوأم كلاركسون (33 عاماً) من وجود ولديها معاً في الحادثة ذاتها، وإن اختلفت مهماتهما، أحدهما جرح في خضم واحدة من أسوأ عمليات إطلاق النار الجماعي في التاريخ الأميركي، وساعد في إنقاذ غيره، والثاني أدار من مركزه عناصر الشرطة في ساحة الاعتداء مستعيناً بحدسه، رغم الخوف. لأن عمل الشرطة بالنسبة لعائلتهما هو عمل عائلي، وفق ما تصف الصحيفة.

كاسي كلاركسون كان من الجرحى الذين التقاهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى لاس فيغاس يوم الأربعاء الماضي، وأوضح في مقابلة أجريت معه الخميس "عندما أفكر الآن كيف ساعدت الناس رغم الرصاص الكثيف، يبدو الفعل غبياً، لكنني في حينه أردت تقديم المساعدة رغم احتمال موتي". وتابع "أردت أن أفعل شيئاً، رغم أن الحالة كانت تشعرني بالعجز".

وحتى يوم أمس الجمعة، لم تصل الشرطة إلى دوافع القاتل ستيفن بادوك البالغ من العمر 64 عاماً في إطلاق النار، والذي أحضر معه ترسانة من البنادق إلى جناحه في منتجع وكازينو خليج ماندلاي، فقتل 58 شخصاً وأصاب ما يقرب من 500 قبل قتل نفسه.


الشرطي كاسي كلاركسون خلال اللقاء مع الرئيس دونالد ترامب(فيسبوك) 




وسبق للأخوين كلاركسون أن أكملا تدريبات على أسوأ السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك إطلاق النار في منتجعات وفنادق شاهقة، وكان شكل هذا الاعتداء يشبهها.

والدة التوأم، براندي لويس، هي الأولى في العائلة التي انضمت لقسم الشرطة، وكانت مديرة الإدارة لأكثر من 20 عاماً قبل أن تتقاعد أخيراً. أما والدهما الكابتن دايف لويس الذي عمل في صفوف الشرطة، الذي يدير حالياً مختبر الجريمة في المركز، تلقى مكالمة بخصوص الاعتداء تفيد بأن شرطيين جرحا، أحدهما برقبته والثاني بذراعه لكن من دون ذكر أسماء، وإن شرطياً قتل كان خارج دوامه وبين الحضور.



كاسي وبراندن توأمان حقيقيان، يتطابقان في الشكل تماماً، وانضما إلى أكاديمية الشرطة عند بلوغهما 21 عاماً.

ويوضح كاسي أنه كان وشريكته المحققة تارا بروسنان عندما سمعا صوت طلقات النار، ومع اشتدادها أرسلا إلى المركز رسالة تنبئ بالأمر باستخدام الرقم 434 وهو المصطلح الرسمي لإطلاق النار غير القانوني.



ويقول للصحيفة إنه بدأ بالركض على طول محيط منطقة الحفل، وهي أكبر من ملعبين لكرة القدم مجتمعين "كان الجميع في خطر، تحت وابل الرصاص". صار يطلب من الناس الاحتماء بجدار منخفض. وكان الرصاص يئز قريباً جدا.

ويشير إلى أنه لم يكن يعرف مصدر الرصاص، وكان يظن أن مطلق النار سيقترب في أي ثانية، جهز مسدسه للإطلاق، إلى أن أخبرته شريكته بأنه ينزف من رقبته. ويتابع "لم أشعر بالإصابة، ولا بالألم، ربما بسبب تدفق الأدرينالين، وظللت أفكر، لماذا لم أمت بعد؟ ورغم ذلك أردت أن أقوم بما يجب عمله".

زخات الرصاص لم تتوقف، وصار الناس يبحثون عن طريقة للهرب، الجثث في كل مكان، كذلك الجرحى، يكمل كاسي. ويضيف "ضغطت شريكتي على جرحي، واتجهنا نحو خيمة الإسعاف الخاصة بالحفل، عندها أعلمتني الممرضة أن النزيف لا يتدفق وإنما يسيل رويداً.



ومع قدوم الدعم من الشرطة والمسعفين، نقل كاسي مع الجرحى إلى المستشفى. إصابته لم تكن بالغة لحسن حظه، واحتاج الأمر إلى بعض الغرز لإغلاق الجرح.

في مركز الشرطة كان الطاقم المتابع للعمل بمساعدة براندن، يطلب من الأخير الذهاب إلى المستشفى للاطمئنان على شقيقه الذي أكمل عمله بعد تأكده من أن أخاه حيّاً يرزق.

وتصف صحيفة "نيويورك تايمز" لحظة وصول كاسي إلى مركز الشرطة بعد مغادرته المستشفى، حيث ساد الصمت ليتابع الجميع لقاء الشقيقين، اللذين تعانقا مطولاً، لكنهما ما لبثا أن تابعا عملهما.