استياء وغضب من "جمعة السيسي".. السعادة في الآخرة

استياء وغضب من "جمعة السيسي".. السعادة في الآخرة

13 يناير 2017
تناسى الخطباء الحالة المعيشية المتردية (خالد دسوقي/Getty)
+ الخط -


"السعادة في كل شيء إلا المال.. السعادة في الأمن.. انظروا لأهل سورية.. احمدوا ربنا على السعادة اللي نعيشها في مصر.."، عبارات رددها خطباء المساجد في مصر، اليوم، خلال خطبة الجمعة، التي حددتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وفق خطتها لتطوير الخطاب الديني عبر "الخطبة الموحدة" و"الخطبة المكتوبة".

وتناسى الخطباء الحالة المعيشية المتردية التي يعانيها الأغنياء والفقراء ومحدودو الدخل في مصر، بسبب الفقر والبطالة والغلاء الذي يضرب كل مناحي الحياة في مصر.

كثير من المصلين أبدوا استياءهم من الحالة التي يحاول الخطباء أن يصوروها للمواطنين، رغم أنهم يصطلون بغلاء الأسعار ونقص السلع الأساسية.

وقال "محمود ش." في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إن خطيب مسجد النور بالإسماعيلية كاد أن يصيب المصلين بجلطة، لحديثه عن السعادة التي يعيشها المصريون في أمن وأمان"، مشيرا إلى أن "كثيرا من المصلين باتوا ينتظرون خارج المسجد لإقامة الصلاة، هروبا من ارتفاع الضغط من كلام الشيوخ".

أما سيد أ. ج. (مواطن خمسيني يعمل معلماً بالأزهر بالفيوم)، فأكد أن الدين أصبح وسيلة لسيطرة النظام على الشعب، وهو ما يمكن وصفه بامتهان الإسلام وليّ نصوص القرآن والسنة من أجل دعم السيسي وبقائه جاثما على قلوب الشعب المصري.​



وكانت وزارة الأوقاف قد حددت موضوع خطبة الجمعة، اليوم، بعنوان "الطريق إلى السعادة"، وطالبت جميع الأئمة والخطباء بالالتزام بنص الخطبة أو بجوهرها.

يذكر أن مصر تحتل المركز 120 في مؤشر السعادة العالمي، الذي يرصد حالة السعادة في 157 دولة، والصادر في مارس/ آذار 2016، بمناسبة اليوم العالمي للسعادة، واعتمد التقرير السنوي الرابع للدول الأكثر سعادة عالميًا، والصادر عن شبكة حلول التطوير المستدامة "SDSN"، التابعة للأمم المتحدة، على عدة معايير؛ مثل حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي في دولته، ومتوسط العمر المتوقع، ومعدلات الفساد والحريات المتاحة، وظروف الحياة اليومية، ونظام الحكم السياسي ومستوى الفساد في المجتمع والتعليم والصحة والأجور، وقدرة الأفراد على تقرير مستقبلهم.

وفي 10 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت وزارة الأوقاف انتهاءها من إعداد خطة للدعوة الإسلامية في البلاد، وموضوعات خطب الجمعة لمدة خمس سنوات مقبلة، تمهيدا لإرسالها إلى عبد الفتاح السيسي لاعتمادها قبل البدء في إلقائها بالمساجد.

وقال بيان للوزارة، إن لجانا علمية تابعة للجنة تجديد الخطاب الديني التي أمر السيسي بتشكيلها أثناء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الشهر الماضي، كتبت موضوعات الخطب بمشاركة نخبة أساتذة وعلماء دين ونفس واجتماع، ستعرض قريباً على موقع الوزارة على الإنترنت لتلقي أية ملاحظات أو مقترحات بشأنها.

وأوضحت أن موضوعات الخطب التي تم إعدادها شملت 13 محوراً، من بينها الأخلاق والقيم الوطنية والتطرف والإرهاب والعمل وبناء الأسرة والشباب والمرأة والمناسبات الدينية، مشيرة إلى أنه في حالة حدوث أي مستجدات أو حوادث طارئة "سيتم تخصيص الجزء الثاني من الخطبة لمعالجتها في حدود ما تقتضيه طبيعة كل ظرف على حدة".

وهذا ما وصفه أستاذ العلوم السياسية، محمد شوقي، "بالقرار الذي يهدف بشكل أساس وواضح إلى إحكام سيطرة الأوقاف على المساجد من منطلق أمني بحت، وهذا ما جعل الوزارة تضع القرار في يد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أعلن أكثر من مرة رغبته في السيطرة على المساجد حتى لا تنتشر أفكار متطرفة وإرهابية من خلالها"، على حد تعبيره.

يشار إلى أن التجربة نفسها لجأ إليها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، خلال فترة تولي الدكتور عبد العزيز كامل وزارة الأوقاف، وتعميمه خطبا استرشادية للمساجد، بعنوان "في نهر الدين".

وهو ما أشار إليه د. عبد العزيز كامل في مذكراته "في نهر الحياة"، الصادر عن دار القلم في 2008، بالقاهرة، مشيرا إلى أنه حرص على ربطها بالواقع والقيم الأخلاقية وجعل الدين قائدا في الحياة، بعكس ما يهدف السيسي حالياً، من جعل الدين وسيلة لإخماد المشاعر الحياتية وتنويما للثورة في قلوب المصريين، وامتصاص الغضب من نفوس الشعب الغاضب، ليترك الدنيا لنظام السيسي، عله يجد العوض في الآخرة.

وهذا يعني بقاء السيسي لفترة رئاسية ثانية، تنتهي بعد 5 سنوات، التي تقتصر عليها الخطب الموحدة التي اعتمدتها "الأوقاف" أخيرا.